كلما اعتقدنا أننا قد انتهينا من كتابة ورواية قصص الأدب الفرعوني نكتشف إنه مازال بعد وتأتي قصة جديدة لذيذة تتطلب ان تكتب علي طريقتنا الخاصة مثل نظيرتها من قصص الأدب الفرعوني التي تمت روايتها علي طريقتي الخاصة مثل قصة الأخوان والزوجة اللعوب التي حظيت علي صدى مميز من قبل القارئ وسنوحي والبحار الغريق والثعبان والفلاح الفصيح والأمير الملعون وغيرها من القصص ،فالأدب الفرعون كنز من كنوز أجدادي القدماء لم ولن ينتهي فكلما اطلعنا علي بردياتنا الفرعونية وجدران معابدنا ومقابرنا الفرعونية وإلي الحضارة التي لم ولن تندثر ابداً و نجد كل ما هو جديد وعظيم كي نقدمه للقارئ لذلك لم يشعر قارئ قصصي ومقالتي بالملل قط .
وقصة اليوم من أشهر القصص والأساطير في الأدب الفرعوني قصة جميلة وطريفة عن الملك رعمسيس عندما تعرض للسرقة لفترات طويلة دون أن يعلم من هو السارق، وقد واجد واصطنع الحيل لمعرفة من هو السارق والقبض عليه إلا أن اللص الذكي تحايل عليه و أفلت منها ولشدة إعجاب الملك بذكاء اللص قرر يزوج اللص من ابنته .
ولذلك هيا بنا نتعرف علي تفاصيل أكتر عن قصة اللص الذكي والملك رعمسيس ويرجع كل هذا إليّ ثراء الملك، فكان الملك رعمسيس يتمتع بالغني الفاحش و بالثراء الشديد، فقد كان يمتلك كبيات كبيرة جداً من الذهب الخالص، و كان يخاف عليها جداً من السرقة لذلك قرر إنشاء خزانة كبيرة للحفاظ عليها من اللصوص والسرقة وقام بوضع كل الذهب في جرار كبيرة ليسهل عدها ومعرفة النقصان فيها عند سرقتها ، وظل الملك يفكر ويبحث عن مهندس بارع لتشييد الخزانة التي تحمي الذهب من السرقة و أحضر له جنوده مهندس شديد الذكاء يشهد ببراعته كل من حوله وبالفعل قام المهندس بتشييد خزانة كبيرة جداً لا يوجد له سوى باب واحد وذلك لتأمينها وتم وضع قفل كبير جداً لا يتم فتحه سوى بأختام الملك مما جعل الملك يعجب به وبذكائه ويكافئه مكافئة كبيرة على براعته وحسن صنعه للخزينة .
و تم نقل جميع الذهب وأموال الملك إلى الخزانة التي صنعها المهندس وأعجب بها الملك وتم قفلها وظل الملك مطمئن ينعم لفترة طويلة بالأمان علي ذهبه وأمواله ، دون أي سرقة أو نقصان للمال، وبعد فترة طويلة شعر المهندس الذي صنع الخزينة للملك بأنه حان آجله وان الموت قد أقترب جداً منه فأرسل في طلب أولاده وكانوا ولدين، و أخبرهم والدهم انه قد صنع حيلة ذكية جداً بخزانة الملك وذلك من خلال وضع قالب من الطوب بطريقة هندسية يمكن لرجلين فقط إزاحته من مكانه والدخول والخروج من وإلى الخزانة دون أن يشعر أحد، حتى ينعما بأموال الملك، وبالفعل بعد وفاة أبيهم ذهب الأخوين إلى خزانة الملك وأزاحوا قالب الطوب ودخلوا، ووجد الأخوين الخزانة مملؤة بالذهب والاموال الكثيرة وأنه لن يلاحظ الملك في حالة نقصان الذهب لكثرة الذهب فيها وبالفعل اخذوا إحدى الجرار، وتكررت عملية السرقة كلما نفد المال منهم يزاح الحجر وياخذ الذهب .
لدرجة شعر فيها الملك و اكتشف أن خزانته تسرق لكثرة ما سرقة منها ، وأن الذهب قد قل فيها ولكن ما كان يدهشه ويطير عقل الملك أن السارق لا يدخل عبر الباب فالقفل لا يفتح إلا بختم الملك والختم معلق في رقبة الملك فكيف تتم السرقة، ظل يفكر في حيلة للقبض على اللص وبعد تفكير طويل توصل بالفعل و طلب من رجاله صناعة أفخاخ حول الخزينة و بجانب جرار الذهب للقبض على اللص، لم يكن يعلم الأخوين السارقين للذهب وأموال الملك أن الملك صنع الفخ لهم وعند دخول الأخ الأول منهم قبض على رجله الفخ فصاح ينادي على أخيه ويحذره من الأفخاخ دخل الأخ الثاني وراي اخوه مكبلاً في الفخ، طلب الأخ المقبوض عليه من أخيه أن يقوم بقطع رقبته حتى لا يتعرف الملك على جثته ويطاله العقاب هو وأمه، وهنا قال له الأخ الأسير في أسى: “لو بقيت هنا سيقبض علي الملك وسيتعرف عليك وعلى باقي الأسرة وسيقتل الجميع، فاقطع رأسي يا أخي وخذها معك حتى لا يستدل الملك على شخصيتي”، رفض الأخ في بادئ الأمر ولكن أمام إلحاح أخيه وعدم وجود حل آخر فعل ذلك ، وقطع رأس أخيه وحملها معه عائدا للمنزل،ً وخرج برأس أخيه وهو يبكي على فراقه وفي اليوم التالي، وجد الملك جثة مقطوعة الرأس داخل الخزانة فأمر بتعليق الجثة على الطريق والقبض على أي شخص يراه الحراس يبكي على الجثة، قام الحراس بتنفيذ أمر الملك وبالفعل تم تعليق الجثة .
ولكن الأم جلست تبكي متخفية في بيتها وطلبت من ابنها إحضار جثة أخيه ودفنها، ومن كثرة بكاء الام علي أبنها خرج الإبن لتلبية طلب أمه عن طريق حيلة بسيطة قام و تنكر في صورة بائع نبيذ وقام بإحضار عربة يجرها حمار ووضع عليها كمية كبيرة من النبيذ ولم يربط الحمار جيداً وعندما وصل عند الجنود والسور المعلق عليه جثة أخيه فر الحمار الذي ترك العربة وظل يركض ، وقام قبل ذلك بثقب بعض القرب، فتدفق النبيذ منها، وعاد مره أخري و تصنع الأخ أنه كان يجري وراء الحمار وتظاهر بالضيق من ذلك فالتفت الحراس إليه وسارعوا بإحضار أباريق وتلقفوا فيها النبيذ السائل، وراح ينهرهم في غضب مصطنع، وأخيرا تظاهر بالغضب والأستياء ، فطيبوا خاطره وأجلسوه معهم وتشاركوا الشراب مرارا وظل بجانب الحراس وهم يشربون النبيذ ويتظاهر بانه يشرب مثلهم حتى ثملوا جميعاً وغلبهم النوم، وعندما تأكد من نومهم قام بفك جثة أخيه ودفنها كما طلبت منه أمه .
وعندما علم الملك بأمر أختفاء الجثة ازداد غضبه وغيظه من المحولات الفاشلة وظل يفكر في حيله اكثر ذكاء من اللص وعندما توصل للحيله في اليوم التالي واكتشاف خدعة جديدة ، وذلك
بأن يطلب من ابنته أن تعلن بأنها ستهب نفسها لأي شخص كزوجة بشرط أن يقص عليها أنكر وأمكر الأفعال التي فعلها في حياته، فإذا أخبرها بقصة الخزانة والجثة فلتقبض عليه بسرعة، استجابت الابنة لطلب والدها وأمرت الجنود بإذاعة الخبر في المدينة أنها سوف تتزوج أذكى شخص في المملكة بشرط أن يخبرها بأنكر وأمكر أفعاله على الإطلاق، فهم اللص قصد الملك، وقرر أن يلقنه درسا قاسيا هذه المرة يرد الحيلة بحيلة أكبر منها و يثبت له أنه قادر على الدخول إلى غرفة ابنته والاعتراف لها بفعلته دون أن يستطيع أحد القبض عليه، وقبل ذهابه إلى الأميرة قطع ذراع أخيه المتوفى وحملها معه في جوال و أخبر ابنته واعترف أمامها بانه هو السارق في الظلام وما أن انتهى من اعترافه حتى فر واختفى، ظلت الابنة تنادي على الحراس وهي ممسكة بيد جثة أخيه ظناً منها أنها يد السارق ، وعندما دخل الحراس وأضاءوا الغرفة ووجدوها ممسكة بيد جثة ولا يوجد معها أحد صعقه الحراس وصعقة الاميرة من خدعة اللص .
وعندما علم الملك بخدعة اللص وبما فعل ، أعجب أعجاباً شديداً بذكاء اللص الخارق وجعل الحرس يعلنون في جميع طرقات المدينة ان الملك عفا عن اللص وأعجب بذكائه الشديد وأنه يعده بالزواج من ابنته، ذهب اللص إلى الملك وأظهر شخصيته له، وتم الزواج بالفعل وأصبح اللص زوجاً لابنة الملك .. وعينه كبيرا لمستشاريه ليستفيد من ذكائه، بعد أن أدرك أنه أذكى المصريين على الإطلاق .