في مطار إحدى الدول الخليجية وأثناء مغادرتي لهذه البلد فأجاني موظف بسؤالي عن إمكانية أن اشتري له زجاجتين مانجو من أحد محلات العصير الشهيرة بالمهندسين اذا كنت عائدا مره آخري، حدث هذا بعد أن أوصلني صديقي مواطن هذه الدولة الذي يلح علي شراء شقه في المهندسين أو في أي حي قريب منها، ولاتزال كلمات صديقي من إحدي دول المغرب العربي الذي يلومنا نحن المصريين بسبب انتقادنا المستمر للأوضاع المحلية في ذلك الوقت بينما لا نتحدث عن المميزات ويصر علي الحديث بإيجابيه عن بلده رغم الظروف الصعبة هناك ما جعلني أحب بلده فعلا ولا اطيق الانتظار لزيارتها اذا سمحت الظروف، ويضيف صديقي اننا يمكن ان نكون سفراء لبلدنا كما يفعل هو.
لا تزال هذه المواقف وغيرها تشكل جانبا من تفكيري ونظرتي للأمور، كيف يرانا جيراننا؟ هل نمتلك مقومات عظيمة فعلا؟ هل يريد العرب الاستثمار في مصر؟ لماذا لا نري مصر قبلة الاستثمار في المنطقة؟ وأسئلة اخري كثيره كلها تدور حول قوة السوق المصري وتنوعه واحتياجاته، لعل إتمام صفقة راس الحكمة في هذا الوقت الحرج هو ما اثار هذه الأسئلة، بل لعله جعل الكثير من الناس تتساءل، هل هذه الصفقة مساعده لمصر نظرا لدورها التاريخي وقيادتها في المنطقة فقط، ام انهم يعرفون كيفية تحويل ترابها الي ذهب، يعرفون قيمة مصر، وشعبها وحجم وامكانيات أسواقها وقدراتها الشرائية، يعرفون الموقع الاستثنائي والمناخ الرائع.
قد يبدوا للبعض أن الاستثمار الخارجي هو استغلال لمواردنا لصالح الغير وهو ما قد تغير في المرحلة الأخيرة بعد ان أيقن الجميع أهمية الاستثمارات الخارجية من تدفق للعملة الصعبة وتشغيل العمالة واضافة خبره ومجالات جديده للأسواق، قد يتذكر البعض تأثير دخول المطورون العقاريون الاماراتيين في ٢٠٠٦ من احداث تغيير في نوعية المنتج العقاري واضفاء روح المنافسة بأبعاد جديده للأسواق.
قد يكون تدفق الاستثمارات الخارجية طوقا لنجاة الاقتصاد لكني اري في القطاع الخاص المصري الأساس المتين والصلب لدعم قواعد الاقتصاد المصري عبر التاريخ، ان فتح المجال لعودة القطاع الخاص المصري ليس فقط لدعم الاقتصاد او توفير الخدمات والسلع، ولكنه يشكل تشجيعا وحافزا للاستثمارات الأجنبية للاطمئنان للمناخ الاقتصادي المصري، ان خروج المستمرين المصرين من الأسواق وظهور بعضهم في الفضائيات العربية لإبداء عدم رغبتهم في الاستثمار في مصر يشكل ضربة قاسمه لفرص الاستثمار في مصر ويشكل راي عام ضد الاستثمار في مصر.
فلندعو أولا المستثمرين المصريين، عقاريين وصناعيين، تجاريين وزراعيين، مصنعين زراعيين وأدوات منزلية وتكنولوجية، صناعات تكميليه وثقيلة، نفتح صفحات جديده نؤهل الفرص للاستفادة من البنيه الأساسية الغير مسبوقة التي تم تشييدها خلال السنوات الماضية وهو ما كان الهدف الأساسي من هذه المشروعات، فلنطرح المشروعات ونقدم حوافز الاستثمار لنخلق مناخ عام متفائل بمستقبل الاستثمار في مصر، لعل هذا المناخ يصبح هو الدعاية المناسبة لتحفيز الاستثمارات الخارجية، لن نحتاج الي إعلانات تدعو للاستثمار في مصر، سنصبح الطرف الأقوى في كل الصفقات، نحن نمتلك السوق والأرض والمناخ المهيأ للاستثمار.
لا داعي لدعوات التكاتف في الازمات ولا محاولات لاستجداء الاستثمارات، ان رأس المال لا يفهم هذه اللغة، بل يستوعب لغة المصالح والفرص، ان التوجه الإيجابي الحالي لفتح مجالات الاستثمار يحتاج الي المضاعفة والعمل مع متخصصين في كل المجالات ومن جميع انحاء العالم لوضع خطط وفتح فرص تشكل مناخ عام جاذب للاستثمارات المحلية أولا التي بدورها ستطمئن الاستثمارات العالمية وتزيد ثقتهم في الأسواق المصرية التي يتشوق الجميع لاقتحامها، هذا السوق الذي يساوي دول الخليج العربي مجتمعه كعدد سكان ويتفوق عليه في التنوع والطلب المتزايد كذلك فئات القوي الشرائية المختلفة التي تخلق سوقا قويا ومستدام.
هذا التوجه ليس خطة طويلة المدي ولا متوسطة المدى إنه ما نحتاجه الآن ليأتي ثماره سريعا فالحكومة نجحت في تخطي الأزمة النقدية الحالية، ولكننا لا نملك رفاهية ان نواجها مره اخري فالعمل علي تفادي هذه الازمة في المستقبل يبدئ الان بكل جرأه وقوة.