رغم المعارك الفكرية والأختلافات في الرؤي بين العملاقين عباس محمود العقاد ود.طه حسين،والذي وصل إلي حد المبارزات الأدبية التي شغلت الرأي العام، إلا أن العقاد لم يسئ يوما لعميد الأدب العربي او ينال من مكانته بالتقليل أو القياس ،بل قال عنه أنه رجل جرئ العقل مفطور علي المناجزة والتحدي، فاستطاع نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلي مستوي أرحب.
ولم يكن ليتجرأ وهو العقاد علي صاحب الأيام ، فقد كان يؤمن بإن طه حسين صاحب رسالة تقوم علي تجديد الفكر وحرية الرأي والدعوة للأصلاح .
ومنطقة بين تجاوز الخطوط الحمراء والحداثة ، خاض د. طه حسين معارك ضارية تجرأ فيها على تحريك الساكن الثقافي وكسر التقاليد الجامدة , وأطل علي مساحات كانت من المحظورات في محاولة منه لإرساء منهج نقدي جديد في التعامل مع كل ما يختص بالتراث.
وأعتمد منهجية جديدة علي مجتمع فكري محافظ ,وسار علي نهج ديكارت الذي يتجرد من كل الثوابت الفكرية والعقائدية.
لم يتواني صاحب حديث الأربعاء من إستخدام منهجه النقدي في ميادين لم يكن مسلما من قبل أن يطبق فيها ، وجاء منجزه الفكري الذي أتسم بطابع الشراسة مدافعا عن رسالتة التنويرية، ليثير ضجة وثورة ضده في الأوساط الثقافية والدينية قادها العديد من المفكرين المحافظين.
فقد كانت دعوة د.طه حسين المتأثرة باللبيرالية الفكرية تستند علي البحث والتقصي والتجريد ،بل وصلت إلي الشك في بعض المسلمات, لكنه ليس بالشك العقيم ، إنما الشك الذي يدفع للتامل ويثير العقل ويطرح تساؤلات فيفتح آفاقا متجددة.
ودفع طه حسين ثمن أعادة صياغته الوعي العربي المعاصر وتحديد ملامحه ،وكانت ضريبة قناعاته الفكرية ونضاله التنويري باهظة ،ولم تقف عند حد المنازلات الأدبية بل انتقلت إلى أروقة المحاكم متهمين إياه بالكفر والألحاد ، فانتقلت المساجلات من ساحات الفكر لتغدو صراعات عقائدية وفلسفية ومواجهة بين التراث والمعاصرة .
وتعرض للعزل من المنصب والحصار بالمنزل ومحاولة الأعتداء الجسدي عليه ، ولم تكن تهدأ عاصفة حوله حتي تثور أخري ، ولم يبالي المستنيرالكفيف بهذة الثورة وأستمر في دعوته للتجديد والأصلاح وهو ما أثار زوبعة وأنتقادات عاصفة كادت أن تودي بحياة المتمرد الثأئر .
وظل دطه حسين في نضاله الفكري ولم يتجاوزه ،كذلك لم ينل خصومه من مكانته في حياته وهم من هم من فطاحل الفكر والأدب ، وظل طه حسين رائد التنوير لما بعده ولم يتجرأ أحد مما انتقدوا أفكاره أن ينكر ريادته الفكرية والتنويرية .
ما أنت أعمى إنما نحن جوقة العميان أيها الأزهري يا سارق النار ويا كاسرا حدود الثواني عد إلينا فإن عصرك عصر ذهبي ونحن عصر ثاني ، وكأن نزار قباني قد أستشف ما نحن عليه من تردي فكري، وهو يرثي قاهر الظلام رائد الحداثة عميد الأدب العربي الذي أضاءت لنا بصيرته ظلام جنبات الثقافة العربية وأن خبأ ضياء عينيه.