"حماس هى التى أضرت بشعبها مع تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر .. خروج حماس من المشهد هو الحل الأمثل للأزمة الفلسطينية .. علينا أن نرى هزيمة حماس لعودة السلام إلى المنطقة" .. هكذا كانت تدور تصريحات قيادات الغرب عند الحديث عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة، ولكن ربما تنطلى فحيح الأفاعى على من لا يقرأ التاريخ، أو على كائنات تأتى إلى الأرض ولا تعلم عن تاريخ البشر شيئا، ولكن ما أشبه البارحة باليوم، حين قام أجداد هذا الجيش المجرم بإبادة قرى وتهجير شعب من أرضه منذ 76 عاما، وتحديدا في 14 مايو 1948، فى جريمة النكبة الفلسطينية، ولكن حينها لم يكن هناك حماس أو تقريبا كافة الفصائل الفلسطينية الحالية.
[[system-code:ad:autoads]]ولكن المؤكد أن جيش دولة الاحتلال كان هو المجرم في جرائم البارحة، ويزداد إجرامه فى إبادة اليوم، وكذلك وبفضل الانحياز الغربى يبقى الشعب الفلسطيني هو الضحية فى النكبتين، ولا يختلف اثنان على ذات الاستراتيجية التى تنفذها تل أبيب، وبإشراف وتخطيط أمريكي، من سياسة التهجير، والإبادة الجماعية، واستراتيجية الأرض المحروقة، منهج الترويع والإفزاع لفرض السيطرة، وهنا نرصد البارحة وأصدائه لليوم.
[[system-code:ad:autoads]]ما هي النكبة؟ ولماذا يقال بأنّ النكبة مستمرة حتى اليوم؟
تعني كلمة "نكبة" بالعربية: الكارثة الكبرى. وفي السياق الفلسطيني، يتعلق هذا المصطلح بسيرورة متواصلة لنهب أراضي وأملاك الشعب الفلسطيني وحرمانه منه. بدأت هذه العملية قبل سنة 1948، مع بدء التطلعات الصهيونية إلى الاستيلاء على أكبر كمية من الأراضي لاستخدام اليهود الحصري، وقد جرى الأمر في بعض الأحيان مترافقا مع طرد فلاحين من مكان سكنهم وأخذ مصدر رزقهم، وهكذا، ومن بداية فترة الاستيطان الصهيوني وحتى سنة 1948، تم هدم 57 قرية فلسطينية وتهجير سكانها.
وقد مثّلت حرب 1948 قمّة هذه العملية: فإلى جانب فظائع الحرب والمجازر، والاغتصاب والنهب، مثّلت النكبة هدم أكثر من 500 بلدة وقرية وتحويل أكثر من 750 ألف رجل وامرأة إلى لاجئين. وهذا الرقم يعني نحو 85% من السكّان الفلسطينيين الذين كانوا يقطنون في الأرض التي أقيمت عليها دولة إسرائيل، وأثناء الحرب أيضا، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارها بمنع عودة مئات آلاف الفلسطينيين الذين تم دفعهم إلى الهرب خشية من المعارك، أو تم طردهم بصورة منظمة ومخطط لها.
البداية 15ألف مجزرة.. وعداد الإبادة وصل لـ134 ألف شهيد
وفي بداية النكبة، تناهز عدد ضحايا المجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية 15 ألف فلسطيني، بالإضافة إلى مقتل حوالي 3500 عربي، مع تشريد نحو 200 ألف فلسطيني، ورغم هذه الخسائر الهائلة، فقد بقي نحو 150 ألف فلسطيني فقط في المدن والقرى العربية داخل إسرائيل، ووصل عددهم إلى نحو مليون و700 ألف بحلول نهاية عام 2021، وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وخلال هذه الفترة، فقد ما يزيد على 100 ألف فلسطيني حياتهم، بينهم 11 ألفاً و358 منذ بداية انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 حتى 30 أبريل 2022، وبإضافة 34 ألف شهيد حتى الآن بحرب الإبادة داخل قطاع غزة، فإن عداد الإبادة الذى بدأ منذ النكبة وصل إلى 134 ألف شهيد.
استيطان واعتقالات
ومنذ أحداث النكبة وحتى الوقت الراهن، تستمر سياسات الاعتقال الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ويذكر جهاز الإحصاء المركزي الرسمي أنه تم تسجيل أكثر من مليون حالة اعتقال منذ عام 1967، مشيراً إلى وجود نحو 9 آلاف و400 أسير حالياً في سجون إسرائيل، فعلى الصعيد الاستيطاني، يشير التقرير الفلسطيني إلى أن "عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ نهاية عام 2022 في الضفة الغربية 483 موقعاَ، منها 151 مستعمرة (مستوطنة) و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة".
كما يتحدث عن "163 بؤرة استعمارية، و144 موقعاً آخر يصنف مناطق صناعية أو سياحية أو خدماتية ومعسكرات للجيش"، وقال "الإحصاء الفلسطيني" إن عدد المستوطنين في الضفة الغربية "بلغ 745 ألفاً و467، وذلك في نهاية عام 2022، معظمهم يسكنون محافظة القدس بواقع 336 ألفاً و272 مستعمراً".
الغرب أصل الجريمة
وبالنسبة للفلسطينيين، لا تقتصر النكبة على حدث 15 مايو 1948 فحسب، بل تمتد إلى وعد بلفور الذي صدر في 2 نوفمبر 1917، والذي أيدته بريطانيا وأعلنت دعمها لمشروع الهجرة الصهيوني وإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وبعد أقل من عقدين، احتلت إسرائيل ما تبقى من فلسطين، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافةً إلى أراضٍ عربية في لبنان وسوريا والأردن ومصر.
ويصف مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي) "النكبة" بأنها "أكبر عملية تطهير عرقي في القرن العشرين"، حيث قامت بتوثيق المعلومات الرئيسية المتعلقة بها على موقعه الإلكتروني، وتشير المعلومات إلى أن "النكبة" أدت إلى تشريد قسري لنحو 800 ألف فلسطيني من إجمالي 1.4 مليون، حيث انتقلوا إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ودول عربية مجاورة.
وفي هذا السياق، شهدت "النكبة" إقامة إسرائيل على مساحة تزيد على 85% من أراضي فلسطين التاريخية، بلغت حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، وتدمير 531 من إجمالي 774 قرية ومدينة فلسطينية.
هكذا تحولت النكبة إلى يوم العودة؟
تعتبر مسيرات العودة وكسر الحصار من الفعاليات التي يحييها الشعب الفلسطيني، حيث بدأت في مارس 2011، وما زالت مستمرة حتى الآن، وهي تهدف إلى المطالبة بالعودة إلى الأرض المحتلة، وكسر الحصار الذي يفرض على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عاماً كما يُعتبر يوم "مسيرة العودة" تحويلاً لذكرى "النكبة" إلى فعالية للعودة، حيث تم تنظيم مسيرات في 15 مايو 2018 للتعبير عن رغبة الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وشهدت هذه المسيرات مشاركة كبيرة من الفلسطينيين من مخيمات لبنان والدول المجاورة.
وانطلقت مسيرات يوم الجمعة الموافق 15 مايو 2018، قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة، وقام الجيش الإسرائيلي بقمعها بشدة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد من الأشخاص، يومها، تجمع عشرات آلاف الفلسطينيين العزل في عدة نقاط قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، رداً على دعوة صادرة عن فصائل فلسطينية بمناسبة الذكرى الـ 42 لـ "يوم الأرض"، وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بوقوع 15 قتيلاً وأكثر من 1400 مصاب جراء إطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع من قبل القوات الإسرائيلية على المتظاهرين السلميين، وهذا جعل مصطلح "حق العودة" الفلسطيني يعود إلى الصدارة مجدداً في عموم النقاشات.
ماذا تغير فى أعداد الشعب الفلطسيني
ومع الذكرى السادسة والسبعين، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين في العالم بلغ 14.63 مليون نسمة حتى نهاية عام 2023 "ما يشير إلى تضاعف عددهم نحو 10 مرات منذ نكبة 1948"، وأوضح الجهاز المركزي في بيان، بمناسبة الذكرى "76 لنكبة فلسطين"، التي تصادف الخامس عشر من أيار، أن "5.55 مليون منهم يعيشون فـي دولة فلسطين، وحوالي 1.75 مليون في أراضي 1948، فيما بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 6.56 مليون، وحوالي 772 ألفا في الدول الأجنبية".
وأضاف أن "عدد الفلسطينين في فلسطين التاريخية بلغ حوالي 7.3 مليون، في حين يقدر عدد اليهود نحو 7.2 مليون مع نهاية عام 2023، وبناء على هذه المعطيات فإن الفلسطينيين يشكلون 50.3% من السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، فيما يشكل اليهود ما نسبته 49.7% من مجموع السكان"، وتابع البيان: "يستغل الاحتلال أكثر من 85% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية (27,000 كم2)، واستعرض البيان "بعض الأحداث التي شهدتها النكبة والتي رحل أو أجبر على الرحيل بسببها مئات الآلاف من الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، وجاء في البيان "تم تشريد ما يزيد على مليون فلسطيني من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948".
وأوضح الجهاز المركزي: "من بين مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يقيمون في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية عام 1948 تم تهجير مليون مواطن إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلا عن التهجير الداخلي للآلاف منهم داخل الأراضي التي أخضعت لسيطرة الاحتلال منذ عام 1948"، وقال البيان: "سيطر الاحتلال الإسرائيلي على 774 قرية ومدينة فلسطينية، 531 منها تم تدميرها بالكامل، فيما تم إخضاع المتبقية إلى الاحتلال وقوانينه"، وأشار إلى أن "ما يزيد على 134 ألفا من الفلسطينيين والعرب، استشهدوا منذ نكبة 1948، وحتى اليوم داخل وخارج فلسطين" .
عقم المجتمع الدولى وليد البارحة.. قرارات بالعودة بلا جدوى
وعقم المجتمع الدولى ليس وليد اليوم، فالتاريخ يكشف عن قرارات تصدر بلا جدوى، وتؤكد الأمم المتحدة على ضرورة عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر عام 1948، القرار رقم (194) الذي يلزم "السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم"، وفق البند 11 من القرار، وينص القرار على "دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يختارون عدم العودة إلى ديارهم، وعن كل مفقود أو مصاب بأضرار".
كما طالبت الجمعية في البند 12 من القرار، "بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى دفع تعويضات لهم"، وفي عام 1974، أكدت الجمعية العامة في قرارها (3236)، "حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها واقتلعوا منها، وتطالب بإعادتهم"، وشدد القرار على "الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل، وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه"، وهو ما لم ينفذ حتى الآن.