أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" هل الأضحية أفضل أو التصدق بثمنها؟".
لترد دار الإفتاء المصرية، ان الأضحية في وقتها أفضل من التصدق بثمنها، أمَّا في غير وقتها فتكون تبعا للحال التي تراعى، فقد تكون الصدقة أفضل، وقد تكون الأضحية أفضل، وتكون الصدقة أفضل إن كانت أعمَّ نفعًا وأعودَ على الفقراء؛ إذ لا معنى من حبس المال عن الفقير من أجل شراء أضحية، خاصة إن كان محتاجًا للطعام والمأوى وما يلزمه.
بيان مفهوم الأضحية وحكمها شرعا
الأضحية في اللغة: مشتقة من الضحوة، وتطلق على ما يذبح من الأضاحي، حيث سميت بأول زمان فعلها وهو الضحى، وتُضم همزتها وتُكسر، وفيها لغات أخرى. ينظر: "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للفيومي (2/ 358، ط. المكتبة العلمية).
والأضحية في اصطلاح الفقهاء هي: اسم لما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى بشروط مخصوصة. يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (6/ 122، ط. دار الكتب العلمية).
والنَّعم هي: الإبل والبقر والغنم، فلا تصح إلَّا من هذه الثلاثة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 34].
واختلف الفقهاء في حكم الأضحية، فذهب الحنفيَّة إلى وجوبها على المقيم المستطيع، وذهب المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة إلى أنَّها سنة مؤكدة على المستطيع. يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني الحنفي (4/ 355، ط. دار إحياء التراث العربي) و"حاشية الباجوري الشافعي على ابن القاسم" (2/ 296، ط. فيصل عيسى الحلبي) و"حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني" للعدوي المالكي (1/ 566، ط. دار الفكر) و"الروض المربع بشرح زاد المستقنع" للبهوتي الحنبلي (2/ 168، ط. الركائز).
مذاهب الفقهاء في الأفضلية بين الأضحية والصدقة
اختلف الفقهاء في الأفضلية بين الأضحية والصدقة: فذهب الحنفيَّة والشافعيَّة إلى أَنَّ الأضحية في وقتها يوم النحر أفضل من الصدقة؛ لما فيها من الجمع بين إراقة الدم والتصدق، ولأنَّ معنى القربة في إراقة الدم في هذه الأيام أظهر، أمَّا في غير وقتها فقد تكون الصدقة أفضل إذا كانت أعمَّ نفعًا وأعود على الفقراء.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (12/ 13-14، ط. دار المعرفة): [(والأضحية أحب إليَّ من التصدق بمثل ثمنها) والمراد في أيام النحر؛ لأن الواجب التقرب بإراقة الدم، ولا يحصل ذلك بالتصدق بالقيمة، ففي حقِّ الموسر الذي يلزمه ذلك لا إشكال أنه لا يلزمه التصدق بقيمته، وهذا لأنه لا قيمة لإراقة الدم، وإقامة المتقوم مقام ما ليس بمتقوم لا تجوز، وإراقة الدم خالص حقِّ الله تعالى، ولا وجه للتعليل فيما هو خالص حق الله تعالى وأشرنا بهذا إلى الفرق بين هذا والزكاة وصدقة الفطر، وأما في حق الفقير التضحية أفضل؛ لما فيه من الجمع بين التقرب بإراقة الدم والتصدق، ولأنه متمكن من التقرب بالتصدق في سائر الأوقات، ولا يتمكن من التقرب بإراقة الدم إلا في هذه الأيام فكان أفضل، وأَمَّا بعد مضي أيام النحر فقد سقط معنى التقرب بإراقة الدم؛ لأنها لا تكون قربة إلا في مكان مخصوص وهو الحرم، وفي زمان مخصوص وهو أيام النحر، ولكن يلزمه التصدق بقيمة الأضحية إذا كان ممن تجب عليه الأضحية] اهـ.
وقال الإمام الرملي الكبير الشافعي في "حاشيته على أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 534، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: وهي سنة مؤكدة) بل هي أفضل من صدقة التطوع، قاله النووي في "مجموعه"، قال الأذرعي: ويشبه أن يقال: الأفضل ما كان أعم نفعًا وأعود على الفقراء، وحينئذ فقد تكون التضحية أفضل في وقت من الصدقة وبالعكس، وأقول: لو كان معه ما يتصدق به من أول العشر مثلًا ووجد محتاجين إلى الصدقة لِعُرْي أو جوع أو غُرم قد حبسوا عليه مثلًا أن البِدار إلى الصدقة عليهم أفضل من التأخير للتضحية به، وإنما ينقدح تفضيلها لو كان في وقتها، ولم يظهر ما يدل على أن الصدقة أعظم نفعًا منها] اهـ.