تحدثت دار الإفتاء المصرية، عن الحاج الذي مات مرتديا ملابس الإحرام أثناء أداء المناسك، منوهة بأن جمهور الفقهاء يرى بأنَّ من مات مُحرمًا لا تُخمَّر رأسُه إن كان رجلًا ولا وجهُها إن كانت امرأة، ولا يلبس المخيط، ولا يقرب طيبًا في بدنه أو ثيابه، ولا يؤخذُ شيء من شعره ولا ظفره.
وتابعت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما كيفية تكفين المُحرم إذا مات في المناسك؟: ويُغسل بماء وسدر، ويُكفَّن في ثوبين؛ إظهارًا لشعار الإحرام في بدنه وأنه لم ينقطع بموته، واحترامًا لكريم هيئته التي مات عليها؛ حيث يُبعث يوم القيامة مُلبيًا.
ومن الفقهاء من سوَّوا بين المحرم وغيره، وجعلوا نصوص التكفين على عمومها، وحملوا حديث الذي مات محرمًا على الخصوصية. وعليه: فالأمر في ذلك واسعٌ؛ لا ينبغي التضييق أو الخلاف والنزاع فيه؛ فإنه لا إنكار في مسائل الخلاف التي وَسِعَ السلفَ الخلافُ فيها.
وقد اتفق الفقهاء على أنَّ تكفين الإنسان وستره عند موته من فروض الكفايات، وأنَّه حقٌّ واجبٌ على الأحياء؛ لأنَّ حرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا، والسُترة واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت.
وورد عن الشرع بخصوصية بعض الأحوال الشريفة التي يموت عليها الميت؛ كمن يموت شهيدًا؛ فقد أَمر الشرع بتكفينه في ثيابه؛ تكريمًا له وتشريفًا لعمله؛ فعن عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم أمر أن يُدفن شهداء أُحد بدمائهم وثيابهم، أخرجه أحمد في "المُسند"، وأبو داود وابن ماجه في "سننهما"، والبيهقي في "السنن الكبرى، و"الصغرى".
وورد مثل ذلك أيضًا فيمن مات محرمًا؛ فعن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: بينا رجل واقفٌ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعرفة، إذ وقع عن راحلته، فوقصته، أو قال: فأوقصته، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» متفقٌ عليه.