قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس؟.. علي جمعة: 5 كلمات تقيك الجلد

ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس
ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس
×

لاشك أنه ينبغي معرفة ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس ؟، خاصة وأنها سبيلك إلى النجاة من مهالك الذنوب وما تسببه من مصائب وكروب، حيث دائمًا ما أرشدنا -صلى الله عليه وسلم- إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، ومن ثم ينبغي معرفة ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس ؟، حتى لا نقع مثل الكثيرون في فخ جلد الذات الذي يودى بنا إلى الهلاك .

ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس

قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضع لمراجعة النفس دستورًا، يقول فيه : " أبدأ بنفسك ثم بمن تعول".

وأوضح “ جمعة ” في إجابته عن سؤال : ( ماذا قال الرسول عن مراجعة النفس
؟)، أنه لابد على الإنسان أن ينظر إلى نفسه أولا ، ويحاسب نفسه ما فعل من شر وما فعل من خير ، وعليه أن يستمر فى الخير .

وأضاف: وأن ينمى فعله فى نفسه قبل أن يحاسب الآخرين أو أن يلقى المسئولية على الآخرين ، يجب على كل إنسان فى موقعه أستاذا كان أو طالبا ، عاملا كان أو صاحب عمل ، رئيسا أو مرؤوسا ، رجلا أو امراة ، كبيرا كان أو صغيرا ؛ أن يلتزموا طريق الله سبحانه وتعالى .

وتابع: فلابد أن نبدأ بأنفسنا ولا نلقى مسئوليتنا على أحد ، فقد اشتكى علماء النفس من هذه الظاهرة المتفشية فينا كلما فشلنا أو قصرنا أو أخطأنا ألقينا بالمسئولية على غيرنا ، يجب علينا كما علمنا سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نبدأ بأنفسنا من غير جلد للذات ولا إحباط ولا يأس.

واستشهد بما قال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " أترى القذاة فى عين أخيك وتترك جزع النخلة فى عينك " ، قال الفاروق عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- : " رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي " .

وأوصى ، قائلاً: أصلح من نفسك ، راجعها ، تب إلى الله ، تحمل المسئولية "أبدأ بنفسك ثم بمن يليك"، "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ، منوهًا بأنه تركنا سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمنا ولقد خالفنا تعاليمه .

واستطرد: ووضح لنا ولكننا خرجنا عن سنته ، وبدأنا نتكلم هنا وهناك محملين المسئولية على الغير أو على غيرهم ، ولكن لابد علينا من أن نعود إلى محاسبة أنفسنا أولا ، وليتدبر كل منكم كم يعمل فى اليوم لله ولعمارة الأرض ولتزكية النفس وللأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والنصيحة فى الدين .

ما هي محاسبة النفس

قال الماوردي في ذلك: (أن يتصفح الإنسان في ليلة ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه واتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل) (أدب الدنيا والدين للماوردي)، وقال ابن القيم (رحمه الله): (هي التمييز بين ما له وما عليه (يقصد العبد)، فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه، لأنه مسافر سفر من لا يعود) (مدارج السالكين لابن القيم).

وأما الحارث المحاسبي فقد عرفها بقوله: (هي التثبت في جميع الأحوال قبل الفعل والترك من العقد بالضمير، أو الفعل بالجارحة، حتى يتبين له ما يفعل وما يترك، فإن تبين له ما كره الله – عز وجل – جانبه بعقد ضمير قلبه، وكف جوارحه عما كرهه الله – عز وجل – ومنع نفسه من الإمساك عن ترك الفرض، وسارع إلى أدائه) (التربية الذاتية من الكتاب والسنة لهاشم علي احمد).

فضل مراجعة النفس

لقد حث الله أهل الإيمان على محاسبة نفوسهم والتأمل فيما قدموه لأخراهم فقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " [الحشر:18]، قال صاحب (الظلال): (وهو تعبير كذلك ذو ظلال وإيحاءات أوسع من ألفاظه، ومجرد خطوره على القلب يفتح أمامه صفحة أعماله بل صفحة حياته، ويمد ببصره في سطورها كلها يتأملها، وينظر رصيد حسابه بمفرداته وتفصيلاته لينظر ماذا قدم لغده في هذه الصفحة، وهذا التأمل كفيل بأن يوقظه إلى مواضع ضعف ومواضع نقص ومواضع تقصير مهما يكن قد أسلف من خير وبذل من جهد، فكيف إذا كان رصيده من الخير قليلاً ورصيده من البر ضئيلاً؟! إنها لمسة لا ينام بعدها القلب أبداً، ولا يكف عن النظر والتقليب) (في ظلال القرآن لسيد قطب).

وقال تعالى: " وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ " [القيامة:2].

يقول الفراء: (ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيراً قالت: هلا ازددت، وإن عملت شرا قالت: ليتني لم أفعل) (تفسير البغوي).

وقال الحسن في تفسير هذه الآية: (لا يلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والفاجر يمضي قدماً لا يعاتب نفسه) (كتاب الزهد للإمام أحمد).

ويقول الله – عز وجل – في وصف المؤمنين الذين يحاسبون أنفسهم عند الزلة والتقصير يرجعون عما كانوا عليه: " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ " [الأعراف:201].

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله » قال الترمذي: (معنى قوله: (من دان نفسه) حاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة) (سنن الترمذي والحديث من رواية شداد بن أوس، قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي في تصحيح).

وما أجمل قول الفاروق عمر – رضي الله عنه – في عبارته الشهيرة (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ " [الحاقة:18] (كتاب الزهد، للإمام أحمد ومدارج السالكين).

وصدق – رحمه الله - فإن المحاسبة للنفس في دار الدنيا أهون من محاسبة الله للعبد في يوم تشيب فيه رؤوس الولدان، فالمحاسب هو الله، وكفى بالله حسبيا، والوثيقة التي يدان بها العبد: كتاب: " لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا " [الكهف:49].

يصف الحسن البصري المؤمن بقوله: (المؤمن قوام على نفسه يحاسبها لله، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبه) (حلية الأولياء لأبي نعيم).

ويقول ميمون بن مهران: (إنه لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه) (الزهد لوكيع بن الجراح، تحقيق: الفريوائي).

روي عن الإمام أحمد أن وهب بن منبه قال: (مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يتخلى فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات، وإجماماً للقلوب) (إغاثة اللهفان).

ومن هنا تتضح أهمية محاسبة النفس، وخطورة إهمالها من غير محاسبة وملاحظة: لأن إهمالها هو شأن الغافلين السادرين.

وقال ابن القيم – رحمه الله – (أضرّ ما على المكلف الإهمال وترك المحاسبة والاسترسال، وتسهيل الأمور وتمشيتها، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذا حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب، ويمشّي الحال، ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأنس بها وعسر عليه فطامها)(إغاثة اللهفان).

ولنستمع إلى هذه الكلمات الجميلة لأبي حامد الغزالي وهو يصف أرباب القلوب المنيبة وذوي البصائر الحية فيقول: (فعرف أرباب البصائر من جملة العباد أن الله – تعالى – لهم بالمرصاد، وأنهم سيناقشون في الحساب ويطالبون بمثاقيل الذر من الخطرات واللحظات، وتحققوا أنه لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة وصدق المراقبة ومطالبة النفس في الأنفاس والحركات، ومحاسبتها في الخطرات واللحظات، فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته) (الإحياء).

إن الأمر شاق وعسير يتطلب من المسلم صبراً ومصابرة وطول مجاهدة، فليست النفس سهلة القياد، بل هي صعبة عسيرة إلا إن رُوِّضت وأُلجمت بلجام التقوى، وهذا يستلزم أخذها بالحزم والمجاهدة.

قال الحسن – رحمه الله -: (اقرعوا هذه الأنفس، فإنها طُلَعَة (قال في القاموس في مادة (طلع) نفس طلعة: تكثر التطلع إلى الشيء) وإنها تنازع إلى شر غاية، وإنكم إن تقاربوها لم تبق لكم من أعمالكم شيئاً، فتصبروا وتشددوا، فإنما هي أيام تعد، وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعي أحدكم فيجيب ولا يلتفت فانقلبوا بصالح ما بحضرتكم) (حلية الأولياء وذم الهوى).

فوائد محاسبة النفس

ورد لمحاسبة النفس فوائد متعددة نذكر منها ما يلي:

1- الاطلاع على عيوب النفس ونقائصها ومثالبها، ومن ثم إعطاؤها مكانتها الحقيقة إن جنحت إلى الكبر والتغطرس، ولا شك أن معرفة العبد لقدر نفسه يورثه تذللا لله، فلا يُدِل بعمله مهما عظم، ولا يحتقر ذنبه مهما صغر.

قال أبو الدرداء رضى الله عنه: (لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون أشد لها مقتا) (كتاب الزهد للإمام أحمد).

وليعلم العبد علم اليقين أنه مهما قدم من طاعات وقربات فذاك لا يوزاي فضل الله عليه، فالحذر من أن يتسلل إلى العبد داء العجب القتال فإنه محبط للعمل، مسقط من عين الله.

* ذكر الإمام أحمد عن بعض أهل العلم أنه قال له رجل: " إني لأقوم في صلاتي فأبكي حتى يكاد ينبت البقل من دموعي " فقال له ذلك العالم: " إنك أن تضحك وأنت تعترف لله بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك، فإن صلاة الدال لا تصعد فوقه " فقال: " أوصني " قال: " عليك بالزهد في الدنيا، وألا تنازعها أهلها، وأن تكون كالنحلة: إن أكلت أكلت طيباً، وإن وضعت وضعت طيباً، وإن وقعت على عود لم تضره ولم تكسره، وأوصيك بالنصح لله – عز وجل – نصح الكلب لأهله، فإنهم يجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم وينصحهم " (إغاثة اللهفان لابن القيم).

2- أن يتعرف على حق الله – تعالى – عليه وعظيم فضله ومنه، وذلك عندما يقارن نعمة الله عليه وتفريطه في جنب الله، فيكون ذلك رادعا له عن فعل كل مشين وقبيح، وعند ذلك يعلم أن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته، ويتيقن أنه من حقه – سبحانه – أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.

3- تزكية النفس وتطهيرها وإصلاحها إلزامها أمر الله – تعالى – وهذه هي الثمرة المرجوة من جراء محاسبة العبد لنفسه، فتزكية النفس عليها مدار فلاح العبد ونجاته من عذاب الله. قال تعالى: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا " [الشمس: 9، 10].

وقال مالك بن دينار: (رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله – عز وجل – فكان لها قائداً) (إغاثة اللهفان).

4- (أنها تربي عند الإنسان الضمير داخل النفس، وتنمي في الذات الشعور بالمسؤولية ووزن الأعمال والتصرفات بميزان دقيق هو ميزان الشرع) (التربية الذاتية).

*حكى الغزالي أن أبا بكر – رضي الله عنه – قال لعائشة – رضي الله عنها - عند الموت: (ما أحد من الناس أحب إلي من عمر) ثم قال لها: كيف قلت؟ فأعادت عليه ما قال، فقال: (ما أحد أعز علي من عمر) !!.

يقول الغزالي: (فانظر كيف نظر بعد الفراغ من الكلمة فتدبرها وأبدلها بكلمة غيرها) (إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي).