تصادف اليوم ذكرى استسلام المتمردين في ثورة القاهرة الثانية في مصر، وذلك بعدما استخدم الجنرال كليبر قوته العسكرية وحرق مناطق القاهرة في 21 أبريل عام 1800.
النضال الشعبي
وفقًا لكتاب "النضال الشعبي" لمحمد فرج، اندلعت الثورة الشعبية في القاهرة في 20 مارس 1800، أثناء معركة عين شمس. وكانت الثورة تحت قيادة عمر مكرم وأحمد المحروقي والشيخ الجوهري، وانتشرت في منطقة بولاق.
[[system-code:ad:autoads]]يصف الجبرتي بداية الثورة قائلاً: "بدأت في بولاق في ساعة واحدة، حيث اجتمع الحاج مصطفى البشتيلي وشخصيات أخرى من أهالي بولاق وأثاروا استياء العامة وجمعوا عصي وأسلحة وهاجموا واستولوا على وطاق الفرنسيين المتروكة على الساحل، وكان هناك حراسة فرنسية وقتلوا من واجهوهم ونهبوا خيامًا وممتلكات، ثم عادوا إلى المدينة وفتحوا مخازن الحبوب والودائع التابعة للفرنسيين واختاروا منها ما يروق لهم وأقاموا حواجز ومتارس حول المدينة".
[[system-code:ad:autoads]]قرر قائد الحملة العسكرية، كليبر، التفاوض مع الباشا يوسف ضياء، رئيس الحكومة المصرية العثمانية، لطرد الفرنسيين من القاهرة. واتفق الجانبان على طريقة للحفاظ على كرامة الجيش الفرنسي أثناء خروجه، وتم تحديد مراحل وجدول زمني لتنفيذ عملية الانسحاب. وأُطلقت على هذا الاتفاق معاهدة العريش، وتم توقيعها في 22 شعبان 1214 هـ (24 يناير 1800م).
مفاجئة لكليبر، تلقى رسالة من قائد الأسطول البريطاني تعلن رفض لورد كيث، القائد العام للأسطول، التصديق على المعاهدة، وأن الخيار الوحيد للفرنسيين هو الاستسلام كأسرى حرب دون إمكانية العودة إلى فرنسا كما تم الاتفاق مع الدولة العثمانية.
حينها قرر كليبر البطش بالعثمانيين، فأعاد احتلال المواقع التى كان قد أخلاها، ثم باغت الجيش العثمانى المرابط على مشارف القاهرة فى المطرية وعين شمس فارتد الجيش العثمانى على غير نظام بعد أن كبلت خطاه المفاجأة، وأفقدته القدرة على التوازن وصد.
لم يكن الشعب المصرى يحتاج إلى أكثر من إشارة حتى يهب هبة عارمة ضد الغاصب المحتل، لا يبالى بشيء، وفى ساعات قليلة تجمع الشعب وحمل السلاح، وأقام المتاريس حول الأزهر والأحياء المحيطة، وشرع فى مهاجمة المواقع الفرنسية فى الأزبكية، وكانت نقطة ابتداء الثورة وإعلان الجهاد على الفرنسيين فى حى بولاق، ثم امتدت بعد ذلك إلى سائر أحياء العاصمة.
لجأ إلى الاتصال بمراد بك أحد زعماء المماليك، وتفاوض الاثنان على الصلح، وأبرمت بينهما معاهدة بمقتضاها أصبح مراد بك حاكمًا على الصعيد فى مقابل أن يدفع مبلغًا إلى الحكومة الفرنسية، وينتفع هو بدخل هذه الأقاليم، وتعهد كليبر بحمايته إذا تعرض لهجوم أعدائه عليه، وتعهد مراد بك من جانبه بتقديم النجدات اللازمة لمعاونة القوات الفرنسية إذا تعرضت لهجوم عدائى أيًا كان نوعه، وكان هذا يعنى أن مراد فضل السيادة الفرنساوية على السيادة العثمانية.
ولم يكتف مراد بك بمحاولته فى إقناع زعماء الثورة بالسكينة والهدوء، بل قدم للفرنسيين المؤن والذخائر، وسلمهم العثمانيين اللاجئين له، وأرسل لهم سفنًا محملة بالحطب والمواد الملتهبة لإحداث الحرائق بالقاهرة.