يبدو أن الاتحاد الأوروبي قرر أن يبحث عن مصادر تمويل إضافية للحرب الأوكرانية الروسية، في ظل استمرار جهود دعم أوكرانيا، وزيادة التسليح لجيشها، لمواجهة طموح الدب الروسي لانجاح خططه في الحرب ضد أوكرانيا، حيث تسعى أوروبا لموقف طموح الرئيس المعاد انتخابه لمدة 6 سنوات فلاديمير بوتين، وبالتوازي مع البحث عن تلك المصادر المالية، يسعى الاتحاد إلى خلق منظومة تسليح ذاتية داخل دول أوروبا، وزيادة تمويل صناعة الأسلحة للحفاظ عن الأمن القومي الأوروبي.
وبحسب تقرير نشرته صحيفةzdf الألمانية، فإن دول الاتحاد تسعى للاستفادة من الأموال الروسية المجمدة داخل دول العالم، وبالفعل بدأ الحديث علنا داخل مفوضية الاتحاد الأوروبي لتنفيذ تلك الفكرة، وبالأكيد سوف يكون الهدف الأول لاستخدام تلك الأموال هو توفير الأسلحة المطلوبة لاستكمال أوكرانيا لحربها ضد الجيش الروسي، وهنا نرصد تفاصيل التحركات الجديدة للاتحاد الأوروبي.
دخل الفوائد للحفاظ على أصول التمويل
وبحسب تقرير الصحيفة الألمانية، تريد مفوضية الاتحاد الأوروبي شراء أسلحة من أوكرانيا باستخدام دخل الفوائد من الأصول الروسية المجمدة، وبالنسبة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فإن الأمر واضح: "لا يمكن أن تكون هناك رسالة أقوى ولا استخدام أفضل لهذه الأصول من استخدامها لجعل أوكرانيا وأوروبا بأكملها مكانًا آمنًا للعيش فيه"، وهذا ما صرحت به في ستراسبورج الأسبوع الماضي.
فيما يوضح جوزيب بوريل هذا الأمر بشكل ملموس في تصريحاته اليوم، حيث قال إن الاتحاد الأوروبي يريد إضافة 90% من دخل الفوائد من الأصول الروسية المجمدة إلى مرفق السلام الأوروبي، وهذا من شأنه أن يزيد من المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا، وأعلن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي هذا الاقتراح منتصف النهار في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال، وبحسب بوريل، فسوف يتم تحويل الأوراق النقدية إلى أسلحة، حيث من المقرر أن يناقش رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي هذا الأمر في قمتهم التي تبدأ يوم الخميس، وأضاف: "آمل أن نتمكن بسرعة من التوصل إلى اتفاق وتحويل الأوراق النقدية إلى أسلحة، فالجنود يحتاجون إلى أسلحة في أيديهم للدفاع عن شعبهم".
الأموال الروسية مجمدة في الاتحاد الأوروبي
وبحسب الخطوات التي اتخذها الاتحاد على بدء روسيا لحربها ضد أوكرانيا، جمد الاتحاد الأوروبي أصول الدولة الروسية المستثمرة في الاتحاد الأوروبي في فبراير 2022، حيث تم تجميد حوالي 260 مليار يورو، إلى جانب دول مجموعة السبع وأستراليا، معظمها أصول البنك المركزي الروسي.
وبحسب تقرير الصحيفة الألمانية، فإن أكثر من ثلثي هذا المبلغ، أي حوالي 210 مليار يورو، موجود في الاتحاد الأوروبي، وقد اتخذ الاتحاد إجراءات اقتصادية، بحسب يكون لتلك الأموال عائد مالي سنويا، ونتيجة لتلك السياسات، فإن الاتحاد الأوروبي. يكسب فائدة، تصل إلى ثلاثة مليارات يورو سنويا.
انتقادات حادة.. على الاتحاد الأوروبي مصادرة الأصول ذاتها
بنجامين هيلجنستوك يقوم بإجراء الأبحاث والتدريس حول العقوبات الروسية في كلية كييف للاقتصاد والجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، وفي مقابلة معZDFheute، انتقد الاتحاد الأوروبي لعدم جرأته على الاستيلاء على الأصول بنفسه، وقال : "يتطلب الوضع أن نحاسب روسيا على جرائمها والأضرار التي تسببها في أوكرانيا، وكذلك من خلال الاستيلاء على أصول روسيا لإعادة بناء أوكرانيا"، ولكن هيلجنستوك يضيف: "ولكن يبدوا أنه لا يوجد ثقة في قدرة الاتحاد على اتخاذ خطوة مصادرة الأصول الروسية، فعلى الرغم من عقوبات الاتحاد الأوروبي، فمن الصعب تعقب أصولهم".
ويتساءل الباحث: "في أي مكان آخر في أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى يمكن جمع هذه الأموال فيها، ويقدر البنك الدولي تكلفة إعادة الإعمار بنحو 500 مليار يورو، ولكن القيمة الحقيقية في القرار المنتظر هو معاقبة النظام الروسي، فلماذا لا يتم اتخاذ خطوة مثل تلك".
هيلجنستوك: مصادرة أموال الدولة الروسية أمر محتمل
وبحث هيلجينستوك، فإنه يجب أن تؤخذ المخاوف القانونية بعين الاعتبار، ويقول: "علينا أن نمنع روسيا من جرنا إلى المحكمة في مرحلة ما مما يؤدي إلى خسارتنا هناك، وإذا قمنا بخطوة مصادرة الأموال فيجب أن تكون خطوة وفقا لخطوة قانونية، وإلا فسيكون الأمر كارثيًا، وبالنظر للواقع، فقد تصرفت الدولة الروسية بشكل ينتهك القانون الدولي، لذلك سيكون من الممكن في المقابل مصادرة أصول الدولة الروسية".
وعندما سئل عما إذا كانت الدول الأخرى ستسحب احتياطياتها من الاتحاد الأوروبي، قال هيلجنستوك: "إذا كان عليك كبنك مركزي استثمار مئات المليارات من الدولارات، فعليك أن تفعل ذلك في مراكز مالية موثوقة وفي أصول سائلة، فالخيارات المتاحة كثيرة"، ومن غير المرجح نسبيا أن تقوم الصين، على سبيل المثال، بالتخلص من احتياطياتها في هيئة ذهب، وهذه ليست الطريقة التي تعمل بها إدارة احتياطيات البنك المركزي".
وفي المقابل هل تستطيع روسيا مصادرة أصول شركات الاتحاد الأوروبي في روسيا؟ تعتبر الأعمال الانتقامية الروسية حجة شائعة، ويقول هيلجنستوك: "ربما، ولكن روسيا تفعل ذلك على أي حال وبشكل مستقل تماما عما نفعله بالاحتياطيات الروسية".