أكد المجلس الدستوري التشادي في 16 مايو الجاري فوز الرئيس محمد إدريس ديبي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في السادس من مايو، والتي قالت الوكالة الوطنية لإدارة الانتخابات إنها شهدت نسبة مشاركة بلغت 75.89 بالمئة.
وكان المجلس الدستوري التشادي قد رفض الالتماسات التي قدمها مرشحان آخران للطعن في الفوز، في الانتخابات التي أظهرت خلافا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، تأكد في ردود فعل كلا منهما على نتيجة فوز ديبي.
ويجد الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة نفسيهما على خلاف بشأن كيفية تعاملهما مع تشاد الدولة المضطربة التي حاولت الخروج من الانقلاب بإجراء انتخابات ينظر إليها على نطاق واسع على أنها معيبة، لكن واشنطن لم تبتعد بشكل مباشر عن التعليق على الانتخابات التي فاز بها زعيم المجلس العسكري محمد ديبي إتنو، على الرغم من مشاهد العنف التي تخللت فترة الانتخابات، بحسب ما أوردته صحيفة "إيسترن أفريكا" الكينية.
وأفادت وسائل إعلام في تشاد أن 10 أشخاص على الأقل، بينهم أطفال، قُتلوا وأصيب العشرات جراء إطلاق نار احتفالي أعقب إعلان النتائج الأولية في 9 مايو.
ومع ذلك، قالت مفوضية الاتحاد الأفريقي إن الانتخابات كانت باطلة إلى حد ما لأن ديبي تنافس في وقت لم يكن ينبغي له أن يشارك فيه.
وتعرضت الهيئة القارية لانتقادات بسبب التزامها الصمت وفي وقت سابق، تجنبت مفوضية الاتحاد الأفريقي التي يرأسها الدبلوماسي التشادي محمد فكي، إضافة تشاد إلى كومة الدول الأفريقية المعلقة التي دبرت الانقلاب.
ووصل ديبي إلى السلطة بعد وقت قصير من اغتيال والده على جبهة القتال، وبعد أيام فقط من استعادته لولاية جديدة في الانتخابات لكن نجل ديبي علق الدستور على الفور وأنشأ مجلسا عسكريا انتقاليا، وهو ما كان بمثابة انقلاب من الناحية الفنية، حيث نص الدستور على الخطوات التي يجب اتخاذها في حالة وفاة الرئيس في منصبه.
وقال مكتب فكي هذا الأسبوع إنه لا يستطيع التعليق على الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها لأن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي نصح بعدم ترشح محمد.
وفي الوقت نفسه، رحبت الولايات المتحدة به بحذر.
وقالت إيبا كالوندو، المتحدثة باسم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، إن الهيئة القارية الوحيدة المكونة من 15 دولة عضو المسؤولة عن قضايا السلام والأمن هي التي ستقرر.
وفي الواقع، قام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بتوسيع نطاق الحظر ليشمل جميع رؤساء السلطات الانتقالية من الترشح ولم يرسل فريق مراقبة.
وقال بيان الاتحاد الأفريقي: "من المستحيل أن يدلي رئيس المفوضية بنتائج مثل هذه الانتخابات إلا إذا خالف قرارات مجلس السلام والأمن، وهو ملزم باحترامها".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن واشنطن تشيد بمن مارسوا حقهم في التصويت في الانتخابات، مشيدا بالعملية الانتقالية في البلاد.
وجاء في البيان: "نرحب بالسلوك السلمي للتصويت وعواقبه"، مضيفا أنه "على الرغم من وجود أوجه قصور مثيرة للقلق، فإننا نرحب بالمراحل الرئيسية في العملية الانتقالية في تشاد، بما في ذلك التفاوض مع المتمردين، وإجراء حوار وطني، وإجراء استفتاء دستوري، وإجراء انتخابات رئاسية".
ومع ذلك، أعرب ميلر عن مخاوفه من أن العملية الانتقالية لم تكن شاملة بالكامل في إنشاء المؤسسات المسؤولة عن تنظيم الانتخابات والفصل في النزاعات الانتخابية.
مع الإشارة إلى أنه على الرغم من أن 10 مرشحين سمح لهم بالترشح اتبعوا بشكل عام قواعد السلوك الانتخابي وتمكنوا من القيام بحملاتهم على المستوى الوطني، فقد تم استبعاد 10 مرشحين آخرين دون أي سبيل للاستئناف قبل الحملة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الاستبعاد ساهم في إثارة المخاوف المشروعة بشأن الشفافية التي قوضت ثقة الجمهور في الانتخابات والعملية الديمقراطية.
وقال ميلر: "نحث السلطات التشادية على العمل مع جميع أصحاب المصلحة - وخاصة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني - لمعالجة أي مخاوف بشأن هذه الانتخابات وتعزيز الشمولية والشفافية في الإطار المؤسسي لتشاد للانتخابات المقبلة".
ومع الانتخابات، أصبحت تشاد أول دولة من الدول التي يقودها المجلس العسكري الحالي في غرب ووسط أفريقيا تقوم بالعودة إلى الحكم الدستوري عبر صناديق الاقتراع.
وفي أبريل، طلبت تشاد من الولايات المتحدة وقف أنشطتها في قاعدة جوية، مشيرة إلى مشاكل تتعلق بالأوراق وقالت واشنطن إنها ستسحب بعض قواتها مؤقتا.
ويبدو الآن أن موقف واشنطن بشأن نتائج الانتخابات هو وسيلة لإعادة البحث عن طريق للعودة إلى قلب تشاد، التي تعاونت معها في العمليات الأمنية في منطقة الساحل الصعبة.
وكانت النيجر المجاورة لتشاد قد قطعت بالفعل تعاونًا مماثلاً مع الولايات المتحدة بعد أن دبر الجيش هناك انقلابًا وأطاح بالرئيس محمد بازوم في يوليو من العام الماضي ومنذ ذلك الحين، أصبحت النيجر أقرب إلى روسيا.
لكن تشاد والنيجر ونيجيريا والكاميرون كانت تواجه مشكلة مشتركة تتمثل في حركات التمرد الممتدة على طول حدودها كما بدا هذا التعاون هشا في الآونة الأخيرة خاصة وأن النيجر لا تزال معلقة من قبل الاتحاد الأفريقي.