شهدت العملة الأمريكية، الدولار، ارتفاعًا ملحوظًا أمام الجنيه المصري خلال تعاملات اليوم، الأربعاء، حيث سجلت مستوى 47.45 جنيه للشراء و47.55 جنيه للبيع في مصرف أبوظبي التجاري مصر.
هذا الارتفاع جاء بمقدار 10 قروش تقريبًا في المتوسط مقارنة بأسعار الصرف في معظم البنوك الأخرى بالسوق.
يأتي هذا الارتفاع في وقت حساس يتزامن مع موعد استحقاق سند بقيمة 1.250 مليار دولار على الحكومة والصادر في عام 2020، والمقرر استحقاقه اليوم، الأربعاء، وفقًا لبيانات الدين الخارجي لمصر.
[[system-code:ad:autoads]]
تحليل لأسباب ارتفاع الدولار
استحقاق السندات الدولية
تؤدي استحقاقات السندات الدولية دورًا كبيرًا في الضغط على العملة المحلية.
وفقًا لبيانات وزارة المالية، يوجد سند آخر بقيمة 1.350 مليار دولار يستحق في نوفمبر المقبل.
هذه الاستحقاقات المالية تعني أن الحكومة تحتاج لتوفير مبالغ كبيرة بالدولار لسداد الديون، مما يزيد الطلب على العملة الأجنبية ويؤدي إلى ارتفاع قيمتها أمام الجنيه.
[[system-code:ad:autoads]]
ضغوط مبيعات أذون الخزانة
أشارت مصادر مصرفية إلى أن الضغوط على العملة المصرية تتزايد في نهاية كل أسبوع تقريبًا بسبب مبيعات أذون الخزانة.
يتسبب بيع هذه الأذون في زيادة الطلب على الدولار، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره، وهذه الظاهرة تبرز بشكل خاص في الأسابيع التي تشهد سداد مستحقات كبيرة أو تحويلات دولارية ضخمة.
التعويم وتأثيره على السوق
منذ قرار تعويم الجنيه في 6 مارس الماضي، تنازل المصريون عن ما يزيد على 3 مليارات دولار لصالح البنوك وشركات الصرافة.
هذا التعويم أثر بشكل مباشر على حركة العملة، حيث بات تدبير الدولار يتم بشكل أكثر انسيابية ولكن بسعر أعلى، تبعًا لذلك.
تدفقات الدولار من المصريين في الخارج
تحويلات المصريين العاملين في الخارج
أكدت مصادر مطلعة أن حجم تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال الفترة المذكورة، متضمنة حصيلة مبادرة استيراد السيارات للاستخدام الشخصي، بلغ نحو 7 مليارات دولار.
هذه التحويلات تعد من العوامل الأساسية التي تدعم الاحتياطيات الأجنبية في البلاد، إلا أنها لم تكن كافية لوقف ارتفاع الدولار أمام الجنيه في السوق المحلية.
التدفقات الأجنبية والاستثمار في أدوات الدين
قدرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني التدفقات التي تلقتها مصر من الأجانب بنحو 20 مليار دولار منذ التعويم الأخير في 6 مارس الماضي، بخلاف صفقة رأس الحكمة، كما بلغ صافي مشتريات الأجانب في أدوات الدين الحكومي منذ بداية مارس وحتى منتصف مايو الحالي نحو 16 مليار دولار، وفقًا لبيانات البورصة المصرية.
هذه التدفقات ساهمت في توفير بعض الاستقرار، لكنها لم تتمكن من تقليل الضغوط الكبيرة على الجنيه.
تحليل اقتصادي للأوضاع الحالية
زيادة الطلب على الدولار
الطلب المتزايد على الدولار ناتج عن عدة عوامل منها استحقاق السندات، والضغوط على أذون الخزانة، والتحويلات الكبيرة التي تحتاجها الحكومة لسداد الديون، كل هذه العوامل مجتمعة تساهم في رفع سعر الدولار أمام الجنيه.
تأثيرات التضخم
ارتفاع سعر الدولار يؤثر بشكل مباشر على مستويات التضخم في البلاد، وارتفاع الأسعار السلع المستوردة، خاصة الأساسية منها، يزيد من الضغط على ميزانية الأسر المصرية ويؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية.
السياسات النقدية
تسعى الحكومة والبنك المركزي المصري لاتخاذ سياسات نقدية تهدف إلى تقليل الضغوط على الجنيه المصري، ومن بين هذه السياسات التحكم في سعر الفائدة وتقديم حوافز للاستثمار الأجنبي المباشر، بالإضافة إلى تعزيز الاحتياطيات من العملة الأجنبية.
تتطلب مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية جهودًا متضافرة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ومن الضروري تبني استراتيجيات شاملة لتعزيز استقرار العملة المحلية وزيادة التدفقات النقدية الأجنبية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.