تحتفي الطرق الصوفية، بالمولد الرجبي لشيخ العرب السيد البدوي رضي الله عنه بمدينة طنطا، حيث توافد أتباع الطرق الصوفية بمختلف طرائقها على إحياء مولد السيد البدوي، بمحيط المسجد الأحمدي بالغربية.
محطات في حياة السيد البدوي
قالت دار الإفتاء في بيانها مناقب السيد البدوي، إن السيد أحمد البدوي الحسيني رضي الله عنه إمام قطبٌ عارفٌ وليّ، ووارثٌ نبويٌّ ربانيّ، ونسيبٌ علويٌّ هاشميّ، ومقرئٌ فقيهٌ، وهو من كبار أولياء الأمة المحمدية، ووارث محمدي بلغ الغاية في الفتوة والأخلاق الندية، وأنه في الأمة كلمة إجماع، وبين الأئمة إمام بلا نزاع، قد جمع بين الحقيقة والشريعة، وضم إلى العلم الكسبي العلمَ الوهبي، وكان في العلم بحرًا لا يُدرَك له قرار؛ كما شهد بذلك العلماء الأخيار، وتواترت عنه الكرامات والمواهب اللدنية، وأثرت عنه الأخلاق الكريمة والشمائل المرضية.
وقد لقي الأئمة العارفين، وأخذ عن كبار أولياء الله الصالحين، وأرسى طريقته على الكتاب والسنة النبوية، والتزام الواجبات الشرعية، والمداومة على النوافل المرعية، وبناها على الصدق والصفاء، وحسن الوفاء، وتحمل الأذى، وحفظ العهود، وأقامها على الشهامة والكرم والأخلاق الندية؛ من إطعام الطعام في كل حين، والإحسان للمساكين، ورعاية الأيتام والمحتاجين، وإكرام الوافدين.
فأما كونُه سليلَ آل البيت عليهم السلام: فهو مما اتفقت عليه كلمة المؤرخين والعلماء الأعلام، وأطبق على صحته عدولُ الأمة، وأثباتُ المؤرخين والأئمة، وتواردت به شهادة الأشراف في مصره، وتواتر نسبه الشريف عند علماء النسب في عصره وبعد عصره، فالتشكيك في ذلك من الكبائر التي حرَّمَتْها الشريعَة، وذمَّت مِن مرتكبها صنيعَه.
هل السيد البدوي من الأولياء؟
وأما الشهادة بإمامته وولايته: أطبق على ولايته وإمامته وعلمه علماء الأمة ومؤرخوها منذ انتقاله رضي الله عنه إلى الآن، بل أصبحت محبتُه وزيارتُه عند العلماء أمارةً على الصلاح والخيرية، واستمرت شواهدُ محبتِه وبواعثُ زيارتِه وسلاسلُ طريقتِه ساريةً في الأمة منذ ظهوره إلى يوم الناس هذا من غير نكيرٍ ممن يعتد به من عارف أو عالم أو مؤرخ؛ حتى سمَّى الخاصة والعامة أولادهم باسمه ولقبه؛ تيمنًا وتبركًا، وأجمع أئمة الأزهر الشريف وشيوخُه إمامًا إمامًا على ولايته ومودته ومحبته، واتفق أولياء الأمة وعارفوها على إمامته، ومن ورائهم علماء المسلمين وأئمتهم وفقهاؤهم ومفتوهم في الشام والعراق والحجاز وسائر أقطار الأرض، ولا يُعرَف في الأمة كلها عالم أو عارف أو ولي أو مؤرخ ذكَرَه إلا بصلاحه وشرفه وولايته، فهو: "أحد أركان الولاية الذين اجتمعت الأمة على اعتقادهم ومحبتهم"؛ كما يقول العلامة القاضي يوسف النبهاني، فالشهادة بولايته وإمامته شهادةٌ بالحق، وتصديقٌ لأهل الصدق؛ امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ».
الرد على الطاعنين في كرامات السيد البدوي
أما الطعنُ في ولايته رضي الله عنه أو اتهامُه بالجاسوسية أو التشكيكُ في كونه من الأشراف رغم معرفة ما ترجمه به العلماء والمؤرخون عبر القرون بالسيادة والولاية والعلم والإمامة من غير خلاف: فكلها مسالك خاليةٌ عن الإنصاف، موغلة في الاعتساف، وخروجها عن المنهج العلمي غير خافٍ؛ لأن ذلك يستلزم اتهامَ أولياء الأمة وعلمائها ومؤرخيها وحكامها قاطبةً بالجهل والغفلة أو التزوير والكذب أو التواطؤ والخيانة! مع ما في ذلك من إفقاد المسلمين الثقةَ في تاريخِهم، وتراثِ مؤرخيهم وعلمائهم؛ فإن الأمة متفقة على ولايته وشرفه، ولم يطعن فيه رضي الله عنه إلّا نابتةٌ نبتت منذ عقود -والله أعلم بالقُصود- جامعةً بين المتناقضات فيما تحوكه مِن الاتهامات، مدَّعيةً تارةً أنه لم يكن يصلي، وتارةً أنه كان جاسوسًا شيعيًّا، وثالثةً أنه كان باطنيًّا إسماعيليًّا، ورابعةً أنه حديثُ خُرافة! متجاوزةً بطعنها هذا كل تراث الأمة وتاريخها لكل مؤرخيها وعلمائها، مناديةً لأهلها على جهلها، مِن غير وازعٍ ولا رادِعٍ مِن دينٍ أو أدبٍ أو إنصافٍ، ولا حلمَ ولا علمَ!