يناقش مجلس الشيوخ تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الزراعة والري ومكتب لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار عن الدراسة المقدمة من النائب محمد السباعي بشأن " زراعة القطن المصري ... التحديات والمحفزات لتحسين المناخ الاستثماري ".
ترجع أهمية هذه الدراسة عن القطن المصري الخام لكونه من أجود خامات الأقطان في العالم، حيث إن القطن المصري منافس قوي يفوق الأقطان العالمية في الجودة لما يتميز به من صفات جودة طبيعية وتكنولوجية وغزلية متفوقاً على باقي الأقطان العالمية المثيلة له في فئة الطول، وذلك نتيجة جهود جميع القطاعات القائمة عليه من قطاعات بحثية وزراعية وإنتاجية وتسويقية وتصنيعية.
كذلك، تبرز أهمية هذه الدراسة نظراً للأهمية الاقتصادية للقطن المصري وأثره على الاقتصاد القومي، وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية لمحصول القطن لكونه المادة الخام في صناعة النسيج والعديد من الصناعات التكاملية الأخرى القائمة على صناعة النسيج، ولمساهمته في الصناعات الأخرى القائمة على بذرة القطن مثل صناعة الزيوت والصابون إلا أن زراعة القطن في مصر تواجه العديد من التحديات مثل تغيرات وتقلبات الأسعار المزرعية المحصول القطن المصري، وهي التي تعتبر أحد المتغيرات الاقتصادية الهامة المؤثرة في اتخاذ القرارات الإنتاجية للمزارعين من خلال استجابتهم لأسعار القطن أو لأسعار المحاصيل المنافسة له في نفس الموسم، بالإضافة إلى بعض المتغيرات الاقتصادية الأخرى مثل تكاليف الإنتاج وصافي العائد الفداني التي بناءً عليها تتحدد المساحات المزروعة ، وبالتالي تتحدد الكميات المنتجة من القطن.
تهدف هذه الدراسة إلى تحديد المعوقات والتحديات التي تتعرض لها زراعة القطن المصري بدقة وعناية سواء داخلياً أو خارجياً، الأمر الذي أثر على المكانة والسمعة التي يتمتع بها القطن المصري في الأسواق العالمية مما أدى إلى تراجع صادراته أمام الأقطان الأخرى الأقل في الجودة والطول والنعومة إلخ.
كما تهدف الدراسة إلى عرض اقتراحات بشأن بعض الحلول والتوصيات التي قد تسهم في إزالة المعوقات والتحديات التي تجابه زراعة القطن الشعر وتصديره وخفض تكاليف إنتاجه وزيادة إنتاجية الفدان الواحد منه.
يُعد القطن المصري أحد أهم أنواع القطن المتعارف عليها، وهو ينتمي إلى الفصيلة الخبازية، وأشتهر بزراعته في مصر منذ العصور القديمة، وعُرف واستخدم على شكل خاص في القرن التاسع عشر عندما تم تطوير نوع منه يحتوي على ألياف طويلة، يُطلق عليه أسماء أخرى وهي :قطن جزيرة البحر ، وقطن البيما، والقطن الطويل.
ويُمثل القطن المصري المصدر الرئيسي للدخل النقدي لأكثر من نصف مليون أسرة وفقاً للعديد من الدراسات التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، كما يمنح القطن المصري على الدوام المزارعين ميزة نسبية تفوق باقي المحاصيل الحقلية، حيث إنه يُمثل أحد المحاصيل
التصنيعية التصديرية الهامة. وتمثل زراعة القطن شأنا بالغ الأهمية بالنسبة لمصر، وأحد شواغلها الرئيسية حالياً من جانب مؤسسات الدولة، ومن مختلف المواطنين المصريين بمختلف شرائحهم .
و حول التحديات والمعوقات التي تواجه زراعة القطن في مصر: أشارت دراسة صادرة عن الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن بعنوان " مشكلات إنتاج القطن حتى عام ۲۰۲٥ إلى وجود العديد من العوامل التي تؤدي إلى زيادة الطلب على ألياف القطن مثل زيادة التعداد السكاني، والطلب على الألياف الطبيعية، وتحسين مستوى المعيشة كذلك محدودية عدد الدول المنتجة للقطن في العالم، حيث يرتكز ۸۰% من الإنتاج العالمي للقطن في الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند وباكستان وأوزباكستان والبرازيل وتركيا، وبالرغم من زيادة المساحة المزروعة بنسبة 10% في عام ٢٠٠٥ /۲۰۰٤ بالمقارنة بعام ١٩٦٠م، فقد زادت الإنتاجية بنسبة %۲۲۷ وكمية الإنتاج بنسبة %٢٥٧ والاستهلاك بنسبة ٢٢٨% ، وهذه الزيادة ترجع للأصناف عالية الإنتاجية والتحسينات والتقنيات في الزراعة.
و قال ومع ذلك فإن القطن خلال الخمسة عشر عاماً القادمة معرض للتراجع والتناقص بسبب المشكلات التي سوف تتعرض لها زراعة القطن والتي تتلخص في عدة أنماط للمشكلات لعل أهمها المشكلات المرتبطة بالإنتاج مثل تقنيات الإنتاج، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والتوحيد القياسي وبعض المشكلات المرتبطة بالقياسات، فضلاً عن المشكلات المرتبطة بالتسويق، بالإضافة إلى المشكلات المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وأرجع التقرير أسباب تناقص المساحات المزروعة بالقطن محليا:
نقص العائد المالي لفدان محصول القطن بالمقارنة مع المحاصيل الزراعية البديلة، الأمر الذي أدى إلى التحول إلى المحاصيل ذات العائد الأعلى، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج القطن إلى جانب انخفاض أسعار شرائه من المزارعين.
تحديد أسعار الضمان لمحصول القطن في مصر وفقاً للأسعار العالمية فقط دون الأخذ في الاعتبار تكاليف إنتاج المحصول والعائد من المحاصيل المنافسة.
صدور قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل بالقانون رقم (۲۱۰) لسنة ١٩٩٤ والذي يرى البعض أن من بين أسباب تدهور مساحة وإنتاجية القطن؛ مما تسبب في التوسع في استيراد الأقطان على حساب القطن المصري.
و ذكرت الدراسات " فقد القطن المصري أسواقه الأساسية بسبب انتقال صناعة الغزل والنسيج من أوروبا إلى بعض الدول بجنوب شرق آسيا، وهي بالأساس منتجة للقطن.
عدم قدرة اتحاد مصدري الأقطان من فتح أسواق جديدة أو المحافظة على الأسواق الحالية، ورفض القطاع الخاص أي تدخل للدولة لضبط الأسعار بحجة تحرير التجارة وتحسين الأسعار. معظم الدول المصدرة للأقطان تدعم منتجيها بمبالغ كبيرة لتشجيعهم على مواصلة الإنتاج، مما صعب على القطن المصري منافسة الأقطان المدعومة.
و اشار التقرير الى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج سواء المنتجة محلياً أو التي تستورد من الخارج كالتقاوي والأسمدة والمبيدات بأنواعها المختلفة.
وأضاف للتحديات إلى أن عدم مساندة منتجي القطن المصري، مما أدى بصورة غير مباشرة إلى الإضرار بالفلاحين وتراجع زراعات القطن في مصر.
بجانب عدم توفير التمويل الكافي في كافة مراحل منظومة القطن، ومنها تمويل التوسع في تطبيق نتائج البرامج البحثية لإنتاج الأصناف الجديدة، وبرامج المحافظة على التقاوي الوراثية، فضلاً عن نقص التمويل اللازم لتسويق المحصول والتصنيع والتجارة المحلية والخارجية.و أشار التقرير لضعف دور الإرشاد الزراعي في تنفيذ الحملات الإرشادية التي تعمل على توعية المزارعين بمواصفات ومتطلبات كل صنف من القطن، واحتياج الإرشاد الزراعي للدعم الفني والمادي للقيام بالدور الإرشادي المؤثر في عملية زراعة وإنتاج القطن.
و لفت التقرير عدم وجود سياسة تسويقية واضحة وفعالة لمحصول القطن في ضوء عدم تفعيل الزراعة التعاقدية له وعدم وجود سياسة تسويقية واضحة ومحددة طويلة الأجل، وعدم وجود نظام سعري.
و تضمنت التوصيات
العمل على خفض التكاليف الإنتاجية، وبصفة خاصة تكاليف العمل المزرعي، وذلك بنشر استخدام الميكنة الزراعية في العمليات الزراعية، الأمر الذي يؤدي إلي زيادة صافي الدخل المزرعي.
خلق طلب محلي على القطن المصري، بهدف تعظيم القيمة المضافة، وخلق فرص عمل جديدة. العمل على توفير احتياجات ومستلزمات الإنتاج الزراعي اللازمة لزراعة القطن من الأسمدة والمبيدات والتقاوي - لأفضل الأصناف المطلوبة محلياً وعالمياً للقطن - بالكفاية والجودة لضمان خلوه من الشوائب والملوثات والحفاظ عليه.
و وضع خطة قومية لزراعة الأقطان قصيرة التيلة، والبحث عن مناشئ جديدة لاستيراد بذور هذه الأقطان لتلبية احتياجات الصناعة المحلية المتزايدة من هذه الأقطان التي يتم استيرادها والتي يعتمد عليها ما يزيد عن 95% من صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر مع اتخاذ التدابير اللازمة لمنع خلط أصنافه مع الأقطان المصرية، وأن يقتصر زراعته في منطقتي توشكي وشرق العوينات، مع إقامة محلج لحلج هذه الأقطان في منطقة الزراعة، ويتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية والري.
و ضرورة وضع نظام متكامل وواضح لدعم القطن أسوة بما هو معمول به في الدول المنافسة لمصر في القطن.
و تحديد جهات تسلم المحصول، وتحديد أسعار الشراء قبل زراعة المحصول؛ بهدف طمأنة نفوس الزارعين، وحثهم على الاستمرار في زراعة القطن.
و ضرورة اتباع سياسة إنتاجية وتصديرية مستقرة للقطن، تضمن المحافظة على الميزة النسبية التي يتمتع بها في الأسواق العالمية، والأخذ في الاعتبار أهمية معالجة الفروق السعرية بين الأسعار المحلية والأسعار العالمية للقطن ومستلزمات إنتاجه.
و ضرورة إيجاد نوع من الاستقرار السعري لمحصول القطن؛ الأمر الذي يؤدى بدوره إلى استقرار المساحات المزروعة والإنتاج الكلي من القطن المصري، وكذلك ضرورة توفير الرقابة على أسعار مستلزمات الإنتاج لضمان عدم ارتفاع تكاليف الإنتاج المحصول القطن الذي يؤدي إلى عزوف الزارعين عن زراعة القطن.
و وضع آلية لمواجهة أية ممارسات احتكارية في أسواق مستلزمات إنتاج القطن، لتحقيق الاستقرار في أسعارها وتوافرها بالأسواق.
و دراسة إعادة هيكلة زراعة القطن بحيث تتناسب مع طرق الجمع الآلي وهو ما يجري تنفيذه حالياً خاصةً في صعيد مصر مع التركيز على الأصناف قصيرة العمر للقطن حتى يمكن زراعته بالتبادل مع القمح، وذلك انطلاقاً من اهتمام الدولة ببناء سياسة زراعية متعلقة بزراعة القطن على أرض الواقع بما يتناسب مع أوضاع السوق، وبما يحقق مصلحة الزارع والمصنع.
و شملت التوصيات تفعيل دور الارشاد الزراعي، ومضاعفة الجهود التي تبذلها أجهزة الإرشاد الزراعي للنهوض بسياسة التكثيف الزراعي، وإجراء المزيد من توعية الزارعين بأهمية التكثيف الزراعي وتشكيل فريق إرشادي مدرب من يقوم بالإرشاد ونشر التوصيات الزراعية المعنية بالقطن وتنظيم حقول إرشادية مع المنتجين الأكفاء.
و إجراء المزيد من الدراسات بشأن سبل زيادة إنتاجية القطن، بالإضافة إلى وضع برنامج شامل لمقاومة الآفات للمساحات المزروعة بمحصول القطن.
و إعداد مجموعة من الدراسات الدقيقة لتكاليف زراعة القطن بالنسبة للأصناف التي يتم زراعتها في الوجه البحري والأصناف التي يتم زراعتها في الوجه القبلي كلاً على حده مع إيجاد الأسلوب الأمثل لجني محصول القطن حتى يمكن تقليل الفاقد.