كشفت دار الإفتاء المصرية، عن ضوابط نشر الأذكار على مواقع التواصل الاجتماعي، منوهة أن تذكير الناس على مواقع التواصل بالأذكار الشرعية أمر مشروع وحسن.
ضوابط نشر الأذكار
وتابعت دار الإفتاء في فتوى لها: إلا أنه ينبغي أن يكون مقيدًا ببعض الضوابط التي تجعله يُحقق الثمرة المرجوة منه، ومنها: أن يكون في محلِّه، وأن يكون بأسلوب حسن مقبول؛ لئلا يكون مُنفِّرًا من طاعة الله تعالى؛ لعموم كونه من الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125].
[[system-code:ad:autoads]]وأوضحت دار الإفتاء أن من هذه الضوابط: ألا يشتمل هذا التذكير على ما يظهر منه التسلط أو الإلزام، ككلمة: "حرام عليك لو لم ترسلها لغيرك"، وما شابه ذلك؛ لأن هذا من القول على الله تعالى بغير علم، قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33].
[[system-code:ad:autoads]]هل نشر الأذكار بدعة؟
وأشارت إلى أن هذا التذكيرُ بالأذكار الشرعية على مواقع التواصل أو غيرها -مع مراعاة ضوابطه- لا يدخل في نطاق البدعة المذمومة شرعًا؛ لأن البدعة المذمومة هي الفعل المستحدث المخالف لقواعد الشريعة، أما الموافقة لقواعد الشريعة فهي مباحة، وقد تكون مندوبة، بل وقد تكون واجبة.
قال العلامة العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (2/ 204): [البدعة فِعْلُ مَا لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تُعْرَض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة] اهـ.
وقال الإمام ابنُ عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 560، ط. دار الفكر): "البدعة خمسة أقسام: (قوله: أي صاحب بدعة) أي: محرمة، وإلَّا فقد تكون واجبة: كنصب الأدلة للرد على أهل الفرق الضالة، وتعلم النحو المفهم للكتاب والسنة، ومندوبة: كإحداث نحو رباط ومدرسة، وكل إحسان لم يكن في الصدر الأول، ومكروهة: كزخرفة المساجد، ومباحة: كالتوسع بلذيذ المآكل، والمشارب، والثياب] اهـ.
وقال العلامة الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (1/ 217-218، ط. أوقاف الكويت): [المُحدثات ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سُنَّة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أُحدِث من الخير لا خلاف فيه، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام رمضان: نعمت البدعة هي، يعني: أنها محدثة لم تكن] اهـ.
فيظهر بما لا مجال معه للريب أن هذا الفعل مندوب إليه شرعًا، وأنه لا يدخل في البدع المنهي عنها شرعًا؛ لأنه ليس كل أمر مستحدث يكون منهيًّا عنه.
قال الإمام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كل ما أبدع منهيًّا، بل المنهي بدعة تضاد سنةً ثابتةً، وترفع أمرًا من الشرع مع بقاءِ علَّته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيَّرت الأسباب] اهـ.