شهدت مدينة دمنهور وتحديدًا مسجد الحبشي وفاة مؤذن مصري شهير، وذلك مثلما شهدت كافة لحظات حياته من قبل. كان ذلك في فجر الأمس عندما كان يمشي خطواته الأخيرة تجاه المنبر لرفع الآذان.
"ارفع المياه وإنوي الصيام" بهذه الكلمات رغب "عم طه صنيدق" إعلان دخول وقت الإمساك للمصلين لكنه لم يكن يعرف أنها الكلمات الأخيرة التي ستنتهي حياته عليها داخل المسجد الذي كان يؤذن فيه طوال مسيرته.
وفاة باتجاه المنبر
أثناء سيره تجاه المنبر، سقط "عم طه"- كما يطلقون عليه – مغشيًا عليه ثم اكتشف المصلون بعد ذلك أنه فارق الحياة بعد أن نوى الصيام وطلب من المصلين القيام بنفس الأمر.
رحل المؤذن عن عالمنا بعمر 74 عام بعدما كان يؤذن في مسجد الحبشي منذ 50 عامًا ليلقى بذلك نفس مصير شقيقه الأكبر "عم إسماعيل" في ذات المسجد لكن الأول توفي قبل أذان الفجر بلحظات؛ أما الثاني توفي قبله بعدة سنوات بعد أن قام بتنظيفه وتهيئته لدخول صلاة الجمعة.
اعتبر الأهالي وفاة "عم طه صنيدق" تعبيرًا عن حسن الخاتمة حيث قال أحدهم أنه عاش مؤذنا في المسجد ومات مؤذنه فيه أيضًا داعيًا بالرحمة له ولشقيقه الأكبر.
حسن السيرة ومسجد أثري
احتشد المئات لأداء صلاة الجنازة على المؤذن وسط حالة شديدة من الحزن وعلق الشيخرمضان عبدالحفيظالذي كان يؤم المصلين في جنازة "عم طه" على وفاة الأخير قائلًا "من مات على شيئًا بُعِث عليه".
شهد أهالي مدينة دمنهور بحسن معاملة الشيخ حيث أكد أحدهم أنه كان يوزع الحلوى بعد كل صلاة جمعة، كما كانت تربطه علاقات صداقة "جميلة" مع الأهالي.
وتعتبر طريقة الوفاة هذه التي تعبر عن حسن الخاتمة لم تكن الأولى من نوعها حيث شهد مسجد فلسطين في قطاع غزة بشهر أغسطس من العام الماضي واقعة مشابهة بعدم أذن الشيخ أبو الهيثم السويركي الأذان الأول لصلاة الفجر ثم صلى قيام الليل وبدأ في تلاوة القرآن منتظرًا إقامة الصلاة إلا أنه فارق الحياة أثناء القراءة.
ويًعد مسجد الحبشي في قبل المدينة القديمة بدمنهور في محافظة البحيرة مسجدًا أثريًا حيث وضع الملك فؤاد الأول حجر الأساس له عام 1920م واعتمدته وزارة الأثار كمسجد أثري عام 2017 بفضل عراقته وتاريخه الذي امتد لما يزيد عن 100 عام.
كما أنه يصنف من أروع المساجد فخامة بدمنهور نظرًا لتصميمه المعماري الذي يجمع كل فنون العمارة المملوكية. وقام ببنائه الأمير عبدالرحمن الحبشي واتخذ من حمام الحبشي وقفًا له.