نعيش الآن تلك الأجواء القلقة بعد رمضان ، الذي انقضى منذ ما يقرب من أسبوع ، حيث قلت العبادات ومن ثم ينبع القلق من ضيق الخيرات والرحمات بعد رمضان، وهنا صارت المرجعيات القديمة متاحة ومنها الأمثال الشعبية التي تعد من تراث الشعوب ومن خلالها تتناقل المعرفة والأدب والحكمة ، حتى أن هناك البعض يعملون بتلك الأمثال الشعبية ، إلا أن منها مثل شعبي لا ينبغي العمل أو التعامل به بعد انقضاء شهر رمضان.
بعد انقضاء رمضان
قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، إننا لسنا عباد رمضان، ولكننا عباد الله سبحانه وتعالى، نعبده في كل وقت وحين، ولا تقتصر عبادتنا له على موسم من المواسم أو شهر من الشهور.
وأوضح «عبد المعز»، في مسألة « العمل بالأمثال الشعبية بعد انقضاء شهر رمضان » ، أننا نعبد الله سبحانه وتعالى في كل الشهور، وإن كنا لا نختلف أن كل شهر له نفحاته، وكذلك كل يوم له نفحاته، فيوم الجمعة له نفحاته، ولكن كلها أيام الله عز وجل.
وأضاف أن الصيام بعد رمضان ينبغي له ألا ينقطع، وكذلك القيام وما نحوها من العبادات والطاعات والعمل الصالح، كما أنه لابد من أن نبتعد عن عاداتنا السيئة القديمة التي عهدناها قبل رمضان، وألا نعمل بهذا المثل الشعبي الذي يقول: «رجعت ريمة لعاداتها القديمة».
قصة المثل الشعبي .. رجعت حليمة لعادتها القديمة
يُضرب هذا المثل في الشخص الذي لا يستطيع العدول عن عادته القديمة مُطلقًا فمثلما قالوا أنَ “الطبع غلاب” أصبح هذا المثل أيضًا دليلاً على أن الشخص لن يتغيَر بشكل كامل بل سيعود إلى عاداته القديمة في يومٍ من الأيام.
ويرجع أصل هذا المثل إلى امرأةٍ في العصر الجاهلي تُدعى حليمة وهي زوجة حاتم الطائي، والذي كان أحد أعظم شعراء العصر الجاهلي ومضرب المثل في الكرم، حتى أن الكرم قد نسب إليه فيُقال عن الشخص الكريم: “كرمُهُ كرمُ حاتم” أو يُقال عن الكرم الشديد "الكرم الحاتمي" أي أنَ الكرم المبالغ فيه يشبه كرم حاتم الطائي.
ولكن للمفارقة، كانت زوجته حليمة مضرب المثل في البخل فكانت عندما تطهو الطعام تضع سمنًا قليلاً جدًا وأحيانًا لا تضعُ سمنًا أبدًا، فعاب زوجها ذلك عليها وقال لها أنهم قالوا قديمًا أنَ من تضع سمنًا كثيرًا في إناء الطَهي يطولُ عمرها. وبالفعل بدأت حليمة تضع الكثير من السمن في إناء الطبخ أثناء إعداد الطعام الذي تطهوه لضيوف زوجها واستمرَت على ذلك لسنواتٍ عدَة. ولكن، حدث لها مُصاب جعلها تتوقف عن عادتها الجديدة هذه وترجع إلى ما كانت عليه ألا وهي وفاة ابنها الوحيد الذي كانت تُحبُه حُبًا جمًا، فأصابتها حالة اكتئاب مُزمنَة جعلتها تُقلل السمن في الطعام حتى لا يطول عمرها لتموت وتلحق بابنها سريعًا.
ومن هنا أتى المثل الشعبي "عادت حليمة لعادتها القديمة"، الذي يُضرب عند عودة الشخص إلى عادته القديمة مرةً أخرى.
الأمثال الشعبية
تعد الأمثال الشعبية هى فلسفة الشعوب تمثل تاريخها ومن خلال هذه الأمثال يمكننا أن نقيم هذه الشعوب فهى تراث الماضى ومن ليس له ماض فليس له حاضر أو مستقبل
ومن المؤكَد أنَ كلّ أُمة تحرص على الحفاظ على تراثها وهويَتها، حيث يتناقلون هذا التراث من جيلٍ إلى جيل، حتى تنتقل المعرفة والأدب والحكمة بالكامل من الأجداد والآباء إلى الأبناء. ولا شكَ أن الأمثال الشعبية هي أحد أهمّ صور هذا التراث الشعبي.
ما هو المثل الشعبي
يعد المثل الشعبي هو عبارة عن قصَة يتم تناقلها عبر الأجيال، وكلمات نُرددها جميعًا في حياتنا اليوميَة، وخلاصة حكمة الأجداد التي تصلح في كل زمانٍ ومكانٍ. فالأمثال هي موروث حضاري و خلاصة تجارب الأجداد والآباء، وليست مُجرّد كلمات يتم ترديدها، فهي تحوي العديد من القيم والعادات والتقاليد، خفيفة الوقع على اللسان سريعة الوصول إلى القلب.
وقد تختلف اللهجات عبر العصور المختلفة، لكن بلا شك سيبقى المعنى والحكمة من المثل الشعبي واحدًا تردده الألسن عبر الأجيال المختلفة. ومن أهمّ ما تتميَز به هذه الأمثلة هو أنَها لا تخلو من روعة البيان وجمال البلاغة التي تتضمَن التشبيهات والاستعارات والكلام المُسجع، لنقل الحكمة بطريقة بسيطة ومُمتعة وخفيفة على اللسان.
كيف ظهرت الأمثال الشعبية
ورد أنه مع تعاقب الأجيال، تُصبح الأمثال الشعبيَة جزءًا أصيلًا من وجدان المجتمع، حيث يستخدمها الناس في المناسبات المُختلِفة بعفويَة وتلقائيَة لاختصار الكثير من الكلمات والتعبير عن بعض المعاني المُعقدة أحيانًا. وبالرغم من أنَ معظم هذه الأمثال يستند في الأصل إلى قصة حقيقيَة، إلا أنَه مع مرور الوقت يبدأ الناس في التغافل عن هذه القصة مع بقاء المثل محفورًا في ذهنهم.
وهذا يأخذنا إلى السؤال الآتي، "من أين جاءت أصول الأمثال العربيّة؟" في الحقيقة، الأمثال ما هي سوى انعكاس لثقافة الشّعوب مع تنوُع دياناتهم وثقافاتهم، فالأمثال تجسيد حي لأفكار هذه الشعوب وعاداتها بألفاظ بسيطة وسهلة. وممَن تحدَث عن تاريخ الأمثال ابن الأثير إذ قال " وضعت العرب تلك الأمثال لحوادث مطابقة لهذا الحدث مرّت به فكان المثل كالعلامة لهذا الشيء".
حكم وأمثال شعبية
ورد أن الحكمة في اللغة تعني وضع الشيء في موضعه ومحله؛ أي أنها صواب الرأي وسداده، أما في العُرف فهي تعني الرشيد من الفعل أو القول، وصاحبها يستخدم عقله في كل شيء ويسمى صاحبها حكيماً أو عاقلاً. أما المثل في اللغة فهو الشبه أي شبيه الشيء، أما في الاصطلاح أو العُرف فهو قول موجز يحكى لتشبيه حال أو واقعة، كتشبيه شيء تراه بشئ رأيته سابقاً. أما الفرق بينهما: أن أي شخص يمكنه الإتيان بمثل بلا تخصيص، وأما الحكمة فيأتي بها شخص مر بتجربة أو أصاب الحق بالظن، وعادة ما تكون للنصح والإرشاد أو التذكير.