يعد الإجهاد الحراري واحدًا من أهم العوامل البيئية التي تؤثر على إنتاج الحليب في الحيوانات الحلوب. حيث أن ارتفاع درجات الحرارة وكذلك الرطوبة المرتفعة يؤدي إلى ضغط حراري كبير على الحيوانات مما ينتج عنه تغييرات فسيولوجية وسلوكية لتحقيق التوازن الحراري.
أهم التغييرات الناتجة عن الإجهاد الحراري وتأثيرها على إنتاج اللبن:
أولا: انخفاض استهلاك العلف:
ينخفض استهلاك الحيوان للعلف بسبب انخفاض الشهية مما يؤدي إلى انخفاض المدخول الغذائي وبالتالي قلة المواد الخام اللازمة لتصنيع اللبن.
ثانياً: تغيير في التمثيل الغذائي:
يتغير التمثيل الغذائي للحيوان تحت تأثير الإجهاد الحراري حيث يزداد إنتاج الحرارة وتقل عمليات الأكسدة مما ينتج عنه انخفاض في إنتاج اللبن.
ثالثاً: تغيرات هرمونية:
يؤدي الإجهاد الحراري إلى تغيرات في مستويات الهرمونات المرتبطة بإنتاج اللبن مثل الإستروجين والبرولاكتين والأكسيتوسين مما ينعكس على كمية ونوعية اللبن المنتج.
رابعاً: زيادة فقد الماء:
يؤدي الإجهاد الحراري إلى زيادة تبخر الماء من الحيوان عن طريق التنفس وعملية التعرق مما يؤدي إلى فقد سوائل الجسم وجفاف الحيوان وانخفاض إنتاج اللبن.
خامساً: تغيرات سلوكية:
يؤدي الإجهاد الحراري إلى تغييرات في سلوك الحيوان كالبحث عن ظل والاستلقاء لفترات طويلة مما يقلل من وقت الرضاعة والحليب المنتج.
** هناك بعض الدراسات التي بحثت في تأثير الإجهاد الحراري على إنتاج اللبن في الحيوانات الحلوب نذكر منها علي سبيل المثال وليس الحصر ما يلي:
1. دراسة نُشرت في مجلة "Journal of Dairy Science" عام 2020:
- عنوان الدراسة: "Impact of heat stress on milk production in dairy cows"
- أجريت الدراسة على أبقار الحليب في مزارع في جنوب ولاية تكساس، الولايات المتحدة.
- وجدت الدراسة انخفاضًا بنسبة 35% في إنتاج الحليب لدى الأبقار المعرضة للإجهاد الحراري مقارنة بالأبقار في ظروف طبيعية.
2. دراسة نُشرت في مجلة "Small Ruminant Research" عام 2018:
- عنوان الدراسة: "Effect of heat stress on milk production and composition in Saanen goats"
- أجريت الدراسة على ماعز السانين في مزرعة تجريبية في المغرب.
- أظهرت النتائج انخفاضًا بنسبة 20% في إنتاج الحليب مع انخفاض في محتوى الدهون والبروتين بنسبة 12%.
3. دراسة نُشرت في مجلة "Small Ruminant Research" عام 2016:
- عنوان الدراسة: "Heat stress effects on sheep milk yield and composition"
- أجريت الدراسة على أغنام محلية في المناطق الصحراوية في الجزائر.
- وجدت الدراسة انخفاضًا بنسبة 18% في إنتاج الحليب مع انخفاض في نسبة المواد الصلبة والدهون.
هذه الدراسات المنشورة في مجلات علمية رئيسية توفر أدلة قوية على التأثير السلبي للإجهاد الحراري على إنتاج ونوعية اللبن في مختلف الحيوانات الحلوب في المناطق الحارة والصحراوية.
وبالتالي من خلال الأبحاث السابقة يمكن تفسير تأثير الإجهاد الحراري على محتوى الدهون والبروتين في اللبن (الحليب):
أولا: تأثير الإجهاد الحراري على محتوى الدهون في الحليب:
- الإجهاد الحراري يؤدي إلى انخفاض محتوى الدهون في الحليب بشكل ملحوظ.
- وذلك يرجع إلى تأثير الحرارة على العمليات الأيضية للحيوان والتي تؤثر على إنتاج ونقل الدهون إلى الغدة اللبنية.
- عادةً ما ينخفض محتوى الدهون بنسبة تتراوح بين 10-25% عند تعرض الحيوانات للإجهاد الحراري.
ثانياً:- تأثير الإجهاد الحراري على محتوى البروتين في الحليب:
- كما هو الحال مع الدهون فإن الإجهاد الحراري يؤدي إلى انخفاض في محتوى البروتين في اللبن (الحليب).
- هذا الانخفاض يعود إلى التأثير السلبي للحرارة على عمليات التمثيل الغذائي للبروتينات في الغدة اللبنية.
- تتراوح نسبة الانخفاض في محتوى البروتين بين 5-15% عند تعرض الحيوانات للإجهاد الحراري.
ثالثاً: الآليات الفسيولوجية:
- يؤدي الإجهاد الحراري إلى زيادة إفراز هرمونات الإجهاد مثل الكورتيزول.
- هذه الهرمونات تثبط عمليات تخليق الدهون والبروتينات في الخلايا الغدية اللبنية.
- كما أن الحرارة تؤثر على تدفق الدم إلى الغدة اللبنية وبالتالي تقليل وصول المغذيات اللازمة لإنتاج اللبن (الحليب).
إذن يمكن القول أن الإجهاد الحراري له تأثير سلبي واضح على محتوى الدهون والبروتين في لبن الحيوانات المختلفة وذلك من خلال آليات فسيولوجية متنوعة.
وللتغلب على هذه الآثار السلبية للإجهاد الحراري يجب اتخاذ إجراءات مناسبة كتوفير مياه نظيفة وكافية وتوفير مظلات وأماكن تظليل وتقديم علائق غنية بالطاقة والبروتين وتحسين التهوية وتبريد المباني والاهتمام برعاية صحة الحيوان. هذه الإجراءات ستساعد على الحفاظ على إنتاج اللبن تحت ظروف الإجهاد الحراري.