أجابت دار الافتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" حكم خلع لباس الإحرام وتغييره أثناء الإحرام؟ فقد سمعت من بعض الناس أن الحاج لا يُبدِّل ملابسه أبدًا حتى يوم العيد، وذلك بعد الرمي والطواف والحلق والتقصير" بأنه يجوز خلع لباس الإحرام وتغييره أثناء الإحرام، ولا حرج في ذلك، ما دام أَنَّ المحرم رجلًا كان أو امرأة- لم يتلبَّس بمحظور من محظورات اللباس في إحرامه.
[[system-code:ad:autoads]]بيان أن لبس المخيط من محظورات الإحرام
من محظورات الإحرام للذَّكَر: لبس المخيط؛ وذلك لما ورد عن ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ رَجُلًا قال: يا رسول اللهِ، ما يَلبَسُ المُحرِمُ مِن الثِّيابِ؟ فقال النبيُّ صلى اللهُ علَيه وآله وسلم: «لا يَلبَسُ المُحرِمُ القَمِيصَ ولا السَّراوِيلَ ولا البُرنُسَ ولا الخُفَّينِ، إلَّا أن لا يَجِدَ النَّعلَينِ فَليَلبَس ما هو أَسفَلُ مِن الكَعبَينِ» متفق عليه.
ونص الحديث على أَنَّ الرَّجُل إذا أحرم يَمتنع عليه لُبسُ المَخِيط، والعِلَّة في التحريم: مَنْعُ الرفاهية باللباس.
أَمَّا في حقِّ المرأة فيجوز للمرأة المحرمة أن تلبس ما تشاء ولو مخيطًا لغير الوجه والكفين؛ إذ إنَّ إحرامها في إظهار الوجه والكفين خاصة؛ ففي "صحيح البخاري" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم جوابًا عن سؤال أحد الصحابة عن لباس المحرم: «ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ».
وقد نَقَل الإجماع على ذلك غير واحدٍ من العلماء كابن المنذر، وابن عبد البر، وابن رشد وغيرهم. ينظر: "مراتب الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 42، ط. دار الكتب العلمية).
حكم خلع لباس الإحرام وتغييره
إذا كان الممنوع على المحرم الذَّكَر لبس المخيط، فإنَّ إحرامه استحبابًا يكون بإزارٍ ورداءٍ، وقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك، فقال في "المجموع" (7/ 217، ط. دار الفكر): [السُّنَّة أن يُحرِمَ في إزارٍ ورداءٍ ونعلينِ، هذا مُجمَعٌ على استحبابِه] اهـ.
وفي سياق هذا الاستحباب فإن المحرم الذي لم يتَلبَّس بمحظور في اللبس أثناء إحرامه؛ فله أن يلبس ما شاء من الإزار والرداء بأي عددٍ شاء، فلو ارتدى إزارًا ورداءً ثم رأى تغييرهما بغيرهما فله ذلك، ولا بأس عليه، كما نص عليه المالكية ومَن وافقهم.
قال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 57، ط. دار الفكر): [(قوله: وجاز إبدال ثوبه، أو بيعه) أي: جاز للمحرم أن يبدل ثوبه الذي أحرم فيه بغيره، سواء كان الثوب إزارًا أو رداءً، ولو كان إبداله الأول بغيره لأجل قمل به آذاه] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 406، ط. دار المعرفة): [وقال إبراهيم -أي النخعي-: قوله: لا بأس أن يبدل ثيابه، وصله سعيد بن منصور وابن أبي شيبة، كلاهما عن هشيم عن مغيرة وعبد الملك ويونس، أما مغيرة فعن إبراهيم، وأما عبد الملك فعن عطاء، وأما يونس فعن الحسن، قالوا: يغير المحرم ثيابه ما شاء، لفظ سعيد، وفي رواية ابن أبي شيبة أنهم لم يروا بأسًا أن يبدل المحرم ثيابه، قال سعيد: وحدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان أصحابنا إذا أتوا بئر ميمون اغتسلوا ولبسوا أحسن ثيابهم فدخلوا فيها مكة] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية في "شرح عمدة الفقه" (3/ 110، ط. مكتبة العبيكان) في محظورات الإحرام: [النظافة: فللمحرم أن يغسل رأسه وبدنه وثيابه وأن يبدل ثياب الإحرام] اهـ.
وإذا جاز ذلك للرجل، فللمرأة من باب أولى؛ لكون إحرامها أدنى من إحرام الرجل، فلها أيضًا أن تلبس ما تشاء مخيطًا بأي عددٍ شاءت، شريطة عدم تلبسها بالمحظور في اللبس، وهو في حقها -كما سبق- ما يكون في الوجه والكفين خاصة.