في خطوة منسقة وبالغة الأهمية، أعلنت حكومات أسبانيا والنرويج وأيرلندا اعتزامها الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين في الثامن والعشرين من مايو. ويمثل هذا القرار تحولاً جوهرياً في الديناميكيات الدولية فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويسلط الضوء على أهمية الاعتراف بدولة فلسطين، وتراجع نفوذ الولايات المتحدة في عملية السلام، وهي نقطة أكد عليها تقرير الجارديان الذي قدمه كلا من بيتر بومونت وسام جونز.
النرويج، التي كانت تاريخياً لاعباً رئيسياً في دبلوماسية الشرق الأوسط منذ تسهيلها لاتفاقيات أوسلو في التسعينيات، سلطت الضوء على الحاجة الملحة للاعتراف بدعم الأصوات المعتدلة وسط الصراع المستمر في غزة. وشدد رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور على ضرورة الإبقاء على حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام والأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.
ردد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز هذا الشعور، حيث اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعريض حل الدولتين للخطر من خلال الأعمال العدوانية في غزة، ووصفها بأنها "مذبحة".
وأعرب رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس عن أمله في أن تحذو المزيد من الدول حذوه، مشددًا على التزام أيرلندا بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود الآمن وحق الفلسطينيين في تقرير المصير. ودعت هاريس أيضًا إلى إطلاق سراح الرهائن في غزة فورًا، بما يتماشى مع نداء إنساني أوسع.
وهذا الاعتراف ليس غير مسبوق داخل أوروبا، حيث سجلت السويد سابقة في عام 2014. ومع ذلك، فإن الإعلانات الأخيرة الصادرة عن إسبانيا والنرويج وأيرلندا تشير إلى زخم متزايد داخل أوروبا نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي الوقت الحالي، تعترف حوالي 140 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بفلسطين، وهو رقم يتزايد بشكل مطرد منذ عام 1988.
إن الآثار المترتبة على هذه الاعترافات عميقة. إنها تشير إلى إضعاف هيمنة الولايات المتحدة طويلة الأمد على عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، لا سيما في أعقاب تصرفات إدارة ترامب التي أدت إلى تنفير المصالح الفلسطينية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ووفقاً لهيو لوفات من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن هذه الاعترافات تفتح طريقاً ملموساً نحو تقرير المصير الفلسطيني ويمكن أن تحفز الدول العربية لدعم وقف إطلاق النار المستدام في غزة.
ومع ذلك، فإن هذا الزخم قد يشكل أيضاً تحديات أمام السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، التي واجهت انتقادات بسبب الفساد والافتقار إلى الشرعية الديمقراطية، حيث لم تعقد انتخابات منذ عام 2006. ورغم أن الاعتراف يعزز فكرة تقرير المصير للفلسطينيين، فمن غير المرجح أن يغير ذلك على الفور. الظروف الصعبة في الضفة الغربية، حيث تكثفت أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنون.
بالنسبة لإسرائيل، أصبح المشهد الدبلوماسي محفوفاً بالمخاطر على نحو متزايد. وتضاف الاعترافات الأخيرة إلى سلسلة من الضغوط القانونية الدولية، بما في ذلك اتهامات محتملة بارتكاب جرائم حرب ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت في المحكمة الجنائية الدولية والتحقيق في الإبادة الجماعية المزعومة من قبل محكمة العدل الدولية، بمبادرة من جنوب أفريقيا. بدأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى في فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين والفصائل اليمينية المتطرفة داخل إسرائيل، مما ساهم في عزلة إسرائيل الدبلوماسية المتزايدة.
وقد أدت هذه التطورات إلى تفاقم التوترات السياسية الداخلية داخل إسرائيل، حيث تواجه حكومة نتنياهو تدقيقاً وانقسامات داخلية غير مسبوقة. وبالتالي فإن اعتراف أسبانيا والنرويج وأيرلندا قد يكون نذيراً باضطرابات سياسية أكثر عمقاً في إسرائيل ولحظة محورية في سعي الفلسطينيين إلى إقامة دولتهم.