لعل السؤال عن لماذا نأكل البيض والبصل والرنجة بالاحتفال بشم النسيم ؟، أحد أسرار هذا اليوم الذي تشارك فيه المسلمون والمسيحيون في الاحتفال به، وهو ما يثير حوله بلبلة تنكز الفضول لدينا ، خاصة وأن الاحتفال ليس فقط مدعاة الاستفهام وإنما كذلك مظاهره من حيث الأطعمة الخاصة بعيد شم النسيم ، وهي البيض الملون والفسيخ والرنجة والبصل ، والذي يطرح سؤال لماذا نأكل البيض والبصل والرنجة في الاحتفال بشم النسيم ؟.
الاحتفال بشم النسيم
قالت دار الإفتاء المصرية، عن الاحتفال بشم النسيم ، إنه لَمّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم.
وأوضحت « الإفتاء» ، أن الاحتفال بشم النسيم يعد ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة، منوهة بأن هذه لمسة إنسانية راقية قد جرى على مراعاتها المسلمون تشريعًا وممارسة عبر تاريخهم المشرف وحضارتهم النقية وأخلاقهم النبيلة السمحة.
وأضافت أن هذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعي الذي يقوي نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.
وأفادت بأن الأصل في الاحتفال بالربيع وشم النسيم، أن موعده يكون عند دخول الربيع، لكن لما كان هذا الموعد يوافق صيام المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور خروج المسيحيين من صومهم.
حكم أكل البيض والبصل والفسيخ بشم النسيم
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الاحتفال بشم النسيم والخروج إلى المتنزهات والحدائق، وأكل البيض والبصل والفسيخ والرنجة في هذا اليوم، لا حرج فيه شرعًا، ولكن بثلاثة شروط.
وأوضحت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال : ( ما حكم أكل البيض والبصل والفسيخ والرنجة بشم النسيم ؟)، أن ما اعتاد عليه المصريون منذ زمن بعيد من الاحتفال بشم النسيم بالخروج للمتنزهات، وتناول أطعمة خاصة، لا حرج فيه شرعًا، ولكن بثلاثة شروط.
ونبهت إلى أن أول هذه الشروط هو عدم تناول أطعمة غير مصرح بها صحيًا، وثانيًا عدم نشر الضوضاء وإزعاج الغير، وثالثًا عدم الخروج عن الآداب العامة وصون حقوق الطريق.
وأضافت أنه لا حرج في الاحتفال بشم النسيم ما لم يشتمل على ضرر خاص أو عام؛ كتناول أطعمة غير مُصرَّح بها صحيًّا أو نشر الضوضاء والإزعاج، أو الخروج عن الآداب العامة وحقوق الطريق، مشيرة إلى أن مثل هذه العادات تَزيد من الترابط المجتمعي والتواصل.
شم النسيم
يعد شم النسيم هو أحد المناسبات التي يُحتفل فيها في مصر في فصل الربيع، حيث يعتبر عطلة رسمية، وهو اليوم التالي من رأس السنة القبطية، وعيد القيامة المجيد، فيوافق يوم 14-21 نيسان، ولا بد من الإشارة إلى أنه أحد أعياد قدماء المصريين في عهد الفراعنة، وعادةً ما يتم الاحتفال فيه بتلوين البيض، وزيارة المنتزهات، وأكل الرنجه والفسيخ، وفي هذا المقال سنعرفكم عليه.
أكلات شم النسيم
يخرج الناس في هذا الاحتفال إلى الحقول والمنتزهات، ويحملون معهم السمك المملح، والسمك المدخن، والبيض، والبصل، والخس، والترمس، والملانة، وجميعها أطعمة مصرية ذات نكهة وطابع خاص، وترمز كل منها إلى دلالة معينة، فالأكلات الشعبية المرتبطة بعيد شم النسيم لها أصول مصرية قديمة لأن العيد نفسه هو عيد مصري قديم.
لماذا نأكل البيض والبصل والفسيخ بشم النسيم
وكان البيض يرمز إلى خلق الحياة كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد إخناتون؛ ونقش البيض وزخرفته ارتبط بعادة قدماء المصريين وهي نقش الدعوات والأمنيات على البيض ثم يعلق في أشجار الحدائق لتحقيق الأمنيات مع الشروق.
وورد أن البيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، لذلك يعد تناول البيض من الشعائر المقدسة، وعادةً ما يضعونه في سلال من سعف النخيل، ويعلقونها في شرفات المنازل أو أغصان الأشجار، كي تحظى ببركات نور الإله عند شروقه، بينما يرمز البصل إلى قهر الموت، وإرادة الحياة، والتغلّب على المرض، لذلك كانوا يعلقونه على الشرفات وفي المنازل، وحول رقابهم، كما كانوا يضعونه تحت الوسائد.
وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله “بتاح” إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد، وقد أخذ العالم عن مصر القديمة أكل البيض في شم النسيم فصار البيض الملون هو رمز عيد الفصح الذي يتزامن مع شم النسيم.
وجاء أن الفسيخ (السمك المملح) من بين الأطعمة التقليدية في شم النسيم منذ الأسرة الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل نهر الحياة، حيث ورد في متونه المقدسة أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة، وقد ذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن قدماء المصريين كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة وكانوا يفضلون نوعًا معينًا لتمليحه وحفظه للعيد أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذي حور في اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن.
وروي بخصوص البصل أنه ضمن أطعمة عيد شم النسيم منذ أواسط الأسرة السادسة، وارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد وكان محبوبًا من الشعب، وقد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة وعجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه ولازم الفراش عدة سنوات واستدعى الملك الكاهن الأكبر لمعبد آمون لعلاج الطفل فعالجه بثمار البصل.