أكدت الدكتورة خضرة سالم، الأستاذ بكلية التربية بنات بالقاهرة ممثل الأزهر الشريف بمجلس الشيوخ المصري، أن الفتاة الأزهرية أنموذج يحتذى على مر التاريخ.
الدكتورة خضرة سالم: الفتاة الأزهرية أنموذج يحتذي على مر التاريخ
وأوضحت سالم خلال كلمتها في افتتاح (ملتقى الفتاة الأزهرية) بجامعة الأزهر أن المولى -عز وجل- كرَّم المرأة؛ كونها هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع ونهضته وتقدمه، مشيرة إلى أن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالنساء خيرًا.
وطالبت الدكتور خضرة سالم الفتاة الأزهرية أن تشعر بالفخر؛ فهي تنتمي إلى مؤسسة الأزهر الشريف برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي يرعى المرأة في جميع ميادين عملها، وقام بإعداد (وثيقة الأزهر للمرأة) التي تضمنت بنودًا قوية وهادفة تسعى لوضع المرأة في مكانتها اللائقة بها؛ لأن المرأة نصف المجتمع، والبيت هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وإذا صلح البيت صلح المجتمع،
كما طالبت الفتاة الأزهرية بأن تكون عنصر قوة في المجتمع، وأن تركز على المصلحة العامة التي ينعكس أثرها علي الجميع، وأن تكون إيجابية، وأن تبتعد عن السلبية، وألا تنجرف خلف الشائعات التي تسعي للنيل من وحدة الوطن، وأن تكون مصدرًا للسعادة، وأن تلتزم الوقار والاحترام والحشمة والحياء، فكل هذه الصفات هي سر جمال المرأة وسر سعادتها.
مستشارة شيخ الأزهر الشريف: الإسلام نظر للمرأة على أنها قوام المجتمع وأساس نهضته
أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، أن الإسلام نظر إلى المرأة على أنها قوام المجتمع وأساس نهضته وتقدمه.
وأوضحت خلال كلمتها في افتتاح (ملتقى الفتاة الأزهرية) أننا في هذه الأيام في أمس الحاجة وأشدها لأن تتبوأ المرأة المكانة اللائقة بها عضوًا رئيسًا وفاعلًا في المجتمع.
وبيَّنت أن ذلك لن يكون إلا بتقديم جميع أوجه الدعم لها، والعمل على تمكينها تمكينًا عمليًّا وفعليًّا، انطلاقًا مما لها من مكانة عالية في الإسلام، وتأثير مهم على تشكيل حياة أفراد المجتمع، عبر تنشئتهم التنشئة السليمة.
كما أوضحت أن هذا هو ما جعل الإسلام يولي المراة أهمية خاصة؛ حيث منحها الكثير من الامتيازات والحقوق، ووضع الأسس الصحيحة؛ لتمكينها في المجتمع، على أن يكون هذا التمكين من منطلق التعاليم الإسلامية والأحكام القرآنية التي وضعت كل الضمانات لذلك، وليس ما جاء به المشروع الغربي للتمكين، والذي يهدف في معظمه إلى إخراجها عن رسالتها الأساسية، وتغيير هويتها، وانسلاخها من ثقافتها الإسلامية.
وأكدت أنه من الضرورى أن يتم التمكين للمرأة المسلمة؛ بتوفير الفرص الكاملة لها للتطور والتقدم في مختلف مسارات حياتها المجتمعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وبحيث تصبح عنصرًا فعالًا في تحقيق نهضة المجتمع وتقدمه، على أن يكون هذا التمكين متماشيًا مع هويتنا وثقافتنا الإسلامية الأصيلة، وأن تبتعد عن ذلك النموذج الغربي المليء بالعيوب والمساوئ الذي لا يتناسب وطبيعة ديننا الحنيف، وشريطة أن تتمسك المرأة المسلمة بما حباها الله تعالى من خصوصية فريدة.
وأوضحت أن الإسلام قد كفل للمرأة حقوقها كاملة، وأوصى القرآن الكريم، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من موضع بها، وهناك الكثير من الأحاديث والآيات القرآنية التي دعت إلى إعطاء المرأة حقوقها، ودعت إلى رفع ما كانت تعانيه من ظلم في عصور ما قبل الإسلام، فكان ظهور الإسلام سببًا في إنهاء حقبة مظلمة تعرضت خلالها المرأة للكثير من الظلم والاضطهاد.
وبينت أن القرآن الكريم والسنة النبوية والتعاليم الدينية قد طالبت في كثير من الآيات والأحاديث بوضع المرأة في المكانة اللائقة بها، وقررت الشريعة الإسلامية لها من الحقوق ما جعلها على قدم المساواة مع الرجل؛ فبعد أن كانت المرأة في الجاهلية سبة وعارًا؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ وكانت تتعرض للكثير من الظلم، بل كان يتم وأدها رضيعة؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾، فجاء الإسلام ليرفع عنها كل هذا الظلم، ويمنحها حقوقها ليضعها شريكة للرجل، وليضع أساسًا عامًّا في شريعتنا الغراء أساسه ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، في دلالة واضحة على أنه لا فضل إلا بالتقوى، وكانت هذه هي البداية الحقيقية لتتمكين المرأة في الإسلام.
كما بينت أن السنة النبوية مليئة بالكثير من النماذج المبهرة في تمكين المرأة بعد ظلم، ورفعها بعد مهانة؛ حيث قال نبينا الكريم: «إنما النساء شقائق الرجال»، بما يعني أنه لا فرق بين المرأة والرجل إلا بالتقوى، وأن لكل منهما حقوقه وعليه واجباته، دون تمييز أو تفرقة.
وأضافت الصعيدي أن تمكين المرأة له صور وجوانب كثيرة؛ أهمها: تمكين المرأة اجتماعيًّا، وتمكينها اقتصاديًّا، وتمكينها دينيًّا، وكان الإسلام كفيلًا بكل هذه الجوانب؛ حيث كفل لها الحق في التعلم، وكفل لها ذمة مالية مستقلة، ومنحها حقوقها السياسية بالانتخاب والترشح وغيرها، فأصبح من المتاح للمرأة في الإسلام أن تنتخب لأول مرة، بل أصبح من حقها أن تترشح كوكيلة عن الرجال والنساء، بحيث تصبح نائبًا في البرلمان مثلها مثل الرجل، ما دامت امتلكت المقومات والكفاءاءت اللازمة لذلك، فكان الإسلام بذلك أول من كفل للمرأة هذا الحق، بخلاف حقوق أخرى كثيرة؛ كحق التملك، والذمة المالية المستقلة، وأهليتها في التكليف الشرعي، وأهليتها في المسئولية والجزاء، وتمكينها أيضًا من حق العمل خارج البيت، وتمكينها من حق الميراث والصداق، وتمكينها من حق البيعة والشورى والانتخاب.
إلا أنه ورغم كل ذلك، وما كفله الإسلام صراحة للمرأة من تمكين كامل للحصول على جميع حقوقها؛ فإن هناك تراجعًا كبيرًا في كثير من المجتمعات الإسلامية على مستوى منح المرأة حقوقها كاملة، وتمكينها التمكين الذي دعا له الإسلام، والذي تستحقه المرأة؛ لذا فإن الحاجة ملحة لسن بعض القوانين والتشريعات التي تضع عقوبات رادعة، وضمانات كافية لتحقيق هذا التمكين، مع بذل مزيد من الجهود لإبراز مكانة المرأة المسلمة وقيمتها في بناء مجتمعاتها، وبيان هذه الحقوق التي كفلها لها الإسلام، ووضع الحلول العاجلة لكل ما يواجهها من عقبات وتحديات، قد تكون سببًا في منع تمكينها، أو الانتقاص من حقوقها، مع وضع الضمانات اللازمة لتحصل المرأة في عالمنا الإسلامي على حقها في التعلم والرعاية الصحية وغيرها من الحقوق التي أوجبها لها ديننا الإسلامي الحنيف.
واستعرضت جهود الأزهر الشريف نحو تمكين المرأة، وأكدت على أن الأزهر الشريف كان سباقًا في عنايته ورعايته للمرأة ومنحها حقوقها كاملة غير منقوصة، وكان لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الكثير من الإجراءات والقرارات التي مكنت للمرأة في الأزهر الشريف؛ فرأينا -وللمرة الأولى- المرأة تتولى مناصب لم تكن متاحة لها في الأزهر الشريف من قبل؛ فرأينا أول مستشارة لشيخ الأزهر الشريف، ورأينا أول امرأة تشغل منصب الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، ورأينا أول امرأة تشغل منصب «رئيس الإدارة المركزية في الأزهر»، وكانت كل هذا المناصب من قبل حكرًا على الرجال دون النساء، فجاء فضيلة الإمام الأكبر ليمنح للمرأة تمكينًا حقيقيًّا وعمليًّا، وكان لفضيلته القدوة والنموذج في تحقيق التمكين.
وبينت أن الهدف من تمكين المرأة المسلمة هو منحها كل حقوقها كاملة في جميع المجالات الحياتية: السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وبحيث تصبح جزءًا من بناء الأمة ونهضتها، فمن خلال التمكين الفعلي للمرأة يمكن للدول الإسلامية أن تحقق خططها التنموية، وأن تعزز خططها لتحقيق العدالة الاجتماعية، على اعتبار أن المرأة قوة لا يستهان بها في الإنتاج، كما يجب تمكينها من التعلم، ووضع كل الفرص والإمكانات أمامها، وقد أثبتت التجارب ما تمكنت المرأة المسلمة من تحقيقه على المستوى العلمي، شريطة توفير الفرصة كاملة أمامها، فرأينا أكثر من نموذج عالمي لنساء مسلمات، أسهمن في تقدم مجتمعاتهن.
وطالبت ببذل المزيد من الجهود في مجتمعاتنا المسلمة لتمكين المرأة في جميع المجالات الحياتية في التعليم عبر تشجيعها على التعليم وتوفير الفرص التعليمية الكاملة لها، وفي القيادة عبر تشجيعها على تولي المناصب القيادية في جميع مناحي الحياة، وفي المشاركة السياسية، عبر تشجيعها على الانتخاب والترشح، وأيضا تمكينها اقتصاديًّا، عبر توفير فرصها في ريادة الأعمال، وتوفير فرص عمل عادلة لها، مع تمكينها من الاستقلال الاقتصادي وامتلاك ذمة مالية مستقلة، فكل ذلك يسهم دون أدنى شك في تحقيق النهضة لمجتمعاتنا المسلمة، وتحقيق ما تسعى إليه من خطط للتنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي.