كانت حدائق الحيوانات البشرية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، منتشرة في مناطق مختلفة من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وخلال سعيهم للربح وجمع الأموال، لم يتردد العديد من أصحاب هذه المشاريع الترفيهية في شراء أفراد بشريين من أصل أفريقي أو أشخاص يعانون من إعاقات بدنية، بهدف عرضهم أمام الجماهير.
[[system-code:ad:autoads]]
عانت جوليا بسترانا، شابة مكسيكية، خلال القرن التاسع عشر، من تعامل قاس ومهين بسبب تشوهها الفريد من نوعه. تم استغلالها كوسيلة ترفيهية حيث تم عرضها أمام الجماهير بغرض تحقيق الأرباح. وعلى الرغم من وفاتها، استمر معاناة هذه المرأة، حيث تم الاحتفاظ بجثتها بعد تحنيطها.
جوليا بسترانا وفرط نمو الشعر
ولدت جوليا بسترانا حوالي عام 1834 في إحدى المناطق الجبلية في غرب المكسيك. منذ ولادتها، كانت هذه الشابة المكسيكية تعاني من تشوه فريد من نوعه، حيث نما الشعر تقريبًا على جسدها بالكامل. ووفقًا للتقارير من تلك الفترة، كان طول جوليا بسترانا حوالي 135 سنتيمترًا عندما بلغت 20 عامًا، وكان وزنها لا يتجاوز 112 رطلًا. بالإضافة إلى ذلك، كان الشعر يغطي جسدها تقريبًا بالكامل، باستثناء كفي يديها وقدميها. كما كانت تمتلك فمًا كبيرًا وجبينًا بارزًا وحاجبين مقوسين وأنفًا عريضًا.
قضت جوليا بسترانا معظم طفولتها في دار للأيتام، وفي وقت لاحق عملت كخادمة في منزل أحد المسؤولين المحليين. في سن العشرين، قررت مغادرة منزل صاحبها للبحث عن فرصة حياة أفضل. وخلال رحلتها، التقت بالممثل الأمريكي ثيودور لينت، الذي عرض عليها فكرة تقديم عروض لكسب أرباح ضخمة.
حياة الشهرة والتعرض للاستغلال
وافقت جوليا بسترانا على اقتراح الرجل الأمريكي وبدأت حياة الشهرة بالنسبة لهاتم تسويق جوليا بسترانا بشكل كبير باعتبارها "المرأة الأفعى" أو "المرأة الغوريللا"، وعرضت في عروض السيرك والمعارض المتنقلة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. استُغلت ظروفها الجسدية الفريدة كوسيلة لجذب الجماهير وجني الأرباح، وكانت تُعرض للمشاهدة العامة وتتعرض للاستفزاز والاستهزاء.
في حين أن بعض الناس كانوا يرون فيها مجرد ترفيه، إلا أن العديد من النقاد والنشطاء أعربوا عن استيائهم واعتراضهم على استغلال جوليا بسترانا وإهانتها. وتمت محاكمة عدد من المنظمين والمسؤولين عن عروضها في بعض الأحيان، لكن هذه المحاكمات كانت نادرة ومحدودة في فترة تلك الزمنية.
ومع ذلك، بالنسبة لجوليا بسترانا، فإن حياتها كانت مليئة بالتعاسة والاستغلال. وبعد سنوات من السفر والعروض، توفيت جوليا بسترانا في عام 1860 في سن الرابعة والعشرين، وتم تحنيط جثتها.
رغم وفاتها، لم تتوقف معاناة جوليا بسترانا. قرر زوجها بيع جثتها للطبيب الروسي سوكولوف، الذي قام بتحنيطها وعرضها على الناس.
عندما علم ثيودور لينت، زوج جوليا، بنشاطات سوكولوف، طالب بإعادة جثتها المحنطة ليضعها في غرفة زجاجية ويعرضها على الناس في مختلف الدول. وخلال إحدى جولاته، اكتشف ثيودور امرأة أخرى تعاني من تشوه فرط نمو الشعر النادر، فقرر الزواج منها وأدعى أنها شقيقة جوليا بسترانا. في الوقت نفسه، قام ثيودور بإخفاء جثة زوجته السابقة.
تعرضت جثة جوليا بسترانا المحنطة للسرقة قبل أن تظهر مجددًا في أوسلو، النرويج، عام 1921. وفي عام 1976، تعرضت للسرقة مرة أخرى، وبعد ذلك عثرت عليها الشرطة النرويجية داخل القمامة. تم نقلها بعد ذلك إلى جامعة أوسلو حتى بداية الألفية الثالثة.
في عام 2005، قدمت الفنانة المكسيكية لاورا أندرسون برباتا عرضًا لاسترجاع جثة مواطنتها المحنطة، وأيضًا طالبت العديد من الجمعيات المكسيكية بعودة الجثة إلى بلدها.
أخيرًا، عادت جثة جوليا بسترانا إلى المكسيك في 12 فبراير 2013، بعد مرور أكثر من 150 سنة على وفاتها، وتم دفنها في مسقط رأسها.