صمم الدكتور إبراهيم دسوقي عبدالموجود، المدرس المساعد بقسم التربية الفنية، بكلية التربية النوعية بجامعة جنوب الوادي بقنا، عددا من الأشكال المتنوعة كشعار جديد للهُوية البصرية لمحافظة قنا، وذلك كمبادرة تطوعية منه، بعد موجة الانتقادات التي طالت الشعار المطروح من قبل محافظة قنا، معلناً عرض التصميمات الجديدة خلال اللقاء الموسع المزمع عقده بديوان عام المحافظة الأسبوع المقبل.
وتأتي مبادرة الدكتور إبراهيم دسوقي، المدرس المساعد بقسم التربية الفنية، بكلية التربية النوعية بقنا، وابن قرية الخطارة بمركز نقادة، كونه متخصصاً في هذا المجال، ونال درجة الماجستير عام ٢٠٢٠ عن رسالته المعنونة: "الهُوية البصرية لمحافظة قنا كمدخل لاستلهام نوافير خزفية معاصرة"، والتي أشرف عليها الدكتور محمد سعيد عبدالله، نائب رئيس الجامعة الحالي لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والقائم بأعمال عميد كلية التربية النوعية بقنا، والدكتورة رشا فوزي أحمد، مدري الخزف بقسم التربية الفنية بكلية التربية النوعية بجامعة جنوب الوادي بقنا، كما أعد دراسة أخرى في ٢٠٢٣ بالاشتراك مع الدكتورة رشا فوزي أحمد، بعنوان: دراسة تطبيقية لتصميم وتنفيذ نافورة خزفية معاصرة قائمة على التوليف في ضوء الهوية البصرية لمحافظة قنا- المجلة العلمية لعلوم التربية النوعية.
تصميم 5 شعارات جديدة
الشعار الجديد للهُوية البصرية لمحافظة قنا الذي أعده الدكتور إبراهيم دسوقي عبدالموجود، يحمل دلالات ورموز بشكل غاية في الجمال، ليلخص تاريخ وحضارة قنا، وأبرز الصناعات والحرف اليدوية التي تشتهر بها المحافظة، ولم يكتف بتنفيذ تصميم واحد، بل أعد 5 تصميمات متنوعة، لطرحها في اللقاء الجماهيري الذي أعلنت عنه محافظة قنا لمناقشة المقترحات والموافقة على تصميم واحد، وذلك بعد موجة من الانتقادات وجهها متخصصون ومواطنون للتصميم الذي أعلنت عنه المحافظة قبل أيام.
قال الدكتور إبراهيم دسوقى، رئيس لجنة الثقافة والفنون بحزب الشعب الجمهوري بمركز نقادة، إن التصميم المقترح لشعار الهُوية البصرية لمحافظة قنا، يحمل دلالات ورموز لها معانيها يفسرها كل حرف من كلمة "قنا"، حيث يرمز حرف الـ "ق" إلى الحضارة، ويمثل بوابة لمعبد دندرة أحد المعالم المصرية القديمة بمحافظة قنا، أما حرف الـ "ن" فيمثل التراث، حيث يمثل الفخار القنائي كأحد أهم الحرف التراثية بمحافظة قنا، وبداخله رمز المنجل الذي يرمز إلى واقعة "البارود" في 3 مارس 1799 وهي ذكرى انتصار شعب قنا على الفرنسيين في معركة نجع البارود، هذا التاريخ الذي أصبح عيدا قومية للمحافظة، بينما يرمز "الترس" الرابط بين حرف "النون" وحرف "الألف" إلى الصناعة، فالترس يمثل صناعة الألومونيوم والسكر كأبرز الصناعات التي تشتهر بها المحافظة، بينما يرمز حرف "الألف" إلى الصناعة، ويمثل قصب السكر أحد أهم المحاصيل الزراعية بالمحافظة.
وأوضح دسوقي، بأن التواصل البصري عبر العصور باختلاف أدواته وتقنياته المتنوعة وباختلاف الوسائط التي استخدمت للتواصل، يُعد أحد أهم أساليب التواصل، فالإنسان منذ أن خُلق يبحث ويسعى لإيجاد طرق وأساليب للتواصل مع من حوله، ونستطيع إدراك ذلك من خلال أشكال وأساليب التواصل بين الناس على مر التاريخ، ومن أهم هذه الأساليب هو الاتصال البصرى.
تواصل بصرى
وأضاف دسوقى، بأن أي شيء يتعلق بالهوية البصرية من المواضيع المثيرة للاهتمام في الاتصال البصرى، وسبب ذلك أن الرمز القوي والعلامة البصرية القوية تعني تواصل بصري فعال ومستمر ونجاح على المدى البعيد، كما تضمن ولاء المتلقي وتزايد اهتمامه بهذه العلامة البصرية وتذكره الدائم لها.
وتابع دسوقي، أنه قد يتبادر إلى الذهن أن بناء الهوية البصرية أحد مفاهيم التصميم والتسويق الحديثة، لكن لو بحثنا في المفهوم سنجد أنه قديم قدم الزمان، حيث أشار "ميجاس" Meggs إلى الهوية البصرية مرتين واحدة للأختام المنقوشة المستخدمة في حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر والأخرى للهوية البصرية في إطار الهوية والنظم الجماعية، وتُعرف الهوية البصرية بأنها "مزيج بين الرمز، والنظام المرئي المحرف ***، ألوان، أشكال" تتناغم للعمل معاً لتشكيل رسالة فريدة ومتماسكة لسمة أو شخص أو كائن أو فكرة.
أضاف دسوقى، بأن الهوية البصرية تعتمد في تحقيقها على بناء الصورة الذهنية التي يتم بناءها من خلال تحليل وابتكار مفهوم محدد لما يمكن أن ترتبط به العمليات الذهنية لدى المتلقي في محاولات لبناء صورة ذهنية تكون جزءاً من هوية تعريفية مميزة ويتم ذلك عبر مفردات لغة الشكل. ويعني الشكل طبيعة الشيء نفسه التي وجد عليها في مجال الإدراك البصري، حيث أن لجميع العناصر المرئية طبيعتها الخاصة بها والتي تتكون من خطوط ومساحات وكتل وغير ذلك، ولما للأشكال من أهمية قصوى في التصميم فهي تُعرف الأشياء وتوصل الفكرة بالإضافة إلى أنها تقوم بعملية الاتصال وتلفت الانتباه. وتمثيل الهوية البصرية قد يكون بقصد استاطيقي"جمالى" أو قد يشير إلى عنصر أو عناصر ترمز إلى مفهوم معين، كما يمكن تحديد الهوية البصرية العامة من خلال تطبيق خامات وأنماط وزخارف وعلامات متجانسة، ومثل هذا التفسير للهوية البصرية هو ما يسمى بالهوية البصرية العامة.
الهوية البصرية نوعين
وأشار دسوقى، إلى أن الهوية البصرية العامة تنقسم إلى نوعين: مباشرة وغير مباشرة، النوع الأول يفي بالاحتياجات بقصد استاطيقي أو نحو الهوية، والثاني ينقسم إلى هوية بصرية طبيعية وهوية بصرية مصطنعة، مؤكداً أن محافظة قنا تجمع بين الأصالة والمعاصرة في منابعها التي تربط بين الحاضر والماضي فهي تقع على مفترق طرق الحضارات المصرية، وهناك العديد من الوجهات الهامة والملهمة في محافظة قنا والتي تتسم بمميزات فريدة يمكن استغلالها لتجسيد الصورة الكاملة لهوية محافظة قنا التاريخية والتراثية والثقافية، والتي لها دور فعال في تحسين القيمة الحضارية للمدينة.
وأوضح دسوقى، بأن الصورة البصرية للمدينة تنبع من العملية الطبيعية لتشكيل وهيكلة وإدراك المشهد الحضاري، كمظهر ملموس لطابعها وعناصرها الهيكلية، من المعالم، والأنشطة، والمهرجانات، والأحداث، والتراث والعمارة، وأن طبيعة الهوية البصرية لمحافظة قنا وكيفية تمثيلها يعتمد بشكل أساسي على السيميولوجيا البصرية لثقافة وتراث وفلكلور المحافظة، وعلى هذا الأساس فإن الحفاظ على الرموز والدلالات البصرية في شكل الهوية البصرية لمحافظة قنا يثري الهوية القنائية، وهنا تكمن محاولة اختزال هوية محافظة قنا بكل ما تحتويه من معالم وثقافة وتراث وفولكلور في تمثيل مرئي يخلق هوية بصرية محددة.
هجوم على التصميم المقترح
يذكر أن محافظة قنا، طرحت شعاراً جديداً للهُوية البصرية للمحافظة، قبل أيام، إلا أنه لاقى هجوما كبيرا من المتخصصين والمواطنين في محافظة قنا، وأصدرت المحافظة فيما بعد بيان رسمي، أفاد بأن الشعار المقترح يجرى إعداده من قبل لجنة متخصصة على أعلى مستوى في هذا الشأن بالتعاون مع أساتذة من جامعة جنوب الوادى، وأن الشكل المقترح كهُوية بصرية لمحافظة قنا مازال تحت الدراسة والتعديل ولم يتم الاستقرار عليه بشكل نهائي لحين تلقي كافة المقترحات والملاحظات المعروضة من الجهات المختصة في هذا الشأن، فضلا عن مقترحات المواطنين التي تؤخذ بعين الجدية والاعتبار.