تحل اليوم ذكرى وصول الوالي العثماني "خورشيد باشا" إلى مصر ليحكمها، حيث أطاحت الثورة بالحاكم السابق وجاء خورشيد باشا ليفتح صفحة جديدة في تاريخ مصر. وقد وقع ذلك في 26 مارس 1804.
خورشيد باشا
ولد خورشيد باشا في القوقاز، وكان والده راهبًا مسيحيًا قبل أن ينضم إلى الإسلام. عمل خورشيد باشا في مناصب عليا في الدولة العثمانية وكان حارسًا شخصيًا للسلطان محمود الثاني قبل أن يتولى حكم مصر. بدأ خورشيد باشا حكمه كحاكم للإسكندرية بعد انسحاب الحملة الفرنسية من مصر في عام 1801.
وفقًا لمجلة "ذاكرة مصر" التي تصدر عن مكتبة الإسكندرية، بعد انسحاب الفرنسيين تجدد التنافس بين المماليك، خاصة بعد وفاة مراد بك في أبريل 1801. تنحصر المنافسة في ذلك الوقت بين "عثمان بك البرديسي" و"محمد بك الألفي". عمل العثمانيون على تعيين "محمد خسرو باشا" واليًا لمصر في يناير 1802، لكنه فشل في مهمته حيث نشبت صراعات بين قواته والمماليك، وقد شهدت ثورة قادها طاهر باشا من الألبانيين ضده. في 6 مايو 1803، اختار العلماء والمشايخ طاهر باشا ليكون حاكمًا، ولكنه لم يستمر طويلاً حيث تم اغتياله في مايو 1803 على يد الأنكشارية.
بعد ذلك، تولى "محمد علي" قيادة الحماية الألبانية في 1803، وكانت مصر في حالة من الفوضى. رأى محمد علي ضرورة التحالف مع "عثمان بك البرديسي" للتخلص من الحاكم العثماني الجديد "أحمد باشا" والزعيم المملوكي المنافس "محمد بك الألفي". وبفضل هذا التحالف، نجح محمد علي في طرد الوالي أحمد باشا بعد يوم واحد فقط من حكمه.
في مصر (1801–05) عُيِّن عمدة الإسكندرية بعد أن غادر الفرنسيون مصر عام 1801، وعُيِّن حاكمًا لمصر عام 1804 بناءً على طلب محمد علي، متحالفًا مع الممثل الدبلوماسي البريطاني، حاول خورشيد إخراج محمد علي وألبانه من مصر، وجلب الفرسان الخفيفين من سوريا العثمانية لموازنتهم. فاز محمد علي بالديليس إلى جانبه، وبدعم من مظاهرة للعلماء وزعماء النقابات في القاهرة، عين نفسه حاكمًا لمصر في مايو 1805. خورشيد، الذي تخلت عنه قواته، حاصر في قلعة القاهرة، ولم يتركها إلا بعد أن رأى الفرمان العثماني يستثمر محمد علي في منصب محافظ مصر.
كتب التاريخ المصري لم تتطرق لحياة خورشيد باشا بعد عزله، لكن المراجع التركية تكشف عن توليه منصب حاكم الروملي وهي الأراضي العثمانية الواقعة في أوروبا سنة 1808 م، وبعد ذلك بعام أرسلته تركيا إلى صربيا من أجل قمع الانتفاضة الصربية الأولى في 5 سبتمبر سنة 1812 م.
خلال فترة إقامته بصربيا تم تعيينه في منصب الوزير الأول، وسرعان ما تولى قيادة الجيش التركي وتمكن من صلاحيات منصبه في استرداد بلجراد سنة 1813 م، ثم تولى حكم البوسنك ونجح كذلك في مقاومة الثورة الصربية الثانية ضد العثمانيين، وبدأ نجم خورشيد باشا يزداد في سماء رجال السياسة العثمانيين، حتى تم تكليفه بمقاومة عساكر علي باشا والذي تمرد على الدولة العثمانية وتعاون مع اليونانيين.
خلال قيام خورشيد بمحاولة قمع الانتفاضة اليونانية، سقطت طرابلس في يد اليونانيين أنفسهم بخيانة علي باشا عدو خورشيد اللدود وفي نفس الوقت نجح في إفشال الاحتلال اليوناني لطرابلس وتمكن من إلقاء القبض على كل المتمردين التابعين لعلي باشا.
كان الثراء هو أحد الأسباب التي أدت إلى نهاية خورشيد، حيث تمت إدانته نتيجةً لإساءة استخدام المال العام وتم عزله من مناصبه ووضعه تحت الإقامة الجبرية في لاريسا اليونانية وقت أن كانت تابعة للدولة العثمانية، ورغم محاولات عودته السياسية لكن ظل اتهام العثمانيين له في ذمته المالية أمراً مزعجاً خاصةً بعد ثبوت الاتهام عليه مما جعله ينهي حياته بتناول السم في 30 نوفمبر 1822 م.