يتساءل الكثيرون عن صلاة الضحى وفضلها وماذا نقرأ فيها من السور الثابتة عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، وفي السطور التالية نبين فضل صلاة الضحى ووقتها.
فضل صلاة الضحى ووقتها
صلاة الضحى مسنونةٌ مشروعةٌ عند جماهير العلماء، وورد في ثوابها أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أَوْصَانِي خَلِيلِي- صلى الله عليه وآله وسلم- بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ".
وروى مسلم في "صحيحه" عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى».
متى يبدأ وقت صلاة الضحى بالساعة؟
الضحى: هو وقت امتداد الشمس وارتفاع النهار، وسميت بذلك؛ لأنها وقت البروز، أو لأن كلَّ شيءٍ يَبرز في ذلك الوقت ويَظهر، وضَاحِيَةُ كلِّ شيءٍ: نَاحِيَتُهُ البارِزَة، وقِيلَ: الضُّحى مِنْ طلوعِ الشَّمْسِ إلى أن يَرتَفِعَ النهارُ وتَبْيَضَّ الشَّمْسُ جِدًّا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّحاءُ إِلى قَريب مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، وَقِيلَ: هُو إِذا عَلَتِ الشَّمْسُ إِلى رُبُعِ السَّماءِ فَما بَعْدَه. ينظر:"لسان العرب" للإمام أبي الفضل جمال الدين ابن مَنْظُور (14/ 475، ط. دار صادر) و"التوقيف على مهمات التعاريف" للإمام زين الدين الحَدَّادِي (ص: 221، ط. عالم الكتب).
وصلاة الضحى هي الصلاة التي سَنَّها سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في وقت الضحى عند ارتفاع النهار، وجَعَلها صلى الله عليه وآله وسلم مجزئةً عن جميع الصدقات المطلوبة على جميع سُلَامِيات بدن الإنسان -أي: عِظَامه- في كلِّ يومٍ شكرًا لله تعالى على نعمته وفضله.
فعن أبي ذَرٍّ الغِفَارِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
فضل صلاة الضحى
وإظهارًا لأهمية صلاة الضحى وتأكيدًا على بيان فضلها جَعَلها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وصيةً بين أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ، لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وعن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
عدد ركعات صلاة الضحى
الوارد في السُّنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى مرةً ركعتين ومرةً أربع ركعات ومرةً ست ركعات وأخرى ثماني ركعات، وهذا يفيد أنها غير محصورة في عدد معين، بالإضافة إلى أن الوارد عن صحابة رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم أنهم كانوا يصلونَ الضُّحَى فمِنْهُم من يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهُم من يُصَلِّي أَرْبعًا. ينظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حَجَر العَسْقَلَاني (3/ 54، ط. دار المعرفة)، و"تنوير الحالك" للحافظ السيوطي (1/ 129، ط. المكتبة التجارية الكبرى).
والقول بأنَّ صلاة الضحى لا حدَّ لأكثرها هو ما صوبه الإمام البَاجِي المالكي فيما نقله عنه الإمام محمد البُنَانِي في "حاشيته على شرح الزرقاني" (1/ 493، ط. دار الكتب العلمية) بقوله: [والصواب كما قال البَاجِي أنها لا تنحصر في عدد] اهـ.
ونقل أيضًا قول الإمام المِسْنَاوِي في الجمع بين ما جاء في مذهب المالكية مِن أن أكثر صلاة الضحى ثماني ركعات، وبين قول الإمام البَاجِي بأنه لا حَدَّ لأكثرها، فقال: [ولا ينافيه قولُ أهل المذهب: أكثرها ثمان؛ لأن مرادَهم أكثر بحسب الوارد فيها، لا كراهة الزائد على الثمان، فلا مخالَفَة بين البَاجِي وغيرِه، قاله الشيخ مس] اهـ. ورَمَز بـ"مس" إلى الإمام المِسْنَاوِي.