قالت دار الإفتاء المصرية، إنه قد جاء الأمر الشرعي بقراءة القرآن الكريم على جهة الإطلاق، ومن المقرر أن الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال؛ فلا يجوز تقييد هذا الإطلاق إلا بدليل، وإلا كان ذلك ابتداعًا في الدين بتضييق ما وسَّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
[[system-code:ad:autoads]]وأضافت دار الإفتاء، أن قراءة القرآن عند القبر على الموتى -قبل الدفن وفي أثنائه وبعده- مشروعةٌ ابتداءً بعموم النصوص الدالة على مشروعية قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى أنه قد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآثـارٌ كثيرةٌ عن السلف الصالح في خصوص ذلك
[[system-code:ad:autoads]]وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا مات أحدُكم فلا تحبسوه، وأَسْرِعوا به إلى قبره، وليُقْرَأْ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة سـورة البقرة في قبره» أخرجه الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان، وإسناده حسنٌ كما قال الحافظ في الفتح، وفي رواية «بفاتحة البقرة» بدلًا من «فاتحة الكتاب».
وذكرت دار الإفتاء أنه قد جاءت السنة بقراءة سورة (يس) على الموتى، في حديث معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اقْرَءُوا (يس) عَلَى مَوْتَاكُمْ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم.
كما جاء الشرع الشريف بقراءة سورة الفاتحة على المتوفى؛ وذلك لأن فيها مِن الخصوصية في نفع الميت وطلب الرحمة والمغفرة له ما ليس في غيرها؛ كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمُّ القرآنِ عِوَضٌ عن غيرها، وليس غيرُها عِوَضًا عنها» رواه الدارقطني وصححه الحاكم، وبَوَّب لذلك الإمام البخاري في صحيحه بقوله (باب قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجَنَازَةِ)، وهذا أعَمُّ مِن أن يكون في صلاة الجنازة أو خارجها
واستدل العلماء على قراءة القرآن عند القبر أيضًا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ» ثُمَّ قَالَ: «بَلَى؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ، ثُمَّ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» متفقٌ عليه.
كما أخذ العلماء وصول ثواب القراءة إلى الميت مِن جواز الحج عنه ووصول ثوابه إليه؛ لأن الحج يشتمل على الصلاة، والصلاة تقرأ فيها الفاتحة وغيرها، وما وصل كله وصل بعضه، وهذا المعنى الأخير وإن نازع فيه بعضهم إلَّا أن أحدًا مِن العلماء لم يختلف في أن القارئ إذا دعا الله تعالى أن يهب للميت مثل ثواب قراءته فإن ذلك يصل إليه بإذن الله؛ لأن الكريم إذا سُئِل أعطَى وإذا دُعِيَ أجاب.