قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا : إن هناك خططًا واستراتيجيات يتم تجهيزها بالشراكة بين كافة الجهات المعنية بالحكومة لسد الفجوة بين الموارد المتاحة والتكلفة الفعلية لتوفير الكهرباء، وأن الطموح أن يتم ذلك قبل نهاية العام الحالي ولكن لا يمكن تحديد توقيت محدد ؛ وذلك لأنه مجهود جماعي للحكومة مرتبط بإجراءات الإصلاح الاقتصادي.
وأضاف الوزير - في تصريحات إعلامية لقناة (CBC) الإخبارية - أن الحكومة تدرك أن هذه الفجوة تؤثر سلبياً على المواطن والدولة ولكن لم يتم اعتماد الخطة بعد، وجارٍ العمل عليها وفق الإمكانات المتاحة.. مشيراً إلى أنه لم يتم قطع الكهرباء في شهر رمضان أو فترة العيد وأن العمل جارٍ لتحقيق حلول كاملة مستدامة وليس حلولا مؤقتة.
وأشار الملا إلى أن البلاد تستهلك سنويًا من إمدادات الوقود بما يعادل 55 مليار دولار يوفرها قطاع البترول بتكاليف فعلية تتراوح بين 20 و22 مليار دولار ..موضحا أنها تمثل تكاليف الشركات العالمية التي تنفقها في استخراج وإنتاج البترول والغاز، علاوة على فاتورة الاستيراد التي تتراوح بين 10-12 مليار دولار سنويًا..مشيرا إلى أن هذه التكاليف تتوقف على تغييرات سعر الصرف وأسعار خام بترول برنت العالمية.
وأوضح أن المنظومة البترولية، من إنتاج وتكرير وتوزيع البترول والغاز الطبيعي، تلبي الاحتياجات المحلية للبلاد بما يصل إلى ثلثي الاحتياجات من الإنتاج المحلي، وتعمل على استكمال تلبية باقي الاحتياجات بمقدار الثلث من خلال الاستيراد للوفاء بما تتطلبه أوجه الاستهلاك المتنوعة في دولة كبيرة مثل مصر، والوفاء بما يتطلبه الاقتصاد المصري وقطاعاته المختلفة من كهرباء ونقل وصناعة وتجارة والتوسع التنموي والعمراني، حيث تعد الطاقة المحرك الأول للأنشطة الاقتصادية.
وبين أن منظومة قطاع الكهرباء تأتي في مقدمة قطاعات الاستهلاك التي توجه إليها كميات الوقود من قطاع البترول باعتبارها منظومة تلبي احتياجات محطات الكهرباء حيث يتم توجيه 60% من إمدادات الغاز الطبيعي في مصر إلى قطاع الكهرباء في المتوسط، وتتزايد نسبة استهلاك الغاز الطبيعي في قطاع الكهرباء خلال فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة في شهور الصيف، مما يتطلب استكمال منظومة توفير الوقود للكهرباء التي تتكلف مبالغ مالية كبيرة من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال وإمداده بالمازوت إلى جانب الغاز.
وأشار إلى أهمية تواجد المازوت كوقود بديل في محطات الكهرباء واستخدامه في نسبة من المحطات من أجل الجاهزية حال حدوث أي طارئ مؤقت في حقول وتسهيلات إنتاج الغاز..مؤكدا أهمية تنويع مزيج الطاقة المستخدم في توليد الكهرباء ليشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية التي تبدأ العمل عام 2028 في إطار استراتيجية الطاقة في مصر.
وأكد أهمية مراعاة احتياجات القطاع الصناعي والأنشطة اليومية من الغاز الطبيعي لدوران عجلة الإنتاج والتنمية وذلك إلى جانب احتياجات الكهرباء ، ليتم استكمال تلبية الاحتياجات في هذا الشأن من خلال الاستيراد ضمانًا لعدم تأثر القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعة أيضًا.
وقال الملا : إن التحدي الذي يواجه قطاع الكهرباء الذي يبيع الكيلووات كهرباء بأقل تكاليف رغم الزيادة الأخيرة في تكاليف التشغيل وسعر الصرف وغيرها، يجعله غير قادر على سداد ثلثي فاتورة شراء الوقود لقطاع البترول بما يعادل تقريبًا 120 مليار جنيه سنويًا خاصة مع العجز لديه في تكلفة الكيلووات، وتابع أن عدم توافر هذه الموارد يصنع تحديات إزاء شراء وقود إضافي لحل مشكلة تخفيف الأحمال لمدة ساعتين.
وأوضح أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد أن عملية تخفيف الأحمال أو انقطاعات الكهرباء تستهدف عدم زيادة أسعار بيع الكهرباء على المواطن..مشيرًا إلى أن خطة تخفيف الأحمال لن تستمر للأبد ولكنها يتم تنفيذها بالتوازي مع جهود الإصلاح الاقتصادي والمشروعات الكبيرة مثل رأس الحكمة والاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وكلها أمور ذات تأثير إيجابي على مناخ الاستثمار والاقتصاد بشكل عام، وبمرور الوقت سيظهر تأثيرها.
وأشار إلى أن الأحداث العالمية المتتالية وما نتج عنها من زيادة الأسعار وتأثر سلسلة الإمدادات كان له تأثير على مصر والتي ليست بمعزل عن هذه الأحداث وذلك بالإضافة إلى تغير وتطور أنماط الاستهلاك وزيادتها، فضلاً عن التوسعات في الطرق والمدن الجديدة وهو شيء إيجابي يظهر مدى تطور الاقتصاد ونمو الدولة، ويأتي مع هذا التطور زيادة في أسعار المواد الخام الأولية على المستوى العالمي وحتى على المستوى المحلي، وتكلفة توفير الطاقة أصبحت أكبر مما كانت عليه في الماضي لأن الإنتاج حالياً أصبح من المياه العميقة ذات الضغوط العالية وتتطلب تكنولوجيات متطورة واستثمارات أكبر وبالتالي أصبحت تكلفة توفير الطاقة أكبر، وكذلك تغير سعر الصرف وأسعار الفائدة، وكلها عوامل وإن كان بعضها إيجابياً إلا أنها تؤثر على تكلفة توفير الطاقة.
وأكد وزير البترول والثروة المعدنية على أهمية إجراء حملات توعية للمواطنين لترشيد الاستهلاك وتفادي سوء الاستخدام خاصة وأن الدولة وضعت في اعتبارها الظروف الاقتصادية ؛ ولذلك لم تتخذ قرار رفع الأسعار.
وقال الملا : إن قطاع البترول يتحمل فارق تكلفة كبيرا في منظومة توفير الوقود للكهرباء يصل إلى نحو 240 مليار جنيه سنويًا، وهذا يأتي نتيجة عوامل عدة في مقدمتها أن القطاع يتحمل 70-80 مليار جنيه فرق تكلفة عن الغاز الطبيعي الذي يتم توريده لمحطات الكهرباء بأقل من تكلفته الفعلية (3 دولارات للمليون وحدة حرارية بينما تكلفته الفعلية 25.4 دولار)، علاوة على نحو 40-45 مليار جنيه فرق تكلفة في كميات المازوت التي تباع أيضًا بأقل من تكلفتها الفعلية (2500 جنيه سعر الطن بينما يتكلف 11 ألف جنيه).
وعن عودة قيمة الدعم الموجه للمنتجات البترولية للارتفاع..أوضح وزير البترول والثروة المعدنية أن هذا الدعم عاد إلى التفاقم مرة أخرى ليبلغ نحو 150 مليار جنيه العام القادم نتيجة للتحديات المشار إليها وارتفاع التكاليف بعد أن كان هذا الدعم يمثل صفراً في عام 2021 لكل أنواع الوقود باستثناء أسطوانة البوتاجاز التي كانت مدعومة بنحو 18 مليار جنيه، والدعم سببه ارتفاع التكلفة والتي يدخل فيها أيضاً سعر البترول العالمي الذي قفز من 60 دولاراً للبرميل إلى 80-85 دولارا حالياً.
وقال : "مثلاً لتر السولار الذي يدخل في كل الأنشطة والنقل والمواصلات يتكلف 20 جنيهًا ويباع بعشر جنيهات، أي تكلفته ضعف ثمن بيعه، ونستهلك منه 16-18 مليار لتر سنوياً، أي ندعمه بنحو 60 مليار جنيه، أما البنزين فتكلفة دعم اللتر التي نتحملها حوالي 4 جنيهات لكل لتر، أما أسطوانة البوتاجاز فتتكلف 300 جنيه بينما تباع بـ 100 جنيه فقط"..مضيفا : أن البعد الاجتماعي مهم، وبالتالي لا يمكن تحميل التكلفة على الأسعار التي يدفعها المواطن، ولو توفرت لدينا هذه المبالغ الكبيرة التي أشرنا إليها سيمكن تطوير المنظومة والتوسع في الإنتاج.
وشدد الملا على أهمية الجهد المبذول في ملف الإصلاح الاقتصادي من أجل سد الفجوة تدريجياً وخاصة الجهود المبذولة لضبط سعر الصرف وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والتي ستكون لها مردود إيجابي في قطاع الطاقة الذي يأتي في مقدمة القطاعات المتعاملة بالدولار.
وأشار وزير البترول والثروة المعدنية إلى أنه من أجل استمرارية النجاحات التي تم تحقيقها في اكتشافات سابقة يجرى العمل على تكثيف جهود البحث والاستكشاف والإنتاج باستثمارات كبريات الشركات العالمية والتوسع في عمليات الاستكشاف في البحرين المتوسط والأحمر والصحراء الغربية وخليج السويس وهي تمثل عمليات متوسطة الأجل، حيث تتضمن عدة مراحل من الأعمال.
وقال الملا : "إن الإنتاج من الاكتشافات الجديدة يتطلب إقامة مشروعات البنية التحتية لاستخراج هذا الإنتاج، كما نعمل بالتوازي على تحسين كفاءة استخدام الطاقة وهو أمر مهم ونتوسع في مشروعات الطاقة الشمسية في مواقع قطاع البترول لتقليل استهلاك الوقود التقليدي خاصة أن استراتيجية الدولة تستهدف مزيجًا للطاقة بنسبة 40% للطاقة المتجددة عام 2030 لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري".
[[system-code:ad:autoads]]