الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلاكيت.. هنصوّر!!

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

يقولون إن السياسة هى فن إقناع الكل بأنه لا يوجد شىء مستحيل ويقول عنها دافنشى بأنها فن اللعبة القذرة، ويضيف: أن من يعملون بالسياسة ما هم إلا بهلوانات، وبأن كل من يمتهن السياسة لا يقصد ما تعنيه الكلمة بل إنه يدخر معناها فى باطن عقله وتفكيره ؛ فهو عندما يقول "نعم" يقصد بها "ربما". 

تعريفات السياسة ومفاهيمها التى تدرس وتكتب  تعجز عن وصف ما يجرى فى منطقة الشرق الاوسط فى هذه المرحلة بصفة عامة وبما يدور من تطورات بين ايران ودولة الاحتلال الاسرائيلى بصفة خاصة. ما يجرى وما سيجرى كان الحدث والحديث مؤثرًا فقد كنت مدعوة لحضور ندوة حوله فى واحدة من كبريات المؤسسات الاستراتيجية. 

الندوة كانت تعج بالحضور وبأصحاب القلم والرؤى والأفكار.. وعلى مدى أكثر من ساعتين ومن يتصدرون الحوار والمشهد يتحدثون ويفندون ماجرى منذ استهداف إسرائيل القنصلية الايرانية فى دمشق ومقتل عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين، وما تبعه من استهدافات إسرائيلية لعدد من المنتمين لإيران فكرًا وعقيدة، كل من الحضور كانت له حجته وشرحه وتفسيره المقنع بكل الوسائل، بعضهم أشاد بالرد الإيرانى ووصفه بأنه صفعة على وجه تل أبيب المتغطرس، وآخر صوره بأنه ينتمى لأفلام الكاوبوى الأمريكانية الشهيرة ودلل على ذلك بما قاله الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عندما قال على الهواء بأن طهران طلبت من واشنطن بأن تخلى لها قاعدتان فى العراق تقصفهما ايران ردًا على مقتل دبلوماسى ايرانى كبير فى قصف امريكى استهدفه منذ فترة ليست بالبعيدة . 

واحتدم الحوار بعد هذه التفنيدات وتحولت الندوة الى سجال عقيم كل من فيها متمسك برأيه ويعمد إلى دحض رؤية الآخر ، وحاول من يدير الندوة ان يعيد الهدوء إليها فاستأذن من على المنصة باستقبال اسئلة واستفسارات الحضور وليته ما فعل ؛ فقد زادت الاسئلة البلة طينا كما نقول فى امثلتنا الشعبية ، فقد كانت الاسئلة هى أخرى موزعة بين الاشادة والتنديد والتساؤل حول ما ستأتى به الاحداث من تطورات وهل سيستمر الجذب والشد بين تل ابيب وطهران ؟ وأيضا أسئلة من نوعية  الانتماءات والولاءات وأثرها فى توزيع تورتة مابعد الحرب الاسرائيلية على اهل غزة. وعاد الوضع على قاعة الندوة الى سابقه واضطر القائم عليها أن يختتمها بلباقة وشكر للحضور مع وعد بالمزيد من اللقاءات الفكرية التى يجيب خلالها أهل الفكر عن كافة التساؤلات ويزيلون الغموض والتشرد عن أية قضايا أو أزمة إقليمية او عالمية . 

وحينما هممت بجمع أوراقى التى كنت أستعد لقراءة ما فيها وشرحه فى الندوة المثيرة للجدل اذا بى أجد أمام عينى زميل قديما ايرانيا جمعنا معا سفر الى فرنسا فى اطار تجمع عربى واقليمي اعلامى للتدريب فى باريس ، تبسم صديقى لى وسلم وسألنى مباغتا بطريقته المعتادة : ما رأيك فيما حدث بين بلادى واسرائيل ؟ وقبل أن أجيبه قال لى ووجهه يشع فرحة وغبطة : حذارى من أن يأخذك الحماس والمسميات الرنانة من وطنية وعروبة ونخوة ودين من أن تنجرإلى حرب وجهًا لوجه ، حاربى بالوكالة حتى يكون نصيبك من الخسارة ضئيلاً إلى أقصى الدرجات، واستكمل قائلاً: بعد حرب بلادنا الطويلة ضد العراق والتى استمرت ثمانى سنوات بعدها صار ماذكرته لكِ آنفاً علماً ومنهاجاً يُدرس فى كل أنحاء بلادنا.. 
كلام صديقي أعاد إلى ذهني ما يقول المخرجون في بداية كل عمل لهم ..
كلاكيت … هنصوّر  !!!!!