أودعت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني وعضوية المستشارين غريب عزت ومحمود زيدان، حيثيات الحكم على محمد بديع مرشد الجماعة الإرهابية، ومحمود عزت القائم بأعمال المرشد وآخرين بالإعدام شنقا، والسجن المؤبد لـ آخرين في القضية التي عرفت إعلاميا بـ أحداث المنصة.
[[system-code:ad:autoads]]
حيثيات الحكم في قضية أحداث المنصة
وقالت المحكمة في أسباب الحكم بـ قضية أحداث المنصة، إن جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في إثر ثمانية وعشرين عاما خَلُونَ من القرن الماضي في مدينة الإسماعيلية على يد واضع لبناتها الأولى المدعو حسن البنا - موحياً لأتباعه ومريديه زخرفًا من القول غُرُورًا ويكأنه يدعو لجماعة ربانية لنشر الدعوة الإسلامية ومن خلف ستار تلك المزاعم تسرطنت الجماعة في جسد الدولة المصرية، وتوغلت في مجتمعها فغيبت عقول أذنابها الجماعة لا تعترف بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية للدول الإسلامية، بزعم أن كل بقعة من المعمورة فيها مسلم هي وطن للجماعة، يستوجب من أشياعها ومن والاهم الجهاد في سبيله وصولاً لأستاذية وسيادة العالم بدعوى إعادة الخلافة الإسلامية مجدداً من خلال هدم أنظمة تلك الدول - باستخدامها القوة والعنف والتهديد والإرهاب وترويع المواطنين وتعريض حياتهم للخطر، بمسوغ أن حياة المسلم وماله ليس له فيهما شيء، وإنما هما وقف على نجاح دعوة الجماعة، وأن الجهاد بنشر هذه الدعوة، وتعميمها بين الناس بالحجة والبرهان، فإن أبوا إلا العسف والتمرد على تلك الدعوة - فبالسيف والسنان، حتى بات العنف شيمة جماعة الإخوان المسلمين وديدنها، وسفك دماء كل من جابه أطماعها ووقف في وجه مراميها - منهاجا للجماعة وشرعة لكهنتها، ولا عاصم لتابعيها من استباحتهم القتل - فلا يحسون عليه بعد اقترافه ندماً، ولا يحسون منه قبل اقترافه رهبة أو خوفاً - ويكأنهم شذاذاً قد أفلتوا من قوانين الطبيعة الإنسانية التي تكبر الحياة لإنسانية، وتعظم الاعتداء عليها.
وتابعت المحكمة في حيثيات قضية أحداث المنصة، إذ أمكن لجماعة الإخوان المسلمين تولي مقاليد الحكم في البلاد - فلم يرقبوا في مصر وشعبها إلا ولا ذمة، وأماط سدنتها اللثام عن وجهها القبيح وأغراضهم الحقيقية في ارتقاء سدة الحكم في البلاد من بعد أن عميت أبصارهم إلا عن نشب مخالبهم في مفاصل الدولة إعلاء لمبدأ أن تسيد الجماعة مقدم على الولاء للوطن، مما تردى بأوضاع البلاد في مدارك الهاوية، فما كان من شعب مصر إلا أعلن رفضه لنهج الجماعة وممثلها في مؤسسة الرئاسة - الرئيس الأسبق للبلاد ، فهبوا للمطالبة بعزله واستئصال شأفة جماعته الإرهابية لائذين بحمى الله ثم جيش مصر وشرطتها - اللذين ما كانا ليصما آذانهما عن استغاثة بني وطنهما - فخرجت جموع الشعب المصري إلى الميادين العامة بالقاهرة والمحافظات للتنديد بسياسات الرئيس الأسبق، وما لحق بالبلاد في ظل حكمه وجماعته من تردي للحالتين الاقتصادية والاجتماعية الذي وصلت إليه البلاد آنذاك - مستجيرة بجيش مصر بدعوات النزول في ٢٠١٣/٦/٣٠ لمطالبة القوات المسلحة بمواجهة إرهاب الجماعة.
وأضافت المحكمة في حيثيات أحداث المنصة، أنه وعلى إثر تلك الدعوات فقد اضطلعت قيادات التنظيم الإخواني - أعضاء مكتب الإرشاد العام بعقد عدة لقاءات تنظيمية فيما بينهم – تدارسوا خلالها الموقف المنصرم بيانه واتفقوا على البدء في تحرك مضاد ومحاولة استباق الجماهير المعارضة للحكم الإخواني في النزول إلى الميادين، وكدأبهم نعقوا معلنين نفيرهم العام في صفوف الجماعة للتهديد والوعيد لمن سيلبى تلك الدعوات، والتحريض على قتلهم بإقرار تلك القيادات سبيل العنف منهجاً لإجهاض هذا التحرك، وإعاقة حركة النقل والمواصلات داخل القاهرة، ووسائل الانتقال إليها من المحافظات الأخرى، وكذا حصار المؤسسات العامة، ودواوين الوزارات وتعطيلها عن أداء عملها، وإحداث حالة من الفوضى العامة بالبلاد لإرهاب جمهور المواطنين، وبث الرعب في نفوسهم لإثنائهم جبراً عن تلبية دعوات الخروج، وفي أعقاب نزول ملايين المصريين في تظاهرات حاشدة بالقاهرة وعدد من محافظات الجمهورية المختلفة يوم ۲۰۱۳/۹/۳۰ ولتصاعد الأمور بالحشد ٢٠١٣/٦/٣٠ والحشد المضاد، بما يهدد الأمن القومي للبلاد و وحدتها وسيادتها.
وأفادت حيثيات المحكمة في قضية أحداث المنصة، وانصياعا لأمر جموع الشعب المصري بإقصاء ذلك النظام الخوان وإسقاط شرعية ممثل تلك الجماعة - الرئيس الأسبق محمد مرسي - وإزاحته وجماعته عن إيوان الحكم، فقد صدر بيان القوات المسلحة بتاريخ ۲۰۱۳/۷/۳ متضمناً عزل (محمد مرسي) وتعطيل العمل بالدستور، ووضع خارطة طريق المستقبل البلاد السياسي، مما أشعل شرارة الكراهية في نفوسه الجماعة الإرهابية وأوقد نار الضغينة، وهو ما أوغر قلوب كهنتها من قادتها وكوادرها وأعضائها ومن شايعهم، وأبى كل أولئك النزول علي إرادة الشعب المصري، فشيدوا أعمدة نواياهم بإزهاق أرواح كل من نقض غزلهم أنكاثاً، واشتد غيظهم ومزجوه بردود أفعال عنيفة فأخذتهم حمية الجاهلية الأولي العنف منهاجاً لا يتجزأ من استراتيجية ذلك التنظيم الإرهابي لائذين بحمى فنعقوا بما لم يسمعوا إلا دعاء الإرهاب ونداءه في سبيل عودة ممثلهم إلى السلطة.
اضطلعت معه قيادات التنظيم الإخواني متمثلين في كلا من المتهمين محمد بديع عبد المجيد محمد سامي، والسيد محمود عزت إبراهيم، ومحمد محمد إبراهيم البلتاجي، وصفوة حمودة حجازي إبراهيم، وأسامة ياسين عبد الوهاب محمد، على إمداد عناصر الجماعة من المعتصمين بمختلف الأسلحة الآلية والمحلية، والذخائر والمولوتوف - لصد أي محاولة لفض الاعتصام ، وكذا استخدام تلك المؤن في مسيراتهم وتجمهراتهم بهدف إحداث الفوضى والتخريب، وزعزعة الأمن ودفع الأجهزة الأمنية للاشتباك مع المعتصمين لتصوير أجهزة الدولة في وضع قتلة متظاهري ومعتصمي ميدان رابعة العدوية وما يتلوه من تجمهراتهم لإيقاع الفتنة وشق صف الشعب المصري، ليستحيلوا أهل مصر وكأنهم شِيَعًا يُقتل بعضهم بعضا - من بعد ما جبلوا على الكفر بقيمة الأوطان فلا يعترفون بها - فما الوطن في عقيدة جماعة الإخوان المسلمين ،وكهانها، وسدنتها - إلا حفنة من تراب تذره الرياح حيث تهوى بهم مراميهم وغاياتهم، وما الدين لديهم إلا زينة يتحلون بها وصولاً للسيطرة والاستحواذ، ولا مانع لديهم من تدمير الدولة للوصول لهدفهم في أكذوبة الخلافة الإسلامية.
واتفقت تلكم العناصر القائدة، والموجهة للمعتصمين مع من والاهم من المتطرفين - المتهمين " الهاربين " عاصم عبد الماجد محمد ماضي، ومحمد عبد المقصود محمد عفيفي على تحريض المعتصمين وحشدهم للقيام بمسيرة ضخمة بطريق النصر، ومحاولة السيطرة عليه، ومد نطاق الاعتصام بتجمهر مستقل عنه - لإحداث شلل بمنطقة مدينة نصر والمحاور المؤدية منها وإليها من بعد أن اتفقوا على إحلال الجماعة بالوطن - رافضين له، وفي مساء يوم ٢٠١٣/٧/٢٦ ، وبناء على تكليف من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ومن بينهم المتهمين محمد محمد إبراهيم البلتاجي، صفوة حمودة حجازي إبراهيم وأسامة ياسين عبد الوهاب محمد - تحرك ما يزيد على الألفين من معتصمي ميدان رابعة العدوية - بعضهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والبعض منضم لجماعات محظورة موالية لجماعة الإخوان المسلمين وما كانت مشاركتهم إلا لطاعتهم العمياء لما أصدرته قياداتهم من مدبري التجمهر لهم من التكليفات غرض التجمهر ، وقد جمع المتجمهرون غرض إرهابي واحد هو مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً للغرض من تجمهرهم، من بعد أن توحدت نياتهم على الاعتداء بكافة أشكاله وصوره، وظلت هذه النية تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور.
تسلحت عناصر من بين ذلكم المتجمهرين بالأسلحة النارية والخرطوش والأسلحة البيضاء، وزجاجات المولوتوف، والعصى، والحجارة - أمدهم بها المتهمون من الأول حتى الثامن بأمر الإحالة - سالفي الذكر، وصولاً إلى زعزعة الأمن والسلم الاجتماعي وإشاعة حالة من الفوضى، وتمكن المتجمهرون من السيطرة على طريق النصر، واقتلعوا أرصفته وأقاموا سواتر من بلاطات الأرصفة المقتلعة، وذلك بهدف إرباك المشهد السياسي والتغطية على خروج المؤيدون للفريق عبد الفتاح السيسي، وفي الساعات الأولي من صباح اليوم التالي تزايدت أعداد المتجمهرين لقرابة الخمسة آلاف متظاهر ولعلمهم بتمركز قوات الشرطة بمطلع كوبري ٦ أكتوبر، وبالقرب مـن نـادي السكة الحديد - فقد توجهوا صوب مطلع الكوبري من ناحية طريق النصر بغرض السيطرة عليه، عاقدون العزم المصمم على قتل أياً من رجال الشرطة المرابطين بمسرح الأحداث وكذا على المواطنين المتوجهين من وإلى ميدان التحرير - المعارضين لتوجهاتهم من بعد ما عقدوا العزم المصمم على قتل من يجدوه أو يصادفوه من المعارضين لأفعالهم العدائية - فما كانوا للمصريين إخوانا ولا للسلمية مسلمين، وما أن أدرك المتجمهرون قوات الشرطة المتمركزة بمطلع كوبري أكتوبر إلا وقاموا بالتعدي عليهم بالأسلحة المختلفة.
والمحكمة وهي بصدد تقدير العقاب الذي يتناسب مع الفعل الإجرامي المسند للمتهمين - الأول محمد بديع عبد المجيد محمد سامي والثاني محمود عزت إبراهيم إبراهيم والثالث محمد محمد إبراهيم البلتاجي والرابع عمرو محمد ذكي محمد " والخامس" أسامة يس عبد الوهاب محمد" والسادس " صفوة حمودة حجازي "رمضان" والسابع عاصم عبد الماجد محمد ماضي" والثامن محمد عبد المقصود محمد عفيفي - لا تجد من سبيل للرأفة ويتعين القصاص منهم حقا وعدلاً والحكم عليهم بإجماع آراء أعضاء المحكمة – بالإعدام امتثالاً لقوله تعالى «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تَقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ».