ترأس مساء أمس، الأنبا توما حبيب، مطران إيبارشية سوهاج للأقباط الكاثوليك، صلوات درب الصليب بكنيسة العذراء سيدة الانتقال، بجرجا، بمشاركة الأب يوحنا زكريا، راعي الكنيسة، والأب بطرس طانيوس.
تأمل الأب المطران في درب الصليب وقال نحتاج في هذا الزمن المقدَّس أن نتوقَّف قليلاً أمام صليب ربّ المجد، لذلك اخترت عنوان التأمُّل " اللامبالاة أمام الصليب وسرّ الموت إنَّ فكرة الموت تنقذنا من وهم أن نصبح أسياد الزمن".
[[system-code:ad:autoads]]
وأضاف: عندما صُلِبَ المسيح، مرّت أمامه مواكب بشر كثيرين، اختلفوا في مواقفهم تجاهه، فمنهم المحبُّ ومنهم المبغض... منهم اللامبالي ومنهم ناكر الجميل، ومنهم التائب، ولا تزال مثل هذه المواكب تمرُّ أمام صليب المسيح.. فأين نحن مِن هذه المواكب؟ هل نُشابه الجنود؟ أم نحن مثل سمعان القيرواني الذي ساعده في حمل الصليب.. أمّ القديسة فرونيكا التي مسحت وجهه بالمنديل.. أم نكون مع التّلاميذ الذين هربوا.. ومنهم من أنكر، ومنهم من خان وباع... يا ترى مع أي موكب نسير؟.
موكب اللامبالين: يَذكرُ الإنجيل أنَّ اليهود كانوا يمرّون أمام الصليب ويهزّون رؤوسهم ويستهزئون به ويقولون: " خلَّص آخرين ولم يقدر أن يُخلَّص نفسه "... بشرٌ كثيرون مرّوا أمام الصليب ولم يكترثوا لهذا الحدث، ولم يعبأوا بمنظر يسوع وهو يتألم ويتعذَّب.
كما يذكر الإنجيل أيضًا أنَّ الجنود الرومان قادوا يسوع إلى الجلجلة، وصلبوه، وحرسوه... الجنود الرومان كانوا غير مبالين بهذا الحادث. كانوا يلعبون ويقترعون على ثيابه... وحده قائد المائة هو الذي تأثَّر وصرخ: ،" هذا المصلوب هو ابن الله".
كُلّفوا بهذا الأمر، فقاموا به أحسن قيام فأدُّوا واجبهم على أتمّ وجه كموظفين أمناء، يا ترى ماذا كان شعورهم لدى هذا المشهد المؤلم؟... لا شيء.
كانت مأساة الصَّليب تجري أمام أعين الجميع، ومع ذلك لم تُحدِث في نفوسهم ارتجاجاً وشعوراً بالشَّفقة، ولم تكن حافزاً لهم للتأثُّر والرّجوع إلى الله لإصلاح ذواتهم.
الغريب أنَّ الطبيعة تأثَّرت بحدث الصلب أكثر من تأثُّر الناس: " وأظلمت الشمس وانشقَّ حجاب الهيكل من وسطه، ونادى يسوع بصوت عظيم، وقال: يا أبتاه في يديك أستودع روحي، ولما قال هذا أسلم الروح".
مرض المسيحيين الأوَّل هو اللامبالاة. اسمحوا لي أن أقول بأنَّنا كلَّنا عرضة لأن نُصاب بهذا المرض فهو ليس حكراً على المؤمنين أو على فئة معينة دون سواها... تتوالى الأعياد ويمرُّ أسبوع الآلام وقد لا يُحدثان في قلوب الكثير من المسيحيين أو حتى في قلب كُلِّ واحدٍ منَّا ارتداداً وتوبة وسعياً إلى لقاء مع الله لأنَّ لامبالاتنا تقف حاجزاً منيعاً أمام عيشنا حدث الصليب للوصول من خلاله إلى فرح القيامة مع يسوع، كما توجَّه الأنبا توما بالشكر للأب يوحنا زكريا لدعوته لكي نتأمَّل سويَّاً في زمن الصوم.