كل نمط سلوك قويم يتوافر لدى المتعلم من أجل أن يحثه على التفاعل المحمود مع جماعة الفصل أو الأخرين في الحيز التعليمي في صورة لفظية أو غير لفظية بما يحقق غاية الاندماج التام داخل البيئة التعليمية فيما بين منتسبيها؛ يُعد معبرًا عن ماهية المهارات الاجتماعية، وهذا أيضًا ينعكس بصورة إيجابية على التفاعل المرتقب خارج البيئة التعليمية.
[[system-code:ad:autoads]]
وحري بالذكر أن المهارات الاجتماعية لدى المتعلمين تخلق مناخًا إيجابيًا يعزز كافة الممارسات التي تؤدي عبر مهام الأنشطة التعليمية التي يقومون بها بصورة مقصودة، وهذا يُظهر قيمة الشراكة والمشاركة في الأداء لتحقيق الهدف المنشود، ويؤكد على عنصر تحمل المسئولية وتقدير الذات والأخرين، ويحقق ماهية التعاطف والمحبة من خلال أشكال التواصل فيما بينهم أثناء التعاون في حل القضايا والمشكلات التعليمية التي تتضمنها الأنشطة المعدة سلفًا لذلك.
وبما لا يدع مجالًا للشك أن سُبل التفاوض حول ما يثار من قضايا متضمنة بالأنشطة التعليمية فيما بين المتعلمين تؤدي بالضرورة لامتزاج وجهات النظر بغية الوصول لتحقيق المراد من الهدف المشترك، وصورة الانفعالات بينهم تزيد من الترابط والمودة والتعاطف، مما يُسهم في تكوين علاقات طيبة قد تؤدي لبناء صدقات مستدامة مع بعضهم البعض.
وما يحدث من تكوين وتدريب للمهارات الاجتماعية داخل مؤسساتنا التعليمية بشكل مقصود يمتخض عنه العديد من الثمار التي يأتي في مقدمتها مقدرة المتعلم على تكوين علاقات طيبة مع أفراد أسرته وأقاربه والمجتمع المحيط به أثناء التفاعل والاندماج الحياتي معهم، وهذا يؤهل الفرد لأن يختار من يصادقه وفق التوافق والتكيف والتفاهم والتواصل معه، وفي إطار من التقابل الفكري القائم على المحبة والاحترام وتبادل الخبرات فيما بينهم، وهذا مجتمعًا مرهون بصورة التواصل الكلي الفعالة بين الأفراد.
وإطار التواصل الاجتماعي الفعال يساعد الفرد على تكوين المشاعر المنضبطة؛ فيستطيع من خلالها أن يعبر عن انفعالاته دون أن يسبب إزعاج أو أذى للآخرين، ويمكنه أن يتواصل معهم دون خلط أو ارتباك، ومن ثم يعي مفردات الموقف الاجتماعي وسياقه ويتعامل معه بحكمة، ويتصرف بما يتناسب مع طبيعة الحدث دون خروج عن السياق أو المألوف، بما يؤكد مقدرته المتميزة في الاستقبال والإرسال، ومن ثم يحقق ماهية التواصل الكلي، ويستطيع أن يقرأ ويفهم ويترجم السلوك الاجتماعي بوعي رشيد؛ ليقوم بدوره المرتقب في صورته الصحيحة.
وتتعدد المهارات الاجتماعية التي قد يمارسها المتعلم في البيئة التعليمية؛ فبواسطتها يواصل العمل في مجموعات التعلم وفق إطار مرسوم ومنظم؛ حيث التضافر والمناقشة والحوار والمشاركة والثقة بالنفس واحترام الآخرين وتقدير العمل التعاوني، ويحرص على تطوير خبراته التعليم التعاونية، ومنها الضبط الاجتماعي فلا يتمركز حول ذاته ويقف عند وجهة نظره الخاصة به فقط؛ فيحترم ويقدر ويتقبل وجهات نظر الآخرين، كذلك تنمو لديه مهارات القيادة.
وتُعد مهارة تحمل المسئولية على رأس أولويات المهارات الاجتماعية، ومهارة التقبل التي تؤكد على الانسجام الداعم لما يقوم به الآخرين بصورة تتفق مع صحيح السلوك، ومن ثم تأتي مهارة المحاسبية ضمن تلك المهارات التي تؤكد على ضرورة تقييم الذات وتقويم الآخرين؛ كي يحصل الفرد على فرصة لأن يُحسن ويطور ويعدل من سلوكه في الاتجاه المرغوب فيه.
كما أن تنمية الثقة بالنفس ناتج مهم جراء تنمية المهارات الاجتماعية؛ حيث يستطيع المتعلم أن يعبر عن نفسه، ويدلي برأيه دون خشية أو خوف، ويتحرى مفردات كلماته ليحقق ماهية التواصل الإيجابي البناء، ومن ثم ينعكس على سلوكياته في المواقف المتباينة؛ فيشارك بكل قوة فيما يستدعي المشاركة، ويصدق على ما يطرح وما يؤديه من مهام.
ولندرك أن المهارات الاجتماعية من الأولويات القصوى في حياة المتعلم العلمية والعملية على السواء؛ حيث تساعده على أن يتحرك نحو الآخرين؛ فيتعاون معهم، ويشارك فيما يقومون به من أنشطة ومهام وأعمال مختلفة، ويتخير منهم الأصدقاء، ويقيم معهم العلاقات الإيجابية التي يحقق من خلالها ما يلبي احتياجاته التعليمية وغير التعليمية.
وهنا يمكننا القول بأن أثر تنمية المهارات الاجتماعية يتضح في كون الفرد قادرًا على أن يؤثر في الآخرين بشكل إيجابي، ومن ثم يتأثر بصحيح السلوك، ويبتعد كل البعد عن السلوك غير المرغوب فيه، وتتكون لديه اتجاهات تساعده في اختياره الطريق القويم بما يصبه المقدار المنشود من الصحة النفسية والتكيف والتوافق مع الجميع، ووفق ما يمتلكه من مهارة توكيد الذات، والمواجهة، والقدرة على التواصل، وتكوين الصداقة، والقدرة على تنظيم المعرفة والمشاعر والسلوك، التي تعكس القدرة على ضبط أو تنظيم الذات.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.