كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، أن مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، التقى في وقت مبكر من يوم الأحد مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك لمناقشة ما وصفته المملكة بالنسخة “شبه النهائية” لاتفاقية أمنية واسعة النطاق بين البلدين، ويأتي الإعلان عن اللقاء فى ظل تطورات كبرى بالشرق الأوسط منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر، فمنذ ذلك الحين، أدت حملة الضربات الجوية الإسرائيلية العقابية والهجوم البري هناك إلى مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني، مما عرض للخطر الاتفاق الأمني الذي تضمن اعتراف المملكة العربية السعودية دبلوماسياً بإسرائيل لأول مرة منذ تأسيسها في عام 1948.
[[system-code:ad:autoads]]ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية السعودية أي صور لاجتماع جيك سوليفان والأمير محمد في الظهران، وهي مدينة تقع في أقصى شرق المملكة وموطن شركة النفط العملاقة التي تديرها الدولة، شركة النفط العربية السعودية المعروفة باسم أرامكو السعودية، وكشفت الصحيفة الأمريكية تفاصيل الاجتماع، حيث تم مناقشة النسخة شبه النهائية من مسودة الاتفاقيات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، والتي أوشكت على الانتهاء، وما يتم العمل عليه بين الجانبين في القضية الفلسطينية لإيجاد مسار ذي مصداقية، وهو ما ألمح إليه البيان الذى صدر بعد المحادثات .
[[system-code:ad:autoads]]غزة وحل الدولتين .. والمسئول الأمريكي فى تل أبيب
وأضاف البيان أن ذلك يشمل "حل الدولتين الذي يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، والوضع في غزة وضرورة وقف الحرب هناك وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، ولطالما دعت المملكة العربية السعودية إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على طول حدود إسرائيل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ومع ذلك، قد لا يكون من الممكن الدفاع عن ذلك بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تعتمد حكومته على دعم المتشددين الذين يعارضون حل الدولتين ويدعمون المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي التي يريدها الفلسطينيون لتلك الدولة.
وكان البيت الأبيض قد أقر برحلة سوليفان وأنه سيتوجه لاحقًا إلى إسرائيل، حيث من المقرر أن يلتقي بنتنياهو يوم الأحد، ومع ذلك، لم يصدر أي بيان فوري من الولايات المتحدة بشأن المناقشات، باستثناء القول إنها ستشمل "الحرب في غزة والجهود المستمرة لتحقيق سلام وأمن دائمين في المنطقة".
الملف النووى محور أساسي بالمباحثات
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فقد اعتمدت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة - مثل دول الخليج العربية الأخرى - على الولايات المتحدة لتكون الضامن الأمني للشرق الأوسط الأوسع، حيث امتدت التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني في السنوات الأخيرة إلى سلسلة من الهجمات. ومن المرجح أن يؤدي الاقتراح الذي تتم مناقشته الآن إلى تعميق ذلك، ويقال إنه يتضمن أيضًا الوصول إلى الأسلحة المتقدمة وربما الصفقات التجارية أيضًا، كما دفعت المملكة العربية السعودية من أجل التعاون النووي في الصفقة التي تتضمن سماح أمريكا لها بتخصيب اليورانيوم في المملكة - وهو الأمر الذي يقلق خبراء منع الانتشار النووي، حيث أن تشغيل أجهزة الطرد المركزي يفتح الباب أمام برنامج أسلحة محتمل، ويقول الأمير محمد إن المملكة ستسعى للحصول على سلاح نووي إذا امتلكت إيران ذلك. وهددت إيران في الأسابيع الأخيرة بشكل متزايد بأنها قد تفعل ذلك.
وفي غضون ذلك، أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك أن طهران أجرت محادثات غير مباشرة مع مسؤولين أميركيين في عمان الأسبوع الماضي. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) التي تديرها الدولة عن البعثة وصفها المحادثات بأنها "عملية مستمرة"، وقالت البعثة، بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إن "المفاوضات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة من نوعها"، وكانت عُمان، وهي سلطنة تقع على الطرف الشرقي لشبه الجزيرة العربية، موقعًا للمحادثات الأمريكية الإيرانية في الماضي، بما في ذلك في عهد بايدن على الرغم من التوترات بين البلدين.
صفقة شاملة .. البرنامج النووى مقابل الاعتراف بإسرائيل
وسبق اجتماع أمس عدة اجتماعات موسعة بين مسئولى البلدين، ففى إبريل الماضى، قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة اقتربا "للغاية" من إبرام الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، تشمل اتفاقا أمنيًا، وأضاف فرحان: "بالنسبة للاتفاقيات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، نحن قريبون للغاية".
وفي مارس، قالت تقارير لصحيفتي وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز، نقلا عن مصادر مطلعة على المناقشات بين البلدين، إن الرياض تريد عقد اتفاق أمني مع واشنطن، وضمانات أمنية ومساعدة من أجل تطوير برنامج نووي مدني، في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة التوسط في صفقة للتطبيع بين المملكة وإسرائيل، بحسب الصحفيتين، فيما أضاف وزير الخارجية السعودي: "تم إنجاز معظم العمل وحددنا الخطوط العريضة لما ينبغي أن يحدث على الجبهة الفلسطينية، قمنا بتنسيق الأمر بشكل وثيق مع الفلسطينيين، يجب أن يكون مسارًا واقعيًا لدولة فلسطينية، مسار ذو مصداقية ولا رجعة فيه، هذه هي الطريق الوحيدة".
تحييد إيران
ولم يكن الملف الإيراني بعيدا عن تلك المباحثات، فقد أكد الأمير فيصل بن فرحان أن "الشيء الصحيح هو حقوق الشعب الفلسطيني، تطلعات الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يجب أن تتحقق، ومن خلال تحقيق ذلك يمكننا أن نضمن انتهاء الصراع الذي دام لعقود عديدة، وإتاحة الكثير من الفرص حول التكامل والتي ستعزز استقلال منطقتنا"، وعندما قاطعه الصحفي توماس فريدمان، أثناء إدلائه بالتصريحات، بقوله: "ومن شأنها (الفرض) أن تحيد إيران بطريقة ما؟"، رد الأمير فيصل بن فرحان "نعم".
وأضاف: "من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تحييد إيران، لكنه سيوفر أيضًا فرصًا لإيران بعد ذلك، سيكون الأمر متروكًا لإيران وجميع الجهات الفاعلة الأخرى التي لا تؤمن بهذا الأشياء أن تختار، لأن الفرص الاقتصادية وفرص التنمية التي سيوفرها السلام والأمن والتعاون هائلة، والسؤال سيكون بعد ذلك سيكون هل تريد أن تندمج في ذلك أن تحاول أن تكون مفسدًا؟".