يبدو أن آثار الحرب في قطاع غزة لن تقتصر على الجرائم التى لحقت بالشعب الفلسطيني بالأشهر الماضية، ولحين انتهاء الحرب، ولكن هناك كارثة أخرى تحذر منها الأمم المتحدة ظهرت بوادرها خلال الأيام الماضية، وهو ما أسمته بـ "التهديد الخفى" الذي ينتظر الأطفال قبل الكبار داخل القطاع، وهو انتشار الصواريخ والذخائر غير المتفجرة داخل شوارع القطاع، وتحت الأنقاض.
[[system-code:ad:autoads]]وبحسب تقرير نشرته صحيفةNPR الأمريكية، فإن الأثار الكارثية لم تنتظر انتهاء الحرب، حيث ظهرت بالفعل عدة حوادث داخل قطاع غزة، فحين رجع بعض الأهالى إلى منازلهم بالقطاع انفجرت مقذوفات فى أطفال وشباب، وهو ما يدعو لضرورة التنبه للظاهرة من الآن، خصوصا فى ظل الترحال المتغير لأهالي غزة بحسب إعلانات الجيش الإسرائيلي.
[[system-code:ad:autoads]]الكارثة فى غزة أضعاف أوكرانيا
يبدأ حديث الصحيفة الأمريكية، بقصة بيرش، فعندما هاجم مسلحون بقيادة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، تصادف أن بيرش كان موجوداً في غزة بالفعل، وكان يعمل على إزالة الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها صراع عام 2021 هناك، ويقول إن الذخائر تركتها كل من حماس وإسرائيل، والكثير منها مخفي فيما تقدر الأمم المتحدة أنه يبلغ 37 مليون طن متري من الحطام.
ويقول بيرش: "يوجد الآن أنقاض في غزة أكثر مما هو موجود في أوكرانيا، ولوضع ذلك في الاعتبار، يبلغ طول خط المواجهة في أوكرانيا حوالي 600 ميل وطول غزة 25 ميلاً"، وعندما قام فريق من الأمم المتحدة بتفتيش خان يونس، المنطقة التي تعيش فيها عائلة أبو سمور، قالوا إنهم عثروا على قنابل تزن 1000 رطل، غير منفجرة، في التقاطعات الرئيسية وداخل المدارس.
غزة فاقت كابول وسراييفو
فيما يقول إريك توليفسين، خبير المتفجرات الذي خدم في الجيش النرويجي وهو الآن في الخدمة العسكرية النرويجية: "كنت في سراييفو عام 1992، وكنت في بغداد عام 2003، وكنت في كابول، ولكن لا شيء يمكن مقارنته بما رأيناه في غزة"، هو عضو باللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، وكان في غزة في فبراير ومارس.
ويقول: "إنه مستوى الدمار المذهل. إنه مرعب حقًا"، ويضيف توليفسين أنه عثر على قذيفة مدفعية غير منفجرة على بعد ستة أقدام فقط من باب مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة، وفي أحد الأيام، بينما كان يقود سيارته بالقرب من مخيم للفلسطينيين النازحين، رأى خيمة مثبتة بصاروخ غير منفجر، ويتذكر أن الأطفال كانوا يلعبون حوله.
الحل مستحيل تطبيقه
والمقلق في تلك الأزمة هو أن الحل مستحيل تطبيقه، فبحسب الصحيفة الأمريكية، فعادة، للتخلص من المتفجرات، تحتاج في الواقع إلى المزيد من المتفجرات – لتفجيرها بشكل متحكم فيه، وهذا مستحيل، وذلك كون المتفجرات ليست مدرجة في قائمة المواد التي تسمح إسرائيل حاليا لعمال الإغاثة بحملها إلى غزة، ولذلك أحضر توليفسين معدات التسلق وخطافات الصيد الخاصة به، فهو يستخدمهم لسحب القنابل بحذر شديد بعيدًا عن خيام الناس، ولكن بدون معدات ثقيلة، لا يستطيع التخلص من القنابل.
يقول: "علينا فقط أن نتركهم هناك، وأجد ذلك مزعجًا للغاية، لأننا لا نستطيع مساعدتهم بأي طريقة أخرى"، فيما يقوم عمال الإغاثة برسم خرائط لموقع الذخائر الخطيرة ويرسلون تحذيرات على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن مع ندرة الكهرباء ومحدودية الاتصال بشبكة الجيل الرابع في غزة في الوقت الحالي، فإنهم ينشرون أيضًا ملصقات ويوزعون منشورات، ويشير توليفسين إلى أن "الأطفال فضوليون للغاية، فهم يرون بأيديهم، ويلمسون الأشياء، وهذا يجعلهم عرضة للخطر للغاية".
ماذا حدث للطفل محمد أبو سمور البالغ من العمر 14 عاماً؟
عثر محمد أبو سمور، البالغ من العمر أربعة عشر عاماً، على ما اعتقد أنه زجاجة عطر أو مزيل عرق، وفقد يده اليسرى من تحت المرفق، وجميع أصابع يده اليمنى، فعندما انفجرت ما كان يعتقد أنها زجاجة عطر، فقد محمد يده اليسرى من أسفل المرفق، وجميع أصابع يده اليمنى، واستغرق الأمر أربعة أطباء وسبع ساعات من الجراحة لإنقاذ ساقيه، والحزن أنهم يقولون إنه قد يفقدهم بسبب العدوى في ظل النظام الصحي المنهار في غزة.
وعندما زارتNPR سرير محمد في المستشفى، في أوائل مايو، لم يتم تنظيف جروحه منذ عدة أيام، واحتشد الذباب حول وجهه، وكانت عليه آثار الشظايا، وتحولت ضماداته إلى اللون الأصفر والأخضر، ويقول خبراء الأسلحة، إن العلبة المعدنية السوداء التي اعتقد محمد أنها عطر أو مزيل عرق ربما كانت فتيل لغم مضاد للدبابات - ربما نموذج مصنوع في الولايات المتحدة، وتستخدمها إسرائيل لهدم ما تقول إنها مباني وأنفاق تستخدمها حماس.
كما تم الخلط بين بعض هذه الصمامات والأغذية المعلبة ، مع انتشار المجاعة في جميع أنحاء غزة، ومتحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته، تماشيًا مع بروتوكول الحكومة، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لـNPR إن الجنود يأخذون معهم الذخائر من ساحة المعركة عندما ينسحبون، "حيثما يكون ذلك ممكنًا"، ولكن الخبراء يقولون إنه لا يزال هناك الكثير وراءنا، ومن المرجح أن يدفع العديد من الشباب الفضوليين مثل محمد ثمن هذه الحرب.