يبدو أن منطقتنا كتب عليها أن تعيش في تقلبات وصراعات دائمة، وكلما قررت التقاط أنفاسها وتجاوز أزماتها عادت الخلافات المدعومة من الخارج؛ لتطفوا على السطح مرة أخرى خاصة تلك التي تدعمها وتروح لها الولايات المتحدة الأمريكية سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن أو السودان ومن قبلهم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
[[system-code:ad:autoads]]
وكما ساهمت واشنطن في تأزم الأوضاع داخل كثير من الدول العربية وفي مقدمتها فلسطين المحتلة واليمن؛ لتنفيذ "أهدافها ودعم الدولة العبرية"، تعمل أيضا على أن يستمر الخلاف بين الأشقاء في ليبيا، التي "يطمح الجميع أن تعبر الفترة الحالية وتصل لفترة أكثر استقرارا وتناغما بين اللاعبين السياسيين كافة".
التدخل الأمريكي بليبيا
وعاد الخلاف من جديد بين الأطراف الليبية بسبب التدخل الخارجي السافر في الشأن الداخلي الليبي والذي يعمل بإستمرار على افتعال الخلافات بين القادة السياسيين والعسكريين في البلاد؛ بهدف تأجيج الصراع وخلق أزمة سياسية وعسكرية جديدة تضمن بقاء الساسة المواليين للدول الغرب في السلطة والدفع بقادة عسكريين جدد خلافاً للقادة الحاليين الرافضين لهذا التدخل الأجنبي.
وبعدما اتفق رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة في القاهرة على ضرورة تشكيل حكومة موحدة في البلاد للمضي قدماً نحو إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة يطمح الشعب الليبي في الوصول إليها منذ سقوط حكم الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، وضرورة إنهاء الانقسام العسكري القائم بين معسكري الشرق والغرب، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية سراً للدفع بقائد جديد للقوات المسلحة العربية الليبية.
وأصدر محمد المنفي قراراً في 14 مارس الجاري ينص على ضم قتلى وجرحى قوات الجيش الوطني الليبي إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين بحكومة الوحدة الوطنية، كخطوة أولى نحو توحيد المؤسسة العسكرية في البلاد، إلا أن الشارع الليبي في طرابلس وبتوجيهات من دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية رفض هذا القرار.
ورغم أن واشنطن أكدت علنا دعمها لمساءلة توحيد البلاد وإنهاء حالة الانقسام، إلا أنها في الخفاء ترفض تماماً فكرة تواجد المشير خلفية حفتر في المشهد السياسي والعسكري، وتعمل بشتى السبل لتشويه صورته أمام المجتمع الليبي على أنه أحد أسباب الانقسام، وعلنا تدعم تواجده في منصبه وأنه في حال توحيد المؤسسة العسكرية سيكون المشير قائداً لها.
أهداف أمريكية مسمومة
وعلى صعيدٍ أخر تعمل واشنطن بحسب مصادر ليبية متعددة على تجهيز قائد أخر لقيادة المؤسسة العسكرية في البلاد وهو قائد اللواء (444)، محمود حمزة، وهو ما تبين خلال زيارة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لمقر اللواء للإشراف على تدريب اللواء (444)، وهو ما يجعل محمود حمزة مرشح واشنطن لهذا المنصب.
ويرى بعض المحللين السياسيين في ليبيا، أن واشنطن لطالما كانت رافضة لتواجد المشير حفتر في المشهد السياسي أو العسكري الليبي، والدليل على ذلك تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص لدى ليبيا ريتشارد نورلاند وعدد من المسؤولين الأمريكيين المعادية للقائد الأعلى للجيش الوطني الليبي قبيل الإنتخابات الرئاسية والتي كان من المزمع أن تنعقد في 24 ديسمبر 2021.
وبعد أن تم الإتفاق في أبريل 2021 على أن تكون الانتخابات الرئاسية أواخر العام نفسه، قال المبعوث الأمريكي الخاص لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إن المشير حفتر هو أحد العقبات الرئيسية أمام توحيد المؤسسة العسكرية وإجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد.
واليوم ومع خطوات تشكيل حكومة موحدة في البلاد للمضي قدماً نحو إجراء انتخابات رئاسية، بدأت واشنطن تعيد السيناريو من جديد وتعمل عبر مؤسسات مدعومة من الخزانة الأمريكية للعمل على تشويه صورة الرجل الوطني، وهو الهدف من تقرير منظمة العفو الدولية التي ألقت باللوم كله على المشير حفتر في موت الالاف في فيضانات درنة.