أعلن الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن جرائم الاحتلال الصهيوني الغاشم في قطاع غزة ضد المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ وضعت القانون الدولي في مهب الريح.
[[system-code:ad:autoads]]جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لكلية الشريعة والقانون بالقاهرة الذي يقام تحت عنوان: «المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات الدولية».
وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن هذا المؤتمر الدولي الرابع الذي تقيمه كلية الشريعة والقانون بالقاهرة قد حظي برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي أشرف بأن أنقل تحياته العاطرة وحرصه على أن يوفَّق هذا المؤتمر لبلوغ غاياته النبيلة، كما أحمل لحضراتكم تحيات فضيلة الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيلِ الأزهر الشريف عضو هيئة كبار العلماء، وهو أحد أعلام هذه الكلية ورجالاتها المخلصين.
[[system-code:ad:autoads]]وأوضح رئيس الجامعة أن كلية الشريعة والقانون بالقاهرة هي أُمّ كليات الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، لها في ذلك فضلُ السَّبْقِ والريادة، وهي مَنبَتُ العلماء والفقهاء والقضاة والمفتين ورجال القانون.
وبيَّن رئيس الجامعة أن هذا المؤتمر يعقد ومبادئ القانون الدولي التي أسسها علماؤه وفقهاؤه وقامت عليها منظماته المحلية والعالمية «في مَهَبِّ الريح»؛ بسبب العدوان الصهيوني الغاشم الذي يشنه الكيان الصهيوني الإسرائيلي على أهلنا المستضعفين في غزة منذ أكثر من نصف عام، راح ضحيته عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمصابين، وهدِّمت الدور على ساكنيها، وهُدِّمت مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا، ودُمِّرَت مستشفيات على مَن فيها من المرضى والجرحى والمصابين والأطباء، في عدوان وحشي همجي تتري بربري، لا يرعى في مؤمن إلًّا ولا ذمة، لا يرحم طفلًا صغيرًا ، ولا عجوزًا فانيًا، ولا امرأة ضعيفة، إنه عدو متعطش للدماء، منهوم بالتلذذ بجثث الموتى.
واكد رئيس الجامعة أن جرائم الاحتلال الصهيوني تبقى وصمة عار تلاحقه أبد الآبدين، وتبقى شاهدًا على حقيقة هذا الوحش الصهيوني الذي عجز العالم كله عن إيقافه وردعه، لافتًا إلى أن هذا العدوان وضع القانون الدولي في مهب الريح، وقال لهذه القوانين الدولية القارَّةِ في بطون الكتب كالموتى:
السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
وأضاف رئيس الجامعة أن عقد هذا المؤتمر المهم في هذا الوقت الصعب الذي تتعرض فيه الأمة الإسلامية لتلك النكبة المدلهمة ينكأ هذا الجرح الغائر الذي يزداد ألمًا على ألمٍ يومًا بعد يومٍ، ويستصرخ أصحاب الضمائر الحرة في العالم كله ويقول للمنظمات الحقوقية الدولية: أين حقوق الإنسان في غزة؟! أليس الإنسانُ في غزة إنسانًا؟! أم أنه من جنس البهائم كما صرح بذلك أحد الأكابر المجرمين من آل صُهيون؟!.
وبين رئيس الجامعة أن الحديث في هذا المؤتمر عن «المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات الدولية» يقول: إننا نتحدث عن مدينة من العلم حَطَّمَها الظلمُ، حطمها العدوُّ الصهيوني المتغطرس؛ لأنه باختصار فوق القوانين كلها، ولو كانت دولية عالمية إنسانية حقوقية حضارية إلى آخر ما يطيب لك من الأوصاف التي لم نحظ من ورائها بطائل، ولم تعد لها فائدة في ظل هذا العدوان الصهيوني الأثيم الذي حطم هذه المؤسسات تحطيمًا، وقبرها في مدافن الموتى، وأَثبت –بعين اليقين– أن هذا العالم لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يستمع إلا لصوت القوة، فعليك أن تكون قويًّا لتعيش في هذا العالم وليحترمك هذا العالم الذي يَسْخَرُ منك يومًا بعد يومٍ حين يراك تخاطبه بمنطق السلام ولغة السلام وحمامات السلام وترانيم السلام ومواثيق السلام مع أنه يخاطبك بمنطق القوة ولغة القوة ومدافع القوة وترانيم السلاح وأصوات الصواريخ ودوي القنابل والمتفجرات، ويقذف إليك كل ثانية أشلاء موتاك، ورُكامَ مُدنك وقراك، هذا لعمري في القياس عجيب!
وقال رئيس الجامعة: أرى أن (المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات الدولية) لم يعد لها تطبيق، وصارت حبرًا على ورقٍ، فانظروا إلى هذه النتيجة المرة ولا تعجبوا لها؛ لأنها نتاج مقدمات مرة، وحصاد مقدمات وضعها وحمل أوزارها من أرسى حق الفيتو؛ ليبيح لبعض الدول القوية أن تأكل لحوم الدول الضعيفة، ولو وقف العالم كلٌّه معترضًا على ذلك فإن اعتراضَه لا يحول دونه؛ لأن يد الفيتو تقضي على كل الأصوات الحرة وتَكْتُمُ أنفاسها وتُزْهِقُ أرواحها !! فمتى يصحو العالم من رقدته؟ ومتى ينهض من كبوته؟
وبين رئيس الجامعة أن (المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات الدولية) وإن حطمها العدو الصهيوني والقوى المتغطرسة في العالم تحطيمًا؛ فإن قراءة ما أسسه الإسلام في هذه المبادئ والتشريعات زمن السلم والحرب مما يبين للناس البون الشاسع بين ما بناه الإسلام من مبادئ وتشريعات وما يفعله العدو الصهيوني ومَن يؤازرونه ويساندونه؛ ومن أعان القاتل فهو شريكه في القتل، ومن أعان الظالم فهو شريكه في الظلم.
وطالب رئيس الجامعة بتفيُّؤ ظلال الرحمة والعدل بعدما أزكمتنا رائحة الظلم التي تنتشر في كل مكان، ورائحة الموت التي انتشرت من غزة لتملأ العالم كله، دعونا نتفيأ ظلال الرحمة في مثل هذه الصراعات والنزاعات؛ حيث روت كتب السنة أن رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا... وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ، فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ».
ووجه رئيس الجامعة الشكر والتقدير لجميع القائمين على مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة عميدًا ووكيلين وأعضاء هيئة التدريس موظفين وعمالًا، كما أشكر أبناءنا الطلاب ، وكلَّ السادة الحاضرين.
ولفت رئيس الجامعة نظر عمداء الكليات بضرورة إرسال تقرير لمكتب رئيس الجامعة بنتائج وتوصيات كل مؤتمر علمي تعقده الكليات؛ لتقوم الجامعة باختيار أهمها وطباعتها في نهاية العام في كتاب «حصاد مؤتمرات الجامعة كل عام»؛ وذلك لتفيد الجامعة من كل فكرة سديدة ورؤية جديدة وتطور نفسها بنفسها وتضع خططًا لمشاريع علمية ناهضة.