قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، في بيان فضل السير إلى الله بالقلوب، إن الله هو مقصود الكل حالًا ومآلًا، فأريد أن أسعى إلى الله، أن أسير في طريق الله ، أن أصل إلى الله تعالى ، والمقصود بالوصول إلى الله ؛ أن يكون الله حاضرًا في حياتي، هذا معنى الوصول، أن أربط كل سلوكي بالإقدام والإحجام، بالفعل وبالترك، أربطه بالله سبحانه وتعالى، هذا معنى الوصول إلى الله، وهذا يستلزم أن أذكر الله في كل وقت وحين، في كل نفس خارج ونفس داخل.
السير إلى الله بالقلوب
وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” في بيانه السير إلى الله بالقلوب: إذن هذا يحتاج مني إلى عدم الغفلة، وإلى يقظة قد لا يجدها كثير منا في نفسه، أن يكون هكذا مع الله، ويذكر الله في كل لحظة، وفي كل نفس داخل وخارج منه، وفي كل حال من الأحوال، فهذا هو معنى الوصول إلى الله سبحانه وتعالى، أن نصل إلى هذه الحالة وهو أن يكون الله سبحانه وتعالى أمامنا نعبده كأننا نراه، وكأننا في حضرته سبحانه وتعالى.
الذكر هو عبادة القلب
كما قال علي جمعة إن الذكر هو عبادة القلب الذي يصلح بها ويطمئن بها، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: فإذا اطمئن القلب صلح، وصلح بصلاحه سائر الجسد، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ»، لافتًا إلى أن الذكر عماد القلب، والقلب عماد الجسد، فقلب المؤمن يحيا بذكر الله تعالى، وبحياة القلب يحيا سائرُ البدن، فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم : «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».
وأضاف: يتضح ذلك المعنى عندما نعلم أن الصلاة التي هي عماد الدين وركنه الركين إنما شرعت لأجل ذكر الله تعالى قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. بل عندما يشرع المسلم في صلاته، بقوله (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ يباهي الله به ملائكته ويقول لهم: "ذكرني عبدي".
كذلك الذكر هو الإطار العام والبيئة الطيبة التي لا بد منها حتى تترعرع فيها بقية العبادات ومن ذلك نلحظ أن الإحرام بالصلاة يبدأ بالتكبير وختامها بالتسليم، وكلاهما ذكر لاسم من أسماء الله تعالى قال تعالى : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾، فعلاقة الذكر ببقية العبادات كعلاقة الشجر بالأرض؛ فلا يمكن أن تزرع شجرة دون أن تمتلك أرضا تزرعها فيها.
وأكد أن الأمر بالذكر هو أمر المحب لمن يحب، وإنما يَمْتَثِل له من صدق في الحب يقول تعالى ﴿فاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾، ويقول تعالى في حديث قدسي فيما يرويه صلى الله عليه وآله وسلم : «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ».
واختتم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر قائلا: "إذا أحب المرء منا حبيبا طلب منه أن يذكره -ولله المثل الأعلى-، فالذكر أمارة الحب، فما من محب وهو لاه عن محبوبه".