تحتفي الطرق الصوفية في الجمعة الأخيرة من شوال بذكرى مؤسس الطريقة الشاذلية أبو الحسن الشاذلي، أحد الأقطاب المشهورين، وذلك بعد التعديلات الأخيرة التي اتخذها المجلس الأعلى للطرق الصوفية بشأن موعد الاحتفالات بمولد أبو الحسن الشاذلي والذي يتزامن مع التاسع من ذي الحجة والوقوف بعرفة، وما صحبه من تجاوزات ووصفه بالحج الصوفي.
[[system-code:ad:autoads]]وتقام للمرة الأولى في موعدها الرسمي الجمعة الأخيرة من شهر شوال بناء على توصيات مؤتمر البيت المحمدي للتصوف التي أقرتها مشيخة الطرق الصوفية، حيث كانت تقام قبل ذلك أثناء مواعيد الحج ويحدث بها ما ليس في التصوف من تجاوزات.
[[system-code:ad:autoads]]محطات في حياة أبو الحسن الشاذلي
أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي المغربي، الزاهد، الصوفي وإليه تنتسب الطريقة الشاذلية، سكن الإسكندرية، وولد 571هـ بقبيلة الأخماس الغمارية، تفقه وتصوف في تونس، وتوفي الشاذلي بوادي حميثرة بصحراء عيذاب متوجهًا إلى مكة في أوائل ذي القعدة 656هـ.
تتلمذ أبو الحسن الشاذلي، عند نشأته على يد الإمام عبد السلام بن مشيش في المغرب، وكان له كل الأثر في حياته العلمية والصوفية، ثم رحل إلى تونس، ورحل بعد ذلك إلى مصر، وأقام بالإسكندرية، حيث تزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبو الحسن علي، وأبو عبد الله محمد وابنته زينب، وفي الإسكندرية أصبح له أتباع ومريدون، وانتشرت طريقته في مصر بعد ذلك، وانتشر صيته على أنه من الصوفية في العالم أجمع.
ما هي كرامات الشيخ أبو الحسن الشاذلي؟
يقول الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق عن كرامات أبو الحسن الشاذلي: «لما قدم المدينة زادها الله تشريفًا وتعظيمًا، وقف على باب الحرم من أول النهار إلى نصفه، عريان الرأس، حافي القدمين، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل عن ذلك فقال: حتى يؤذن لي، فإن الله عز وجل يقول: (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تَدْخُلوا بيوتَ النبي إلا أن يؤذَنَ لكم) فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام: يا علي، ادخل».
ومن ذلك أيضا قوله: "والله لقد تسألوني عن المسألة لا يكون لها جوابا فأرى الجواب مسطرا في الدواة والحصير والحائط، ويقول: "والله إنه لينزل علي المدد فأرى سريانه في الحوت في الماء والطائر في الهواء".
صفات أبو الحسن الشاذلي وجهاده
عُرف عن أبو الحسن الشاذلي التواضع، وعلو الهمة، وفصاحة اللسان، والمظهر الحسن، والزهد، والاعتدال في المأكل والمشرب والملبس، كما كان الشاذلي ذو علمٍ واسع بالعلوم المختلفة، فقد كان محيط وبارع بعلوم الحديث، والتفسير، والنحو، والتصريف، واللغة، وأصول الفقه.
وكان لأبي الحسن الشاذلي دور كبير في الدعوة إلى الجهاد ضد الصليبيين، ولم تتوقف دعوته على الأقوال فقط، بل كان يذهب مع المجاهدين إلى ميادين القتال، كما حدث في موقعة المنصورة في عهد السلطان نجم الدين أيوب. حيث كان الشاذلي وعدد من كبار العلماء برفقة جيش المسلمين، ويومها ألقى خطبة حماسية حثت على الجهاد، وعند بدء المعركة ألحق الجيش المصري هزيمة ساحقة بالصليبيين، وأجبرهم على العودة مهزومين.
ومن أبرز الأقوال المشهورة لأبو الحسن الشاذلي: «لا تجد الروح والمدد ويصح لك مقام الرجال حتى لا يبقى في قلبك تعلق بعلمك، ولا جدك، ولا اجتهادك، وتيأس من الكل دون الله تعالى». «خصلة واحدة إذا فعلها العبد صار إمام الناس من أهل عصره، وهي الإعراض عن الدنيا، واحتمال الأذى من أهلها». «أربع لا ينفع معهم علم، حب الدنيا، ونسيان الآخرة، وخوف الفقر، وخوف الناس ». «إنّ من أشقى الناس من يحب أن يعامله الناس بكل ما يريد، وهو لا يجد من نفسه بعض ما يريد». و«الصادق الموقن لو كذّبه أهل الأرض لم يزدد بذلك إلا تمكينًا».