تخيل أنه في لحظات قليلة يصبح أكثر من 2000 تحت التراب، وأنهم دفنوا أحياء دون أن يستطيع إنسان تقديم العون لهم ليلقوا جميعا حتفهم، تلك هى أحدث كوارث البشرية، فخلال الـ48 ساعة الماضية بدأت تتكشف حقيقة كارثة "بابوا غينيا"، تلك الدولة الصغيرة بحجم الجزيرة الواقعة عليها في المحيط الهادى.
[[system-code:ad:autoads]]
وبعد الأنباء التى تحدثت في البداية عن أرقام ضئيلة، خرجت مسئولو تلك الدولة للكشف عن حجم الكارثة في نداء استغاثة وجهته للأمم المتحدة بحثا عن مساعدة لإحتواء الآثار المترطبة عن تلك الكارثة، وإخراج رفات الضحايا من تحت الأنقاد، والبحث فى أسباب تلك الانهيارات الأرضية القاتلة المتسببة فى تلك الكارثة الإنسانية.
[[system-code:ad:autoads]]
تعرف على بابوا غينيا
وبابوا غينيا الجديدة، هي دولة تقع في النصف الشرقي من جزيرة بابوا (ثاني كبرى الجزر في العالم) في جنوب غرب المحيط الهادي، بالقرب من أندونيسيا، وعاصمتها وكبرى مدنها بورت مورسبي، ومن المدن الهامة الأخرى في بابوا غينيا الجديدة: راباول، ولاي، ومادانغ، وغوروكا، والدولة مقسمة لـ 19 مقاطعة، موزعة على أربع مناطق، وقد احتلت المنطقة قديماً من قبل المستكشفين الإسبان والبرتغاليين، وفي سنة 1884 كانت مقسمة لنصفين، نصف شمالي يتبع ألمانيا والآخر جنوبي يتبع المملكة المتحدة، وفي سنة 1905 احتلتها أستراليا، وظلت تحكمها حتى نالت استقلالها منها في سنة 1973، واستقلت كلياً في سنة 1975، ويسكنها البابوانيون والميلانيسيون، وعدد سكانها 8935000 نسمة (سنة 2020) ومساحتها 475369 كم².
وينتمي سكان بابوا غينيا الجديدة إلى مجموعات وطوائف عديدة، ويبلغ عدد اللغات واللهجات المستعملة فيها 820 لغة، وينجم هذا التنوع اللغوي والثقافي عن الظروف الطوبوغرفية التي تتميز بها الجزيرة، والتي أعاقت الاتصال بين المجموعات المختلفة. في المرج الكبير الموجود وسط الجزيرة عاش نحو 50 ألف شخص مقسمين إلى طوائف مختلفة ومنعزلين بشكل تام عن باقي العالم حتى سنة 1938 عندما حامت مروحية فوق المرج واكتشفتهم، وتستخدم حكومة بابوا غينيا الجديدة اليوم اللغة الإنجليزية كلغة الإدارة، وتعترف بلغتين إضافيتين كلغات رسمية - «توك بيسين» و«هيري موتو»، وهما لغتي كريول تطورت من نوعي رطانة استخدمهما المحليون في علاقاتهم مع التجار الأوروبيين والسلطات الاستعمارية بعد اكتشاف الجزيرة.
2000 شخص دفنوا أحياء
وبحسب ما نشرته صحيفةNPR الأمريكية، فقد أبلغ مسؤول حكومي في بابوا غينيا الجديدة الأمم المتحدة أنه من المعتقد أن أكثر من 2000 شخص دفنوا أحياء بسبب الانهيار الأرضي الذي وقع يوم الجمعة وطلب رسميا المساعدة الدولية، ويمثل الرقم الحكومي ما يقرب من ثلاثة أضعاف تقديرات الأمم المتحدة التي أشارت إلى مقتل 670 شخصًا بسبب الانهيار الأرضي في المناطق الجبلية الداخلية للدولة الجزيرة الواقعة جنوب المحيط الهادئ، وتم انتشال رفات ستة أشخاص فقط حتى الآن.
وفي رسالة اطلعت عليها وكالة أسوشيتد برس إلى المنسق المقيم للأمم المتحدة بتاريخ أمس الأحد، قالت لوسيتا لاسو مانا، القائم بأعمال مدير المركز الوطني للكوارث في الدولة الواقعة في جنوب المحيط الهادئ، إن الانهيار الأرضي "دفن أكثر من 2000 شخص على قيد الحياة" وتسبب في "دمار كبير" في (قرية يامبالي في مقاطعة إنجا).
تباين فى التقديرات
وتباينت تقديرات الضحايا بشكل كبير منذ وقوع الكارثة، ولم يتضح على الفور كيف وصل المسؤولون إلى عدد المتضررين، ولم تغير المنظمة الدولية للهجرة، التي تعمل بشكل وثيق مع الحكومة وتلعب دورًا رائدًا في الاستجابة الدولية، تقديراتها لعدد القتلى البالغ 670 شخصًا، والتي صدرت يوم الأحد، في انتظار أدلة جديدة، وقال سرحان أكتوبراك، رئيس بعثة وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة في بابوا غينيا الجديدة: "لا يمكننا الاعتراض على ما تقترحه الحكومة، لكننا لا نستطيع التعليق عليه"، وأضاف أكتوبراك: "مع مرور الوقت في مثل هذا الكارثة الضخمة، سيظل العدد متغيرًا".
واستند عدد القتلى البالغ 670 شخصًا إلى حسابات قرية يامبالي والمسؤولين الإقليميين في إنجا بأن الانهيار الأرضي دفن أكثر من 150 منزلاً، وكان التقدير السابق 60 منزلا، ولم يستجب مكتب رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة جيمس مارابي يوم الاثنين لطلب توضيح لما استندت إليه تقديرات الحكومة بـ 2000 شخص، ومن الصعب تحديد حجم الكارثة بسبب الظروف الصعبة على الأرض، بما في ذلك موقع القرية النائي، ونقص الاتصالات السلكية واللاسلكية، والحرب القبلية في جميع أنحاء المحافظة، مما يعني أن عمال الإغاثة الدوليين وقوافل المساعدات يحتاجون إلى حراسة عسكرية.
عقبات كبرى
كما أدى الانهيار الأرضي إلى دفن امتداد 200 متر (650 قدمًا) من الطريق السريع الرئيسي في المقاطعة تحت الحطام بعمق 6 إلى 8 أمتار (20 إلى 26 قدمًا) مما يشكل عقبة كبيرة أمام عمال الإغاثة، وقال مانا إن الانهيار الأرضي سيكون له تأثير اقتصادي كبير على البلاد بأكملها، وكتب مانا إلى الأمم المتحدة أن "الوضع لا يزال غير مستقر" بسبب تغير الأرض، "مما يشكل خطرا مستمرا على فرق الإنقاذ والناجين على حد سواء".
وأصبحت الحفارة التي تبرع بها أحد عمال البناء المحليين يوم الأحد أول قطعة من الآلات الثقيلة التي تحرك التربة يتم إحضارها لمساعدة القرويين الذين كانوا يحفرون بالمجارف والأدوات الزراعية للعثور على الجثث. إن العمل حول الحطام الذي لا يزال يتغير يعد أمرًا غادرًا، وقد سافر مانا ووزير دفاع بابوا غينيا الجديدة بيلي جوزيف يوم الأحد على متن مروحية عسكرية أسترالية من العاصمة بورت مورسبي إلى يامبالي على بعد 600 كيلومتر إلى الشمال الغربي للحصول على رؤية مباشرة لما هو مطلوب.
وتم نقل معدات تحريك التربة التي يستخدمها جيش بابوا غينيا الجديدة إلى موقع الكارثة على بعد 400 كيلومتر (250 ميلاً) من مدينة لاي على الساحل الشرقي، وقال مسؤولون إن القرويين المصابين بصدمة نفسية منقسمون حول ما إذا كان ينبغي السماح للآلات الثقيلة بالحفر، مما قد يؤدي إلى إلحاق المزيد من الضرر بجثث أقاربهم المدفونين.