صرح السفير عمرو حلمي، عضو مجلس الشيوخ، أن سعي المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يمكن أن يسهم في استعادة الثقة في النظام الدولي الذي كان قد فقد جانبا كبيرا منها نتيجه التوسع في استخدام حق النقض "الفيتو " في مجلس الأمن، وأيضا من جراء النتائج غير المكتملة التي صدرت عن محكمه العدل الدولية.
وتابع: "كما يظهر عدم رضوخ المحكمى للضغوط الأمريكية المكثفة التي كانت تهدف إلى إجبارها على عدم إصدار أوامر اعتقال بحق كبار المسئولين الإسرائيليين، حيث تشمل قائمه الاتهامات الموجهة لكل من نتنياهو وجالانت "التسبب في الإبادة، وفي استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، ومنع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدا في الصراع، الأمر الذي يعتبر جريمة حرب وإبادة أو قتل عمد بموجب نظام روما الأساسي”.
[[system-code:ad:autoads]]
وأوضح مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية أن هذه «الجرائم ضد الإنسانية التي وُجِّه الاتهام بها قد ارتُكِبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين عملا بسياسة الدولة وهذه الجرائم مستمرةإلى يومنا هذا»، وذلك في سابقة تعد الأولى من نوعها التي تصدر فيها المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال في حق مسئولين في دولة حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يضع نتنياهو وجالانت في صحبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بشأن حرب موسكو على أوكرانيا، حيث أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في تصريحات له أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو يتحمل المسئولية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأن نتنياهو وجالانت مسئولان عن جرائم لا تزال مستمرة على نحو ممنهج ضد الفلسطينيين.
[[system-code:ad:autoads]]
وأضاف السفير عمرو حلمي أن تصريحات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد أثارت موجة من ردود الأفعال الإسرائيلية الغاضبة، حيث قال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج إن قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالسعي لإصدار مذكرتي اعتقال لرئيس الوزراء ووزير الدفاع في إسرائيل «أكثر من شائن»، وسيشجع «الإرهابيين» في جميع أنحاء العالم.
وأشار هرتسوج إلى أن «أي محاولة للمقارنة بين هؤلاء الإرهابيين وحكومة إسرائيل المنتخبة ديمقراطياً، التي تعمل على الوفاء بواجبها في الدفاع عن مواطنيها وحمايتهم بالكامل، مع الالتزام بمبادئ القانون الدولي أمر مشين ولا يمكن لأي أحد أن يتجاوزه».
ووصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت بالكارثة، مشيرا إلى أنه يتوقع من الكونجرس الأمريكي أن يدين قرارات المحكمة في حين وصف وزير المجلس الحربي الإسرائيلي بيني جانتس قرار المحكمة بأنه سيكون جريمة تاريخية لا يمكن إنكارها، وأن القبول بطلب المدعي العام، سيكون جريمة تاريخية لن تزول.
وعلق وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير على الأمر قائلا إن «بيان المدعي العام الذي يضع رئيس الوزراء ووزير الدفاع على نفس الصفحة مع قادة حماس، يظهر أن إرسال ممثلين عن إسرائيل إلى المحكمة كانت خطأً فادحاً منذ البداية».
وأضاف: «يجب على رئيس الوزراء ووزير الدفاع تجاهل المدعي العام المعادي للسامية، وأن يأمر بتصعيد الهجوم ضد حماس، حتى يتم حلها بالكامل».
وذكرت القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية نقلا عن مصدر مقرب من نتنياهو أن إصدار مذكرات الاعتقال سيكون وصمة عار على نطاق عالمي.
وتابع: “من ناحية أخرى، انتقد الرئيس بايدن قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في غزة”.
ووصف الخطوة بأنها "شائنة" outrageous، وذلك في بيان رسمي صدر عن البيت الابيض أمس، الاثنين 20 مايو الجاري، حيث ذكر إيدن أن ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية.
وردا على ذلك، ذكر المدعي العام للمحكمة أنّه أكد مراراً في بياناته العلنية، “أن الذين لا ينصاعون للقانون ينبغي ألا يضجوا بعدئذ بالشكوى عندما يتخذ إجراءات ضدهم”.
وأضاف أنه عندما قدّم هذه الطلبات لإصدار أوامر قبض، فإنه يتصرف عملا بولايته بموجب نظام روما الأساسي، مشيراً إلى أن الطلبات المقدمة اليوم تعدُّ نتاجا للتحقيق المستقل والمحايد الذي يجريه مكتبه الذي عمل باجتهاد ليفصل بين الادعاءات والحقائق، وليقدم الاستنتاجات باتزان إلى الدائرة التمهيدية استنادا إلى الأدلة.
واسترشد بالالتزام بالتحقيق في أدلة التجريم والتبرئة على حد سواء وأن القانون الدولي وقوانين النزاعات المسلحة تنطبق على الجميع، وليس لجندي من المشاة أو لقائد أو لزعيم مدني – أو لأي شخص – أن يفلت من العقاب على تصرفاته أخذا في الاعتبار أن سعي المحكمة الجنائية الدولية يشمل أيضا إصدار مذكرات اعتقال بحق زعيم حركة حماس يحيى السنوار، بالإضافة إلى اثنين آخرين من كبار قادة حماس – محمد دياب إبراهيم المصري، زعيم كتائب القسام والمعروف باسم محمد ضيف، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس.
وأكد السفير عمرو حلمي، أنه لا يجب التقليل من أهمية ما يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية أو الحد من تأثيره أخذا في الاعتبار الحالات المشابهة التي صدرت عن المحكمة، إذ أدت التهم الموجهة إلى الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور، والتي أصدرتها المحكمة الخاصة بسيراليون، إلى خسارته السريعة للسلطة ومهدت الطريق أمام انتهاء الصراع الوحشي في ليبيريا ، كما كانت الاتهامات التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية ضد قادة جيش الرب للمقاومة الذي يتخذ من أوغندا مقراً له، سبباً في إجبار زعماء هذه الجماعة على الاختباء، وتفكك المنظمة، وإضعاف وجودها العسكري إلى حد كبير.
واستكمل: "يضاف إلى ذلك أن اتفاقية دايتون للسلام التي حلت الصراع البوسني في التسعينيات لم تكن ممكنة لولا ما صدر عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، لذا فمن الممكن أن يكون لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو تأثير مماثل في ظل تزايد الاقتناع الدولي وحتى داخل إسرائيل ذاته بأنه بات يشكل نتنياهو عقبة رئيسية أمام امن واستقرار البلاد أخذا في الاعتبار أن تصريحات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تتزامن مع تحديات متصاعدة تواجه حكومة الحرب الإسرائيلية في ظل التهديدات التي يطلقها بيني جانتس بالانسحاب من الحكومة، حيث وصف الأوضاع السياسية الداخلية بأن "سفينة إسرائيل تتجه نحو الصخور بسبب اعتبارات شخصية سيطرت على دفة قيادة البلاد"، خاصة أن ما يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يمثل مدخلا في عمل محكمة العدل الدولية في تناولها لجريمة الإبادة الجماعية الموجهة لإسرائيل، الأمر الذي يمكن أن يؤثر أيضا في رؤية العديد من القوى الغربية التي تعتبر أن إسرائيل تمثل واحة الديمقراطية في المنطقة وأن توجيه التهم لممارساتها يعد من قبل معاداة السامية.