ترعى روبوتات تدار عن بعد الماشية في منطقة السهول الكبرى في الولايات المتحدة لصالح عملاقة منتجات المزارع "كارغيل"، وتحصّر روبوتات أخرى الشحنات وتنضد ألواح التحميل في مصانع تغليف اللحوم في شتى بقاع الولايات المتحدة.
[[system-code:ad:autoads]]كما تستخدم شركة "وين–ساندرسون فارمر" (Wayne-Sanderson Farms) الرائدة في مجال الدواجن مجموعة آلات لتلقيح الصيصان داخل البيض، ومجموعة أخرى لتنزع أحشاءها بعد بضعة أسابيع من ذلك، ويرسم كل ذلك مشهداً يوحي بأن شركات تصنيع اللحوم في الولايات المتحدة نجحت في الانتقال من الإنسان إلى الآلة في واحد من القطاعات الأكثر تطلباً للعمالة في العالم.
[[system-code:ad:autoads]]لكن برغم التقدم الكبير الذي أحرزته شركات تصنيع لحوم البقر والخنزير والدجاج في أتمتة مصانعها، فإن الاعتماد على الآلة في المهام التي تؤثر مباشرة على الربحية كان أبطأ بكثير، ومن ضمنها الجزارة.
تطوّر التقنيات
حين يترك الجزارون شيئاً يسيراً من اللحم على العظم، قد يتسبب ذلك بتآكل هوامش الربح مع مضي الوقت. فعلى الرغم من أن الروبوتات ليست عرضة للإصابات والأمراض، فإن البشر أقدر على اتخاذ القرارات الفورية المرتبطة بحجم الذبيحة من بقر أو دجاج أو خنزير، وهذا يمنح الإنسان أفضلية في مهمة الجزارة الدقيقة.
قال تشيتان كابور، المشرف على الأتمتة في شركة "تايسون فودز" (Tyson Foods)، التي توضب نحو 40 مليون داجن في الأسبوع: "يكمن التحدّي الذي نواجهه في تعذّر اعتماد الأتمتة في المهام التي يمكن أن تؤثر على المردود، إذ تنخفض كفاءتنا التشغيلية كثيراً إن فعلنا ذلك نظراً لحجم الإنتاج".
لكن هذا الواقع يوشك أن يتغير. فقد وضعت التطورات الحديثة في مجال تعلم الآلة والرؤية الحاسوبية والذكاء الاصطناعي بعض المهام التي تصعب أتمتها في متناول اليد، ومنها القدرة على سحب العظام من صدور الدجاج بطريقة مثالية وتقطيع الذبائح الضخمة كالأبقار بدقة. إذا ما اعتُمدت هذه التقنية على نطاق تجاري، فمن شأنها أن تحدّ من المشاكل التي يعانيها القطاع على صعيد التوظيف، التي تجلت خلال أزمة وباء كورونا حين أفرغ غياب الموظفين رفوف المتاجر.
أعلنت "تايسون" أنها طوّرت جهازاً روبوتياً مزوداً بجهاز استشعار وكاميرا يمكنه سحب عظام صدور الدجاج بطريقة أكثر كفاءة من أيدي العمال، وهذه مهمة ترتبط بهوامش ربح عالية جداً كان يصعب على القطاع في السابق أن يوليها للروبوتات.
قال كابور إن الآلة التي كانت قيد التطوير منذ عام 2015 "تجاوزت مرحلة الاختبار بأشواط"، وعرض مقطع فيديو لها خلال جولة في مركز الأتمتة التابع لشركة "تايسون" في مدينة سبرينغدايل في أركنساس. شرح: "عالجنا المشكلة الناجمة عن المهام التي يصعب العثور على موظفين لأدائها في جانب أساسي جداً في القطاع"، وقال إن هذه التقنية تخلّف كمية لحوم أقل على العظام.
استثمارات جديدة
قال إنريكيه فيلارس، مسؤول التميز الصناعي في قسم البروتين في أميركا الشمالية لدى "كارغيل" إن نسبة قليلة جداً من عمليات تصنيع اللحم البقري قابلة للأتمتة سواء لأن التقنية اللازمة لم تجهز بعد أو لتعذر تطبيقها على نطاق واسع. لكن ذلك قد يتغير سريعاً مع تطور التقنية. فعلى سبيل المثال، تمكنت "كارغيل" من تركيب خطوط لنشر اللحوم في مصنعها في مدينة دودج في كنساس، تفصل اللحم عن العظم باستخدام نظام رؤية ثلاثي الأبعاد يلغي الحاجة لعمّال يقومون بما يصل إلى 3 آلاف عملية تقطيع في اليوم بواسطة منشار لحوم. كذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكشف وجود أي جسم غريب على خط الإنتاج.
أضاف: "الرؤية الحاسوبية هي الإنجاز الكبير المقبل بما أنها تمنح الحاسوب القدرة على تفسير الصور وأجزائها الدقيقة وترجمة ذلك إلى أفعال... إن الأمور تتقدم بصورة استثنائية".
خصصت شركات تصنيع اللحوم مزيداً من رأس المال للمشاريع التقنية. أعلنت "تايسون" في 2021 عزمها استثمار 1.3 مليار دولار في مشاريع الأتمتة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بما يشمل بناء مصنع عالي الأتمتة متخصص بصناعة ناغيت الدجاج في مدينة دانفيل في فيرجينيا.
قال رئيسها التنفيذي دوني كينغ إن المصنع قادر على إنتاج كميات أكبر بـ30% مع موظفين أقل بنسبة الثلث مقارنة مع مصنع مشابه ليس بنفس مستوى الأتمتة. من جهتها، أنجزت "كارغيل" 114 مشروع أتمتة، وتعمل على 120 مشروعاً آخر على امتداد كافة عملياتها في مجال اللحوم في إطار خطة بقيمة 700 مليون دولار تسميها "مصنع المستقبل".
قال واتس من "سميثفيلد فودز": "عند زيارة منشأة دجاج قد تجد أنها عالية الأتمتة، لكن حين تتجه إلى قسم لحوم الأبقار أو الخنازير قد تخيب آمالك... أعتقد أن الأمر سيختلف كثيراً خلال الخمس سنوات المقبلة".