قال د. شوقي علامي مفتي الجمهورية أن صيام يومي الإثنين والخميس على نية إن كان بقي من صيام القضاء شيء فيكون قضاء، وإلا فهو نفل -يقع عن القضاء إن كان في الذمة قضاء صيام واجب، وإن لم يكن ثمة صيام واجب فيقع هذا الصيام نفلا، ومع ذلك ينبغي ألا يكون ذلك عادة مطردة في جميع صيام هذين اليومين؛ بل لا بد من تحري الأيام التي وجب قضاؤها فيما مضى، بحيث يكون الصوم بنية جازمة إما للقضاء وإما للنفل؛ إبراء للذمة، وسدا لباب الشك والوسواس والتردد في العبادة.
[[system-code:ad:autoads]]هل يشترط النية وتعيينها في صيام الفرض والنفل
الأصل أنه يشترط في قضاء الواجب أو النذر أو الكفارة الجزم بالنية وتعيينها وتبييتها، بأن ينوي قبل الفجر أنه صائم غدا عن رمضان، ولا يشترط هذا في صوم النفل أو السنن الراتبة كيومي الإثنين والخميس، ولأن الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصل أيضا.
[[system-code:ad:autoads]]قال العلامة علاء الدين السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (1/ 349، ط. دار الكتب العلمية): [صوم الدين من القضاء والنذور المطلقة والكفارات إذا نوى خارج رمضان مطلقا ولم ينو صوم القضاء أو الكفارة فإنه لا يقع عنه؛ لأن خارج رمضان متعين للنفل عند بعض مشايخنا، وعند بعضهم هو وقت الصيامات كلها على الإبهام، وإنما يتعين بالتعيين؛ فكانت نية الوصف لتعيين الوقت لا لتصير عبادة] اه.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 85، ط. دار الكتب العلمية): [ولو نوى بصومه قضاء رمضان والتطوع كان عن القضاء في قول أبي يوسف. وقال محمد: يكون عن التطوع، وجه قوله: أنه عين الوقت لجهتين مختلفتين متنافيتين فسقطتا للتعارض، وبقي أصل النية وهو نية الصوم، فيكون عن التطوع. ولأبي يوسف: أن نية التعيين في التطوع لغو فلغت، وبقي أصل النية فصار كأنه نوى قضاء رمضان والصوم، ولو كان كذلك يقع عن القضاء].
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 297، ط. دار الفكر): [ولو كان عليه قضاء فقال: أصوم غدا عن القضاء أو تطوعا، لم يجزئه عن القضاء بلا خلاف؛ لأنه لم يجزم به، ويصح نفلا إذا كان في غير رمضان، هذا مذهبنا] .
حكم صيام الإثنين والخميس بنية القضاء والنافلة
قال مفتي الجمهورية أنه إذا صام من لم يجزم بما عليه من قضاء صيام واجب وتردد في نيته بين صرفها لقضاء الصوم الواجب أو أداء النفل أو السنة الراتبة ليومي الإثنين والخميس، فإن صيام هذا اليوم ينصرف إلى النفل عند جمهور فقهاء الحنفية والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وذلك لعدم الجزم بالنية، فتبقى نية الصوم، فتنصرف النية للأقل رتبة، وهو النفل.
بينما ينصرف ذلك إلى القضاء الواجب عند القاضي أبي يوسف من الحنفية؛ لأن التطوع عنده لا يلزمه نية لتعينه، فلما عين الصائم القضاء أجزأه عنه فقط، وإلا فلا يقع قضاء أو نفلا، وذلك لأن إبراء الذمة الحاصل بصرف النية لصوم القضاء أولى من بقائها مشغولة بهذا الصوم لو تم صرفها لغيره.
ووجه قول القاضي أبي يوسف أن "الترجيح لتعيين جهة القضاء، لأنه خلف عن صوم رمضان، وخلف الشيء يقوم مقامه كأنه هو، وصوم رمضان أقوى الصيامات حتى تندفع به نية سائر الصيامات، ولأنه بدل صوم وجب بإيجاب الله تعالى ابتداء، وصوم كفارة الظهار وجب بسبب وجد من جهة العبد، فكان القضاء أقوى فلا يزاحمه الأضعف" كما قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 85).
وحكي عند الحنابلة وجه بوقوع الصيام بالنية المترددة بين القضاء أو النفل عن أحدهما، قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (4/ 456-457، ط. مؤسسة الرسالة): [وإن نوى خارج رمضان قضاء ونفلا.. وقيل: عن أيهما يقع؟ فيه وجهان، وأوقعه أبو يوسف عن القضاء لتعيينه وتأكده، لاستقراره في الذمة، ووافق لو نوى قضاء وكفارة قتل أو كفارة قتل وظهار أنه يقع نفلا] اه.