في خضم سنوات طويلة من الجدل والمناقشات والمقترحات والتصورات المختلفة، اقترب أخيرًا إصدار قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر، ليكون أول قانون في تاريخ مصر ينظم الأحوال الشخصية للمسيحيين بكافة طوائفهم، وبشكل متكامل وموحد. وهذه الخطوة تُعد إنجازًا تاريخيًا يعالج المطالبات والمشكلات التي كانت موضوع جدل طويل الأمد.
[[system-code:ad:autoads]]
تفاصيل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين
وفي فبراير الماضي، عندما عقد الرئيس السيسي اجتماعًا مع المستشار عمر مروان وزير العدل، اطلع على تطورات الانتهاء من صياغة مشروعات القوانين المتعلقة بالأسرة، ومن بينها قانون الأحوال الشخصية للمواطنين المسيحيين، ووجه وقتها بإجراء حوار مجتمعي معمق واستيعاب مختلف الشواغل والآراء التي من شأنها تحقيق الأهداف المنشودة من القوانين لصالح الأسرة المصرية وتحقيق المصلحة العامة.
[[system-code:ad:autoads]]
والآن وبعد 3 أشهر من الاجتماع الأخير، أصبح هناك مشروع قانون واضح انتهت منه الجهات المعنية لأول مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر يعالج كافة الأمور التي كانت محل مطالبات طول الفترة الماضية بعدما توصلت الجهات المعنية إلى الصيغة المناسبة لمواد القانون، وبعد توافق الطوائف المسيحية المختلفة في مصر عليها.
الخطوبة
وحسب مصادر، فأن القانون يبدأ بمعالجة أمور الخطوبة واضعًا عدد من الضوابط، وعرفها مشروع القانون بأنها وعد متبادل غير ملزم بين رجل وامرأة بالزواج في أجل محدد. بالنسبة للطوائف الكاثوليكية والإنجيلية والسريان الأرثوذكس والروم الأرثوذكس، يجوز عقد الخطبة بين أتباعهم وأتباع الطوائف الأخرى، أما بالنسبة لطائفتي الأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، فلا يجوز منها إلا لمتحدي الطائفة والملة.
ونص القانون على أنه في جميع الأحوال، لا يجوز عقد الخطبة إلا بعد تقديم شهادة خلو من الموانع التي يحددها القانون والشهادة الطبية الصادرة بقرار وزيري الصحة والتنمية المحلية في هذا الشأن، كما لا تجوز الخطبة إذا كان أي من الخاطب أو المخطوبة يقل عن 18 سنة.
وإذا عدل الخاطب عن الخطبة، بغير سبب مقبول، فلا يحق له استرداد ما يكون قد قدمه من شبكة أو هدايا. وإذا عدلت المخطوبة عن الخطبة، بغير سبب مقبول، فللخاطب أن يسترد ما قدمه لها من شبكة أو هدايا غير المستهلكة، أو قيمتها وقت الرد وفقًا للقانون.
حدد القانون أسباب إنهاء الخطبة على هذا النحو:
- إذا تبين وجود مانع شرعي بين الخطيبين يمنع من إتمام الزواج بينهما.
- إذا انخرط أحد الخطيبين في مجال الرهبنة.
- إذا توفي أحد الخطيبين قبل عقد الزواج.
- إذا عدل أي من الخطيبين عن الخطبة.
- إذا غاب أحد الخطيبين مدة سنة ميلادية متصلة بغير عذر مقبول.
- إذا تبين تغيير أحد الخطيبين طائفته، وذلك بالنسبة لطائفتي الأقباط الأرثوذكس، والأرمن الأرثوذكس وكذلك تغيير الديانة.
الزواج
كان ملف الزواج الأكثر جدلية في الفترة الماضية، حيث نص القانون على أنه فيما يتعلق بالطوائف الكاثوليكية والإنجيلية والسريان الأرثوذكس والروم الأرثوذكس، يجوز عقد الزواج بين أتباعها وأتباع الطوائف الأخرى التي يسري عليها هذا القانون. وتسري أحكام الطائفة التي عقد الزواج بموجبها على كل ما ينطق بالزواج وآثاره.
أما بالنسبة لطائفتي الأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، فلا يجوز عقد الزواج إلا لمتحدي الطائفة والملة.
وتضمنت إجراءات الزواج حصول الزوجين على شهادة خلوهما من الموانع الزوجية من الكنيسة التي ينتمي كل منهما إليها. بالنسبة لطائفة الروم الأرثوذكس، يتم الحصول على تصريح لإتمام مراسم الزواج من الرئاسة الدينية.
ملكية المنقولات الزوجية
حدد القانون أن ملكية المنقولات الزوجية تعود للزوجة، ما لم يتم الاتفاق كتابة على غير ذلك، ولا حق للزوج في شيء منها.
الطلاق
كان القانون واضحًا بشأن الطلاق؛ فلا يجوز الطلاق ولا الانحلال المدني للزواج في الطائفة الكاثوليكية، ولا تسري على أتباعها أحكام الأمرين الموجودة في القانون، ولكن تسري عليهم الموانع المبطلة للزواج.
تغيير الطائفة
يجوز طلب الطلاق في حال ترك أحد الزوجين الدين المسيحي إلى دين آخر أو إلى مذهب أو طائفة لا تسري عليها أحكام القانون.
لا زواج بعد الزنا
لا يجوز زواج من طلق لعلة زناه أو تغيير الدين أو الانضمام إلى طائفة غير معترف بها في مصر. بالنسبة لطوائف الأرمن الأرثوذكس والروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، يجوز زواج من طلق لعلة زنا بتصريح من الرئاسة الدينية.
حدد القانون أنه يجوز لأي من الزوجين، وفقًا لعدة حالات، طلب الطلاق، مستثنيا الطائفة الكاثوليكية. ومن بين تلك الحالات: الزنا أو ترك الدين أو الشذوذ الجنسي.
توسع القانون في أدلة الزنا بالنسبة لطوائف الأقباط الأرثوذكس والسريان والأرمن الأرثوذكس والروم الأرثوذكس، ومنها هروب الزوج أو الزوجة مع آخر أو التحريض على الزنا. بالنسبة للطائفة الإنجيلية، يعتبر من الأدلة كل عمل يدل على الخيانة.
الطلاق المدني
يتيح القانون لطوائف الأقباط الأرثوذكس والطائفة الإنجيلية طلب الانحلال مدنيًا إذا ثبت افتراق الزوجين لمدة ثلاث سنوات متصلة مع استحالة استمرار الحياة الزوجية.
الحضانة
أثبت القانون الحضانة للأم ثم للأب ثم للمحارم من النساء، مقدمًا من ينتمي للأم على من ينتمي للأب. ينتهي حق الحضانة ببلوغ الصغير 15 عامًا، ولم يسقط القانون حق الأم الحاضنة التي تتزوج في حالتين: إذا كان سن المحضون لم يجاوز السنوات التسع أو إذا كان مستعصيًا على غير الأم.
الرؤية
يثبت القانون الحق في رؤية المحضون لغير الحاضن من الأبوين والأجداد والجدات مجتمعين في مكان واحد. إذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقًا، نظمتها المحكمة على أن تتم في مكان لا يضر بالمحضون نفسيًا وبدنيًا.
إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ حكم الرؤية بغير عذر مقبول، فعلى المحكمة أن تقضي بحكم واجب النفاذ بنقل الحضانة مؤقتًا إلى صاحب الحق في الرؤية متى طلب ذلك.
إسقاط الحق في الرؤية للممتنع عن سداد النفقة
يسقط الحق في الرؤية إذا كان طالبها هو ذاته الملتزم بأداء نفقة المحضون بموجب سند تنفيذي، ما دام امتنع عن أدائها دون عذر مقبول، وذلك حتى يتم سداد النفقة.
الرؤية الإلكترونية
أجاز القانون طلب الرؤية الإلكترونية، ويجوز استبدالها بالرؤية المباشرة أو كحالة تناوب. تكون الرؤية الإلكترونية أو المباشرة لا تقل عن 3 ساعات أسبوعيًا وتكون بين الثامنة صباحًا والعاشرة مساء.
الاستضافة
جاءت في القانون بمسمى الاستزارة، وتكون لغير الحاضن. لا تقبل المحضون أقل من 5 سنوات إلا باتفاق، ولا تقل عن 8 ساعات ولا تزيد عن 12 ساعة، ويجوز أن تشمل المبيت لمدة لا تقل عن يومين ولا تزيد عن أربعة أيام.
ويُعد مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر خطوة كبيرة نحو تنظيم وضبط الأحوال الشخصية للمسيحيين بمختلف طوائفهم. بعد سنوات من الجدل والنقاشات، أصبح للمسيحيين قانونًا واضحًا يعالج كافة الأمور من خطوبة، زواج، طلاق، حضانة، ورؤية، بما يحقق المصلحة العامة للأسرة المصرية.