هل هناك من يرى ليلة القدر ؟ لعله أحد أسرار هذه الليلة المباركة التي لا يمكن لعاقل التفريط فيها أو خسارتها بأي حال من الأحوال، حيث إن ليلة القدر هي خير من ألف شهر ، إلا أن كثيرون يبحثون عن حقيقة هل هناك من يرى ليلة القدر ؟، لعلهم من خلالها يدركون مصيرهم من الفوز أو خسارة بركات هذه الليلة المباركة، وقد رٌُفعت معرفتها عن الخلق، فقد علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعد ليلة القدر من سيدنا جبريل -عليه السلام- وبسبب الشجار، والمخاصمة، والتنازع بين أحد الأصحابة، رفعت معرفةُ ليلة القدر.
وروي عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ - رضي الله عنه -: «أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالتَمِسُوهَا فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِ وَالخَمْسِ»، ولم يتركنا النبي -صلى الله عليه وسلم حائرين في هذه الليالي الوترية الخمس وإنما أخبرنا عنعلاماتليلة القدر لتكون دليلنا عند تحريها ومن ثم إدراكها، إلا أنه يظل السؤال عن هل هناك من يرى ليلة القدر مطروحًا وبقوة عن تلك العلامات وهل يمكن رؤيتها بالعين أم لا؟.
هل هناك من يرى ليلة القدر
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه ورد عن السلف الصالح، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أرشدنا إلى أنه يمكن معرفة ليلة القدر والعلم بها.
، وأوضح «جمعة » في إجابته عن سؤال : ( هل هناك من يرى ليلة القدر ؟) ، أن أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، منوهًا بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا من هذا الحديث الشريف أن ليلة القدر قابلة للعلم بها، مشيرًا إلى أن أهل الله سبحانه وتعالى يرون ليلة القدر في المنام بعلامات معينة عند الذكر بإلهام ملكي أو رباني من الله سبحانه وتعالى بالتوفيق.
وتابع: «الإنسان المؤمن التقي الذاكر لله سبحانه وتعالى يعلم ليلة القدر بالشعور والعلامات أو يخبرهم أحد بها، منبهًا إلى أن ليلة القدر ليست مخفية خفاء عامًا بل إنها مخفية خفاء نسبيًا ويستطيع الناس أن يصلوا إليها، وعلى الإنسان الذي يعرف ويدرك ليلة القدر فعليه أن يقول :«اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
وقالت دار الإفتاء المصرية ، إن ليلة القدر ليست كما يتصور البعض، ولكن المقصود هو الاجتهاد في العبادة والاستزادة من عمل الخير من صلاة واستغفار وقراءة للقرآن وطلب الرحمة من الله؛ لأنه يقبل في هذه الليلة ما لا يقبله في غيرها.
وأوضحت “ الإفتاء”، أن الله أخفى رضاه في طاعته؛ ليستزيد أصحاب الطاعات في أعمالهم، وأخفى غضبه في معصيته؛ لينزجر أصحاب السيئات عن أعمالهم، ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يُخفي أعمار الناس وآجالهم فلم يحددها؛ ليجد الإنسان في طاعة ربه، فينال رضاه، قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34].
وأضافت : كما أخفى الساعة في الزمن، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187]، كما أخفى الله ليلة القدر في رمضان لِيَجِدَّ الصائم في طلبها، وخاصة في العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد، ويشد مئزره، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أملًا في أن توافقه ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 3 - 5]، فتكون حظه من الدنيا وينال رضا الله في دنياه وفي آخرته؛ لذلك أخفى الله ليلة القدر في أيام شهر رمضان حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل في رمضان.
وتابعت : وأما علامات ليلة القدر: فقد ذكر الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 137، ط. دار الكتب المصرية) لسورة القدر قوله: [الثانية: في علاماتها: منها أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر: «إِنَّ مِنْ أَمَارَاتِهَا: أَنَّهَا لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ». وقال عبيد بن عمير: كنت ليلة السابع والعشرين في البحر، فأخذت من مائِه، فوجدته عذبًا سلسًا] اهـ.
وأفادت بأن من علامات ليلة القدر ، التي يمكن رؤيتها بالعين و يتم من خلال تحري هذه العلامات لتبين ما إذا كانت ليلة القدر وقعت في أي ليلة من الليالي الوترية، وهي:
1. قوة الإضاءة في تلك الليلة وهذه العلامة قد لا يشعر بها أهل المدن لكثرة المصابيح بالشوارع.
2. لا ينزل فيها النيازك والشهب.
3. الرياح تكون ساكنة في ليلة القدر.
4. قد تراها في المنام كما حدث مع بعض السلف الصالح.
5. الشمس تطلع صبيحتها حمراء ضعيفة ليس لها شعاع صافية، كما القمر البدر.
من يرى ليلة القدر
وورد عن مسألة هل ترى ليلة القدر عيانا أي أنها ترى بالعين البشرية المجردة أو تكشف لبعض الناس؟ حيث أن البعض يقول: إن الإنسان إذا استطاع رؤية ليلة القدر يرى نورا في السماء ونحو هذا، وكيف رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟ وكيف يعرف المرء أنه قد رأى ليلة القدر؟ وهل ينال الإنسان ثوابها وأجرها وإن كانت في تلك الليلة التي لم يستطع أن يراها فيها؟.
وقال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله : قد ترى ليلة القدر بالعين لمن وفقه الله سبحانه وذلك برؤية أماراتها، وكان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون عليها بعلامات ولكن عدم رؤيتها لا يمنع حصول فضلها لمن قامها إيمانا واحتسابا، فالمسلم ينبغي له أن يجتهد في تحريها في العشر الأواخر من رمضان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم طلبا للأجر والثواب فإذا صادف قيامه إيمانا واحتسابا هذه الليلة نال أجرها وإن لم يعلمها قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وفي رواية أخرى: «من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر».
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن من علاماتها طلوع الشمس صبيحتها لا شعاع لها، وكان أبي بن كعب يقسم على أنها ليلة سبع وعشرين ويستدل بهذه العلامة، لذلك فإن ليلة سبع وعشرين أوكد الأوتار في ذلك، ومن اجتهد في العشر كلها في الصلاة والقرآن والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير أدرك ليلة القدر بلا شك وفاز بما وعد الله به من قامها إذا فعل ذلك إيمانا واحتسابا.
هل تأتي ليلة القدر في المنام
ورد عن السلف الصالح، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أرشدنا إلى أنه يمكن معرفة ليلة القدر والعلم بها، حيث إن أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
ويعلمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا الحديث الشريف أن ليلة القدر قابلة للعلم بها، مشيرًا إلى أن أهل الله سبحانه وتعالى يرون ليلة القدر في المنام بعلامات معينة عند الذكر بإلهام ملكي أو رباني من الله سبحانه وتعالى بالتوفيق، «الإنسان المؤمن التقي الذاكر لله سبحانه وتعالى يعلم ليلة القدر بالشعور والعلامات أو يخبرهم أحد بها، فليلة القدر ليست مخفية خفاء عامًا بل إنها مخفية خفاء نسبيًا ويستطيع الناس أن يصلوا إليها، وعلى الإنسان الذي يعرف ويدرك ليلة القدر فعليه أن يقول :«اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
ليلة القدر 2024 وعلاماتها
وردت أحاديث تكشف علامات ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ومع دخول العشر الأواخر لم يتبق من رمضان الكريم سوى أيام قليلة فلنحرص على إحياء ليلة القدر لننل عظيم فضلها الذي ورد في آيات الكتاب وأحاديث السُنة النبوية الشريفة.
ورغم أن ليلة القدر مخفية في أيام الوتر بالعشر أو السبع الأواخر من رمضان، لما روى البخاري من حديث ابن عمر – رضى الله عنه – أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُرُوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السَّبْعِ الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السَّبْعِ الأواخر»، إلا أنه يوجد علامات لها، وقد أرشدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليها.
ورغم أنه اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر، فإن الذي عليه أكثر العلماء أنها ليلة سبع وعشرين، ومن رأوا أن ليلة القدر في سبع وعشرين رمضان استدلوا بحديث زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، يَقُولُ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، إِنَّ أَخَاكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ القَدْرِ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، «لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ»، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا المُنْذِرِ؟ قَالَ: «بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِالعَلَامَةِ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا».
قال أبا هريرة إن ليلة القدر في شهر رمضان دون سائر العام، والصحيح المشهور من الأقوال كما قال القرطبي رحمه الله تعالى إنها في العشر الأواخر من رمضان وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد، وذهب قوم آخرين إلى أنها ليلة الحادي والعشرين ومال إليه الشافعي، والصحيح أنها في العشر الأواخر دون تعيين والحكمة من إخفائها لكي يجتهد الناس في العبادة في العشر الأواخر كلها ، كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى.
علامات ليلة القدر
وهناك سبع علامات تميز ليلة القدر، يمكن من خلالها معرفة ليلة القدر بها، حيث إن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان، لما ثبت عن عائشةَ -رضِيَ اللهُ عنها- قالتْ: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- يُجاوِر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ، ويقول: «تَحرُّوا ليلةَ القَدْر في الوتر من العَشْر الأواخِر من رمضانَ»، رواه البخارى.
وجاء من علامات ليلة القدر ، أولها أن يحدث للإنسان سكون في النفس، وثانيها يشعر الشخص بإقبال على الله عز وجل، وثالثًا تكون السماء صافية، ورابعًا اعتدال حرارة الرياح، وخامسًا أنه لا ينزل فيها النيازك والشهب، وسادسًا أن يوفق الشخص فيها بدعاء لم يقله من قبل، وسابعًا في الصباح نجد الشمس لا شعاع لها وظلها خفيف.