يبدو أن تغيرات المناخ قررت أن تعادي الإمارات، في ظل موجة أمطار غير مسبوقة منذ 75 عاما، أدت إلى فيضانات قاتلة داخل دبي وإمارات أخرى داخل الدولة، ودخلت الإمارات في حالة طوارئ، إذ اضطرت “طيران الإمارات” إلى إلغاء وتأخير عدة رحلات جوية من وإلى دبي، ثاني أكثر المطارات الدولية ازدحاما في العالم، في حين صدرت تعليمات للناس والطلاب بالعمل والدراسة من المنزل، مع عودة الأمطار الغزيرة إلى الإمارات العربية المتحدة اليوم الخميس.
[[system-code:ad:autoads]]وتأتي العاصفة الجديدة بعد أسبوعين من هطول الأمطار القياسية التي تسببت في فيضانات مدمرة في عدة أجزاء من البلاد وسلطنة عمان المجاورة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل في الإمارات العربية المتحدة وتوقف مدينة دبي الصاخبة، كما تسببت الفيضانات في مقتل 19 آخرين على الأقل في عمان، من بينهم 10 أطفال جرفت الفيضانات حافلتهم المدرسية.
[[system-code:ad:autoads]]أشجار النخيل تنحنى أمام قوة الرياح
وبحسب تقرير نشرته شبكةCNN الامريكية، فقد أظهرت صور فيديو من مدينة رأس الخيمة الساحلية بالإمارات العربية المتحدة، تمت مشاركتها مع الشبكة، أشجار النخيل وهي تنحني بفعل الرياح القوية يوم الخميس، بينما هطلت أمطار غزيرة على الطرق وأضاء البرق السماء، ولم تكن الأمطار غزيرة كما حدث قبل أسبوعين، لكن دبي شهدت 20 ملم في 12 ساعة، أي أكثر من ضعف ما تتلقاه عادة خلال شهري أبريل ومايو مجتمعين، وشهدت أبوظبي 34 ملم خلال 24 ساعة، أي أكثر من أربعة أضعاف ما كانت ستشهده عادة خلال شهري أبريل ومايو.
وفيما شوهدت سيارات مهجورة وسط مياه الفيضانات على طريق سريع بعد عاصفة مطيرة في دبي بالإمارات العربية المتحدة يوم الأربعاء، وبدا السكان أكثر استعدادا هذه المرة، فقد شاهد صحفي في شبكة سي إن إن في دبي عمالًا يفتحون مصارف المياه في الشوارع قبل يوم واحد من هطول الأمطار، وتم إرسال إشعارات الطوارئ على نطاق واسع إلى الهواتف المحمولة في المدينة، لتحذيرهم من البقاء في المنزل حيثما أمكن ذلك، بينما أمرت السلطات بالعمل والدراسة عن بعد في المناطق المتضررة يومي الخميس والجمعة، وتم إغلاق الطرق المؤدية إلى مناطق الأودية المعرضة للفيضانات، فيما طُلب من الأهالي الابتعاد عن المناطق الجبلية والصحراوية والبحرية.
ما يحدث أكبر من ظاهرة النينيو
وربط العلماء هطول الأمطار القياسي الذي ضرب الإمارات وعمان قبل أسبوعين بتغير المناخ، فقد وجد فريق من 21 عالمًا وباحثًا، في إطار مبادرةWorld Weather Attribution، أن تغير المناخ أدى إلى هطول أمطار غزيرة في البلدين - والتي تهطل عادةً خلال سنوات ظاهرة النينيو - بنسبة تتراوح بين 10 و40% أكثر كثافة مما كانت ستكون عليه بدونها.
وبحسب الشبكة الأمريكية، فإنه على مدى أقل من 24 ساعة خلال هذا الحدث، شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر هطول للأمطار منذ بدء التسجيل قبل 75 عامًا. شهدت دبي ما يعادل أكثر من عام ونصف من الأمطار في ذلك الوقت.
بصمات تغير المناخ على فيضانات دبي القاتلة
والأمطار القياسية التي هطلت على الإمارات العربية المتحدة وعمان هذا الشهر، والتي تسببت في فيضانات مميتة وفوضى، كانت مدفوعة جزئياً بأزمة المناخ، وفقاً لتحليل علمي، والذي أشار بشكل مباشر إلى حرق البشر للوقود الأحفوري، وقد وجد فريق من 21 عالمًا وباحثًا، في إطار مبادرةWorld Weather Attribution ، أن تغير المناخ أدى إلى هطول أمطار غزيرة في البلدين - والتي تهطل عادةً خلال سنوات ظاهرة النينيو - بنسبة تتراوح بين 10 و40% أكثر كثافة مما كانت ستكون عليه بدونها. الاحتباس الحرارى.
وعلى مدى أقل من 24 ساعة بين 14 و15 أبريل، شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة أشد هطول للأمطار غزارة منذ بدء التسجيل قبل 75 عامًا. وقال التحليل إن دبي، المدينة الصحراوية الجذابة التي اعتادت على قضاء أشهر دون هطول أمطار على الإطلاق، شهدت ما يعادل أكثر من عام ونصف من الأمطار في تلك الفترة، وباستخدام النماذج العلمية، لم يتمكن الفريق من التحديد الدقيق لمدى احتمالية حدوث الفيضانات بسبب تغير المناخ، ومع ذلك، فقد خلصوا إلى أن الاحتباس الحراري هو المحرك "الأكثر احتمالا" لهطول الأمطار القياسي، لأن الغلاف الجوي في عالم أكثر دفئا بمقدار 1.2 درجة يمكن أن يحمل الآن رطوبة أكثر بنسبة 8.4٪، مما يجعل أحداث الأمطار الغزيرة أكثر كثافة، وأشار التحليل إلى أن أنماط الدورة المتغيرة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري تؤدي أيضًا إلى زيادة كثافة هطول الأمطار.
الوقود الأحفوري والتهديد الذي يطال المناطق الجافة
وهنا تقول سونيا سينيفيراتني، الأستاذة في معهد علوم الغلاف الجوي والمناخ: "لقد أظهرت فيضانات الإمارات وعمان أنه حتى المناطق الجافة يمكن أن تتأثر بشدة بأحداث هطول الأمطار، وهو تهديد يتزايد مع زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب حرق الوقود الأحفوري"، بينما قال منصور المزروعي من مركز التميز لأبحاث تغير المناخ بجامعة الملك عبد العزيز في جدة بالمملكة العربية السعودية، إن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلدين جاءت من نظامين منفصلين وقويين للعواصف، وأضاف أن درجات حرارة المحيطات القياسية تلعب دورًا في زيادة قوة العواصف، وتابع: "المحيط الهندي يزداد دفئا، فالضغط المرتفع في المحيط الهندي يساهم بالتأكيد في هطول الأمطار".
وقالت فريدريك أوتو، المحاضر الأول في علوم المناخ بمعهد جرانثام في لندن، إن الدراسات تشير إلى أن هذه العواصف تتزايد في تواترها، وأوضح أوتو، أن ظاهرة النينيو - وهي تذبذب طبيعي في درجات حرارة المحيطات يؤثر على الطقس العالمي - كانت أيضًا عاملاً دافعًا لحدث الأمطار في أبريل، وأضافت أن التركيز يجب أن ينصب على إبطاء تغير المناخ، فرغم أننا لا نستطيع إيقاف ظاهرة النينيو، إلا أننا نستطيع وقف تغير المناخ، فالحل هو وقف حرق الوقود الأحفوري، ووقف إزالة الغابات، وتعد إزالة الغابات مسؤولة عن 12% على الأقل من التلوث الكربوني العالمي.