بات واضحاً عزم إثيوبيا على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض في مفاوضات سد النهضة، وتعتبر أديس أبابا التفاوض بابا لاستخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي.
في هذا الصدد، كشف الدكتور عباس شراقي، أن منسوب بحيرة فيكتوريا وصل لأعلى منسوب له كما كان متوقعا، حيث بلغ 1136,86م فوق سطح البحر في 30 إبريل الماضي، متفوقا على المنسوب السابق المسجل في 17 مايو 2020 وقدره 1136,81م، مؤكدا أن المنسوب ارتفع بنحو 54 سم منذ أول يناير الماضي.
منسوب بحيرة فيكتوريا
وأشار "شراقي" إلى أن كل سنتيمتر واحد في ارتفاع منسوب البحيرة يعني زيادة في كمية المياه بنحو 690 مليون م3، وبإجمالي 37 مليار م3 خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، موضحا أن موسم الأمطار مستمر لنهاية مايو الجاري، ما يعني إمكانية ارتفاع المنسوب إلى رقم أكبر.
وقال إن زيادة الأمطار في المنطقة الاستوائية غالبا يتبعها زيادة أيضا في أمطار الهضبة الإثيوبية التي تساهم بحوالي 85% من إيراد نهر النيل السنوي، وهو ما يعني تعويض جزء كبير من التخزين الخامس لسد النهضة الإثيوبي المقرر في يوليو القادم.
وأشار إلى أن الأمطار على المنطقة الاستوائية وصلت إلى أعلى من معدلاتها الطبيعية في العام المائي الجاري بنسبة 140%.
وأبدت إثيوبيا تعنتا فيما يخص سد النهضة خلال المفاوضات مع مصر والسودان، وأكدت مصر سابقاً فشل مفاوضات سد النهضة بسبب إثيوبيا وانتهاءها بلا عودة.
وأعلن وزير الري هاني سويلم، أنه ليس هناك أي تطور جديد في المفاوضات ولا عودة لها بالشكل المطروح لأنه استنزاف للوقت، مشيرا إلى أن أي سد يتم إنشاؤه على مجرى النيل يؤثر على مصر بطريقة متفاوتة.
وأوضح أنه وفقاً لاتفاقية إعلان المبادئ الموقعة بين مصر والسودان وإثيوبيا، لو تسبب سد النهضة بأي أضرار لدول المصب، فعلى المتسبب أن يدفع ثمن هذا الضرر، لافتاً إلى أنه من حق الدولة المصرية اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة التهديد المباشر لأمنها.
أزمة سد النهضة
وأكد سويلم أن التفاوض طوال المحادثات السابقة كان حول نقطة ما بعد الجفاف المطول، مؤكداً أن هذا هو أخطر موقف يمكن أن تتعرض له مصر والسودان، لذلك فهما يبحثان عن اتفاق قانوني ملزم يوضح طريقة التعامل في حالة الجفاف ومرحلة إعادة الملء وكيفية التشغيل.
كشف الباحث في الشأن الإفريقي وحوض النيل، هاني إبراهيم، عن آخر تطورات الموقف في سد النهضة، الذي يصفه بالسد الكارثي، مؤكدًا أن منسوب بحيرة سد النهضة يعادل نفس منسوب فترة الملء الرابع للسد.
وعن أزمة سد النهضة، أشار الباحث في الشأن الإفريقي إلى أن حجم التراجع الحالي في منسوب البحيرة يقدر بحوالي 7 مليارات في المتوسط، مؤكدًا أن ذلك يعني استعادة تلك الكمية والبدء في تنفيذ الملء الخامس بالسعة الجديدة من نهاية يوليو المقبل، وانتهاء الملء سيكون في منتصف شهر سبتمبر المقبل.
وأكد أنه خلال الشهر الجاري ستكون مناسيب بحيرة سد النهضة في أدنى مستوى قد تشهده، وكمية الملء الخامس للسد ستكون من 18 إلى 20 مليار متر مكعب، مرجحة للزيادة، وبذلك تصل سعة بحيرة سد النهضة إلى 60 مليار، والسعة القصوى للبحيرة 74 مليار
في وقت سابق، اتخذت إثيوبيا خطوات جديدة لبدء الملء الخامس لسد النهضة من دون تنسيق مع مصر والسودان.
وتعد بحيرة فيكتوريا ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم من حيث المساحة والأكبر في أفريقيا كما أنها أكبر بحيرة استوائية في العالم. تبلغ مساحتها 68870 كم مربع وقد أدى تشييد سد شلالات أوين على النيل في عامي 1949 و1954 بسبب ارتفاع مستوى منسوب المياه في البحيرة بمعدل 90 سم إلى ارتفاع 1135 م فوق سطح البحر. ويبلغ عمق أعمق نقطة في البحيرة 82 م وتعد بحيرة فيكتوريا إحدى البحيرات العظمى الأفريقية وتطل عليها ثلاث دول هي كينيا وأوغندا وتنزانيا كما تضم البحيرة حوالي 3000 جزيرة أصبح بعضها وجهة للسياح.
جدير بالذكر أن نهر النيل الأبيض ينبع من بحيرة فيكتوريا، وكان أول من تكلم عن هذه الحقيقة الرحالة العربي الإدريسي حوالي 1160 م والذي خلف خريطة دقيقة للبحيرة.