لقد كان إصلاح وتطوير التعليم في مقدمة أولويات الدولة المصرية بعد 2013، حيث أجمع كافة مؤسسات والأفراد والمتخصصين على أنه لا مستقبل إلا بالتعليم. فهو ما يجب التسلح به واستغلاله لمحاولة اللحاق بما سبتنا إليه الأمم من تطور في كافة المجالات الزراعية والصناعية وحتى العسكرية والأمنية. فالعلم أصبح أساس كل شيء.
وأعتقد أنه كان من الهام جدا الاستقادة من تجارب دول العالم في تطوير التعليم، مع ضرورة الوضع في الاعتبار الخصوصية التي يتمتع بها كل مجتمع. ومن ثم فإن مشاركة مصر هذا العام في المنتدى العالمي للتعليم والمقام في لندن أمر في غاية الأهمية. وأثمن هنا حرض وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور رضا حجازي على المشاركة للاستفادة من تجارب الدول الأخرى والإضطلاع عليها بشكل مباشر، وكذلك طرح التجربة المصرية والترويج لها بين الدول. فنحن يجب أن نطمح لأن نكون في المستقبل قبلة للتعلم من بعض التخصصات على المستوى الإقليمي في المدى المتوسط، كما هو الحال في ألمانيا وانجلترا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهم.
إن التجربة المصرية في التعليم ناشئة وتقف خلفها إرادة سياسية قوية وواعية، تعرف جيدا أهمية هذا الملف. لقد شهد التعليم في مصر تطور هام سواء من ناحية تطوير المناهج وبنوك الأسئلة ورعاية الموهوبين والإتاحة والجودة والتعلم مدى الحياة، فضلا عن تناول ملفات القرائية والتحول الرقمي في التعليم وجهود الدولة المصرية في تعليم ذوي الهمم ودمجهم في المجتمع. أضف لذلك تطوير التعليم الفني، ومن الملاحظ خلال السنوات القليلة الماضية أن الصورة الذهنية للتعليم الفني في مصر قد تغيرت بشكل كبير بدليل أن الطلاب الذين يقدمون لمدارس التكنولوجيا التطبيقية حاصلون على مجاميع مرتفعة في الشهادة الإعدادية، وفقا لتصريحات وزير التربية والتعليم، بالإضافة إلى وجود قوائم انتظار لهذه المدارس.
وبالرغم من البداية القوية، إلا أننا لازلنا نواجه العديد من التحديات في ملف التطوير، أهمها استمرار النقص في مدخلات النظام التعليمي، وتردي أوضاع بعض المباني التعليمية وعدم جاهزية بعض الفصول وضعف الامكانيات التعليمية بها. كما أن النظام التعليمي بحاجة إلى زيادة في الأبنية التعليمية بسبب الكثافة الموجودة في الفصول مما يؤثر على جودة العملية التعليمية والخدمة المقدمة إلى الطلاب. على الجانب الآخر هناك تحديات تواجه النظام التعليمي فيما يخص المعلم نفسه. فهناك نسبة من المعلمين يعانون من ضعف المستوى، وعدم القدرة على مواكبة التطور فيما يخص عرض المعلومة على الطلاب والوعي بالوعي الزائد لديهم نتيجة التطور الهائل لتكنولوجيا الاتصال. كذلك معاناة المعلم من ضعف الدخل وقلة الوسائل العلمية والتكنولوجية اللازمة لإعداد أجيال قادرة على قيادة البلاد نحو التنمية.
أعتقد أن ملف التعليم بحاجة إلى التطوير المستمر، وعدم الاكتفاء بالإعلان عن استراتيجيات طموحة داخل أروقة مؤسسات الدولة. بالإضافة إلى اتخاذ قرارات وسياسات تهدف إلى زيادة الدعم وتواجه التحديات التي تقف عائقا أمام الوصول إلى منتج كفؤ من العملية