بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والمفتي السابق المقصود بقول الله تعالى؛ «وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ»، مشيرا إلى مفهوم حسن الخاتمة.
المقصود بقوله تعالى: «وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ»
وقال علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: الله سبحانه وتعالى يقلب الإنسان بين الخير والشر وذلك لأنه قد جعل هذه الدار دار تكليف لا دار تشريف، بدأ مع الإنسان بدار التشريف فخلقه في الجنة من غير تكليف إلا أنه وجهه ألا يأكل من هذه الشجرة هو وزوجه {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} فنزل من أرض التشريف إلى أرض التكليف فالإنسان في أصله مشرف، ولذلك أسجد الله له الملائكة، وهو مشرَّف ولذلك بدأ معهم من غير تكليف، واستمر التشريف للطفولة.
[[system-code:ad:autoads]]وتابع: الطفل عندما يولد وإلى أن يبلغ ليس مكلفًا إنما هو في حالة التشريف، بعد ذلك يبدأ التكليف، والتكليف يستلزم الابتلاء فعندنا امتحان، اختبار، ابتلاء، الابتلاء هو الامتحان والاختبار فيقلب الله سبحانه وتعالى هذه الحياة ولم يجعلها خالصة من غير كدر، من غير نكد، من غير مشكلات، من غير أزمات، من غير كوارث، من غير مصائب لا بل فيها كل ذلك فيها الكوارث، وفيها المصايب، وفيها الشر، وفيها الخير، وفيها الضيق، وفيها السعة اختبارًا وابتلاءً {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ}، يمتحنكم يختبركم {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وبعد ذلك {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} يعني بعد ذلك سنرجع إلى الله سبحانه وتعالى ليحاسبنا، ليعطي من فعل خيرًا الخير، ويعطي من فعل شرًا الشر، نبلوكم، نختبركم، نمتحنكم.
[[system-code:ad:autoads]]وبين أن الله سبحانه وتعالى يقلب علينا الخير والشر لأننا في دار تكليف، ولأن هذا التكليف فيه مشقة فهو نوعٌ من أنواع الابتلاء والاختبار، إذن فلابد من نتيجة الامتحان، ونتيجة الامتحان تظهر يوم القيامة، ولذلك من دعاء الصالحين (اللهم إنا نسألك حسن الختام).
ويوضح علي جمعة أن النبي ﷺ يبين لنا أن حسن الختام هذا هو الأساس، وأنه بيد الله «فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراعا»، الذراع 42 سم لم يحصَّل نص متر، خطوة الإنسان 75 سم يبقى أكتر من الذراع ، «حتى لم يبق بينه وبينها إلا ذراع» يعني بينك وبين الجنة 42 سم ، «فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار» ولماذا هذا القلق؟ القلق هذا يحفزك على عمل الخير، يحفزك على الخوف الإيجابي وهو الخوف من الله {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} خلاص {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ولذلك فالضر، والشر، والمصيبة، والكارثة، والأزمة إنما هي عبارة عن اختبار وابتلاء لابن آدم، بعض الناس ينسى هذا، ويختزل الضر والشر والمصيبة والأزمة والكارثة وكذا إلى آخره في الانتقام كأن الله منتقم ، لا هذه هي الدنيا فيها الضر، وفيها الخير، فيها الشر، فيها الأزمة، فيها كذا.
ويضيف: «فيها أيضًا الرحمة والسعة والنعمة {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} هذه الآية هي الأساس قد يحدث أن هناك غضب من الله على قومٍ فيُنزل بهم العذاب، ولكن هذا خلاف الأصل خلاف سير الحياة وسنته، سير الحياة وسنته هي هذه الآية {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} هذه هي أساس العلاقة بينك وبين الله.
وشدد: لذلك يجب عليك إذا أصابتك مصيبة الصبر، وإذا أصابتك نعماء الشكر فأنت بين الخوف والرجاء، وبين الصبر والشكر، «عجبٌ أمر المؤمن» انظر لتفسير سيدنا رسول الله ﷺ وحياته مع القرآن و«كان خلقه القرآن» فيقول: «عجبٌ أمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء» انظر ضر ضراء «صبر فكان» يعني ذلك الصبر «خيرًا له، وإن أصابته سراء» وهو الخير يعني «شكر فكان ذلك خيرًا له» يبقى صحيح هذا المؤمن عجب، غير المؤمن عندما يعمل ذلك فيُسقط عنه بعض أفعاله السيئة معلش يخفف عنه، لكن المؤمن بتتحسب له يعني المؤمن معه الوعاء الذي يأخذ فيه ثواب الله، أما غير مؤمن معه هذا الوعاء، ولكن به ثقوب فكلما امتلأ كلما فضي، كلما انثال منه الثواب فلم يبق له يوم القيامة شيء، ويأتي يوم القيامة وأصحاب الحقوق عليه كثيرة فلا يجد ما يكفي لسداد هذه الحقوق في الحساب الذي قلنا عليه مرارًا إنه طوله خمسمائة سنة {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} من ذا الذي يتألى على الله، ولذلك ترى أنه يرزق الإنسان من حيث لا يحتسب، ومن غير حساب، ويؤتي الخير من شاء كيفما شاء متى شاء، وكذلك ينزل الضر على من شاء متى شاء كيفما شاء لأن الأمر هو أمر امتحانٍ وابتلاء .