قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن ليلةُ القدْر هي الليلة الَّتِي مَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، ففيها أنزل القرآن، وفيها تكتب الأرزاقُ والأقدارُ، والآجال، منْ لدُنِ الملكِ المُتعال، وتَتَنَزَّلُ فِيهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَ فِي الأَرْضِ مِنْ عَدَدِ الحَصَى .

[[system-code:ad:autoads]]

متى ليلة القدر

واستشهد " السديس" خلال خطبة آخر جمعة من رمضان اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، بما قال الله تعالى : [وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ].

ونبه إلى أن َأَرْجَحُ الأَقْوَالِ في وقْتِ ليلة القدر أَنَّهَا فِي الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَأَنَّهَا تَنْتَقِلُ، وَأَرْجَى أَوْتَارِ العَشْرِ عِنْدَ الجَمْهُورِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رحمه الله.

وتابع: غَيْرَ أَنَّ القَوْلَ بِتَنَقُّلِهَا بَيْنَ لَيَالِي أَوْتَارِ العَشْرِ هوَ القَوْلُ الرَّاجِحُ إن شاء الله، جَمْعًا بَيْنَ الأَخْبَارِ، لذا َيَنْبَغِي عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي هَذِهِ العَشْرِ كُلِّهَا، قَالَ أَهْلُ العِلْمِ: وَإِنَّمَا أَخْفَى اللَّهُ مَوْعِدَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ؛ لِيَجْتَهِدَ العِبَادُ فِي العِبَادَة.

وأضاف: وَكَيْلاَ يَتَّكِلُوا عَلَى فَضْلِهَا وَيُقَصِّرُوا فِي غَيْرِهَا، فَأَرَادَ مِنْهُمْ الجِدَّ فِي العَمَلِ أَبَدًا، لَيْلَةٌ تَجْرِي فِيهَا أَقْلاَمُ القَضَاءِ، بِإِسْعَادِ السُّعَدَاءِ، وَشَقَاءِ الأَشْقِيَاءِ:﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان:4].

ليلة 27 من رمضان

وشدد ، قائلاً: فَتَحَرَّوْهَا عِبَادَ اللَّهِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَتين الباقِيَتَيْن مِنَ الأوتارِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْكُمْ بِقيامهَا إيمانًا واحتِسابًا، فيَغْفِرُ لكم ما تقدّم من ذنوبِكم، ويُعْتِقَكُمْ مِنَ النَّارِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

ودلل بما َقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنْها، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ:[قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي]، أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، فشهر رمضان شهرٌ تَنـزَّلُ أملاك السّماء به إلى صَبِيـحتِه لم تُثْنِهَا العِلَلُ.

وأكد أن لَيْلة القدْرِ خيرٌ لو ظَفِرْتَ بها مِن ألفِ شهرٍ وأجْرٌ مالَهُ مَثَلُ الدُّنيا كُلّها كلَمْحةِ برقٍ أوْ غَمْضةِ عَين، فكيف بأيَّامٍ وليالٍ معدودات !، وكيْفَ بالثُّلُثِ الأخيرِ منْها وما بقيَ منْه !، فالوقْتُ قصيرٌ لا يحْتملُ التقْصير، وهذِه الأيَّامُ السَّعيداتُ والَّليالي المباركاتُ، قدْ ذَهَبَ جُلُّها وأسْناها، وبقيَ خَاتِمَتُها وأَرْجَاها، فاتَ مُعْظمُها، وبقيَ أعْظَمُها.