أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن فلسفة بناء الأهرامات تقوم على عدة أسس كيفية البناء واختيار التوقيت وتأمين العمال والمساكن الخاصة بهم مما يدحض كل الآراء التى تشكك فى قدرة العامل المصرى على بناء معجزة العالم القديم الهرم الأكبر ونسبه إلى آخرين أو كائنات فضائية.
[[system-code:ad:autoads]]ازدهار الحضارة المصرية القديمة
ويشير الدكتور ريحان إلى أن الملك خوفو هو أول من أمّن العمال ضد البطالة في التاريخ، واتسم عصره بأنه أزهى عصور الدولة القديمة، وقد استفاد من أوقات البطالة البعيدة عن موسم الحصاد والري والزراعة وهى مواسم العمل في مصر القديمة ليقوم العمال بأعمال قومية عظيمة وأعمال إنتاجية ساهمت في الازدهار الاقتصادى في كل مناحى الحياة، وأن بناء الهرم كان مشروعًا قوميًا، وأنه وغيره من بيوت العبادة في مصر القديمة نفذت طبقا للقواعد التي أرساها إيمحوتب، معبود الطب والهندسة وأول من استعمل الحجر في البناء ووضع نظرياته الإنشائية، وكان العمال يتسابقون طواعية في العمل على قطع الأحجار من المحاجر، ونقلها والاشتراك في أعمال البناء، وقبل البدء في بناء الهرم قامت الحكومة ببناء مدينة للعمال والفنيين وسوقا للتموين ومخبزًا ومخازن للغلال، على حد قوله.
أول مدينة عمالية في التاريخ
ونوه الدكتور ريحان بأن مدينة عمال بناء الهرم تعتبر أول مدينة عمالية في التاريخ تبنى بطريقة الإسكان الجاهز أو سابق التجهيز، حيث تم توحيد نماذج تصميم المساكن لمختلف طبقات العمال والفنيين بتوحيد الأبعاد القياسية والأبواب والشبابيك والأسقف ليسهل تركيبها وفكها، وبعد انتهاء بناء الهرم أهديت هذه الوحدات للعمال لتركيبها لهم في قراهم وهو ما وصفه مؤرخو عصر الأهرام بنهضة تعمير القرى.
عمال بناة الأهرامات
وأضاف ريحان أن أكبر شهادة على دور عمال بناة الأهرامات هو الكشف الهام لبعثة آثار مصرية فرنسية مشتركة برئاسة بيير تالييه وسيد محفوظ عملت منذ عام 2011 بميناء وادى الجرف على البحر الأحمر، وعثرت عام 2013 على مجموعة رائعة من البرديات عند مدخل المغارات كانت مدفونة بين الكتل الحجرية التى تم استخدامها لإغلاق المغارة بعد الانتهاء من العمل.
مغارات خوفو
وكانت تلك المغارات تستخدم كورش عمل ومخازن وأماكن سكنية، وكان هذا الموقع مستخدمًا فى عهد الملك خوفو وأن فريق العمل الذى كان يعمل فى هذا الموقع هو نفسه الذى عمل فى بناء الهرم الأكبر وهذا يدل على وجود جهاز إدارى على درجة عالية من الحرفية لإدارة البناء فى عهد خوفو حيث تشير بردية وادى الجرف إلى تفاصيل كاملة عن طريقة بناء الهرم الأكبر وأسماء عمال البناء، وهناك بردية تخص أحد كبار الموظفين ويدعى "مرر" تحكى يوميات فريق العمل الذى كان يقوم بنقل كتل الحجر الجيرى من محاجر طرة على الضفة الشرقية للنيل إلى هرم خوفو عبر نهر النيل وقنواته، وتوزيع الحصص اليومية للأطعمة التى كانت تستجلب من مناطق عديدة فى دلتا نهر النيل.
رسوم جدارية
وأشار الدكتور ريحان إلى طريقة بناء الأهرامات عن طريق الجسور أو الطرق الصاعدة، حيث كانوا يبنون طريقًا متدرج الارتفاع تجر عليه الأحجار ويتصاعد مع ارتفاع الهرم حتى يصل ارتفاعه في النهاية إلى مستوى قمة الهرم نفسها، ويلزم في الوقت نفسه أن يمتد من حيث الطول وبعد انتهاء بناء الهرم يزيلون هذا الطريق.
معاملات الأمن والسلامة الوقائية للعمال
ويشير خبير الترميم حمدى يوسف إلى معاملات الأمن والسلامة الوقائية للعمال في الحضارة المصرية القديمة، ومنها تنظيم العمل كما جاء فى الرسوم الجدارية، فقد وجد أن العمل الذي يمكن أن يقوم به الآن عامل واحد كان يتم إسناده إلى عدد من العمال عملًا بمبدأ عدد من العقول يفكر بصورة أفضل من التفكير، فمثلًا عمال المخابز في أحد الجداريات أربعة عمال، كل اثنان يقومان بتنفيذ نفس العمل من حيث تجهيز العجين، واثنان لتقسيم أحجام الخبز ثم وضعه بشكل منتظم على لوح بشكل منتظم بنفس فكرة طاولة العجين الحالية، وهذا يوفر قدرا من التجانس والعمل المنتظم دون حدوث تلفيات أو إصابات وتوفر قدرًا من الحماية ضد أي أخطار.