مايحدث فى قطاع غزة بل وتجاه القضية الفلسطينية برمتها يصعب توقع نتائجه فى ظل نظرية القوة المفرطة ومايقابلها من امكانات محدودة ان لم تكن بدائية . هذا الأمر المحير دفعتى دفعا للتعامل بطريقة البرنامج الاذاعي الاشهر فى زمانه والذى كان ييدأ بقول : كان لى صديق فيلسوف بأقوال الحكمة شغوف ….فسألته يوما عن غزة واسرائيل فقال لى : ان الكذب والحقيقة تقابلوا فى يوم فقال الكذب للحقيقة ؛ ان اليوم جميل جدا ، فنظرت الحقيقة حولها فى شك ورفعت عينيها للسماء
فوجدت انه بالفعل الجو جميل جدا ؛ فقررت ان تقضي اليوم فى نزهة مع الكذب. فعاد الكذب و قال للحقيقة " ان مياه البئر صافية و دافئة فهيا بنا نسبح" . نظرت الحقيقة للكذب فى شك للمرة الثانية .ثم لمست المياه فوجدتها صافية و دافئة بالفعل .فخلع الاثنين ملابسهما و نزلا للإستحمام . . !
و فجأة . . خرج الكذب من البئر سريعا و ارتدى ثوب الحقيقة وجرى حتى اختفى . . !فخرجت الحقيقة من البئر عارية و غاضبة و جرت محاولة ان تلحق بالكذب .فلما رآها الناس عارية تضايقوا منها و أداروا وجوههم عنها .! و هنا رجعت الحقيقة الى البئر و توارت و لم تظهر مرة أخرى من شدة خجلها !
و منذ ذلك الحين و الكذب يلف العالم مرتديا ثوب الحقيقة و الناس تتقبله وفي نفس الوقت يرفضون رؤية الحقيقة العارية . بهذه الكلمات برهن الفيلسوف على مايجرى فى قطاع غزة ، ومايلاقي اهل الحق من عذاب ومايتمتع به اهل الضلال من عطاءات وتفضيل ؛ وتقديم كل فروض الولاء والطاعة ، رغم انهم أهل الكذب والنفاق والخداع ؛ واستكمل الفيلسوف حديثه بقصة أخرى وهو يدارى جزعه وحزنه من الواقع المرير الذى تعيشه منطقتنا المتعبة من كل من يفعل المستحيل لنهب خبراتها ؛ وترويع أمنها وامانها .. فقال لى “عند شراء الدجاج الحي تجد أن
صاحب المحل يدخل يده في القفص ليمسك الدجاج من اجل ذبحـه ونتفه ، وليس هذا هو المهم ؛ ولكنه عندما يدخل يده في القفص يهرب الدجاج ويبتعد إلى الداخل؛ فيكون بحالة فزع
فيأخذ التاجر من القفص من حق عليها الذبح.فيعود الدجاج إلى وضعه الطبيعي يأكل ويشرب.
وتتكرر هذه العمليه باستمرار
ويبقى الدجاج بين حالتين:
الأولى ….فزع من الذبـح وبالطبع يتبعها لحظة الهروب ؛
و الثانيه هى النسيان والعودة الى ماكانت عليه حياته العادية من اكل وشرب ولعب ..لكنه مع هذا كله في آخر النهار سيكون القفص مفرغا بالكامل من الدجاج ولايبقى إلا الأثر. انتهى الفيلسوف من حديثه وتركنى فى حيرة من أمرى ؛ وجعلنى أنادى كل من ألتقى به وأسأله : ماذا بعد ان اصبحت الحقيقة عارية والقفص بلا دجاج !!!
.